في صبيحة يوم جديدٍ ، تسللت نسمات الهواء البارد من النافذة لتداعب وجهي ، فتقلبت يمنةً ويسرةً ، فتحت عيناي ، لقد أفقت على أصوات صبية يلهون في الحي ، أغمضت عيني ورحت في سبات عميق وفجأة أفقت وإذا بعيني تسترق نظرة إلى ساعة الحائط لقد كانت التاسعة والنصف يا إلهي ما هذا ؟! لقد تأخرت ، نهضت على عجلة من أمري تاركة سريري الدافئ ، اتجهت إلى خزانتي بل إلى حقيبتي بل إلى مرآتي ، بماذا سأبدأ ؟
أأغسل وجهي ؟ أأرتدي ثيابي ؟ أم أأقف أمام مرآتي ؟ لم يبقَ من الوقت غير نصف ساعة لألمم كياني لأعد حاجياتي .........ماذا بوسعي أن أفعل ؟ ما زلت أذكر آخر رسالة قرأتها في هاتفي النقال ، لا تتأخري فموعدنا الساعة العاشرة ، يا ويلتي سأتأخر ، سأتهم بعدم احترام المواعيد ....... هل أسبق الزمن وأبعث رسالة اعتذار ؟
ولكن ما هي إلا لحظات وإذا بي أسمع صوت الهاتف يرن وامصيبتاه ! وعندها قررت بلا تفكير الرد ، سمعت صوته سمعت صوتها لم أعلم من المتصل ! نعم ، سمعت واستغربت التحية : مساء الخير هذا ما سمعت
أصبت بالذهول أحسست بأني فقدت الوعي لحظات ، أطلقت بعدها لعيني العنان فأمعنت النظر في أنوار البيت أنوار الحي ، عقارب الساعة الذهبية كانت تشير إلى التاسعة وخمس وأربعين دقيقة مساءً ، عندها ارتميت على المقعد وأخذت نفساً عميقاً ، وعرفت كم كنت ساذجة !وهل تخفى ظلمة الليل على أحد ؟ هل استوى عندي النور والظلام ؟ فعدت بذاكرتي إلى الوراء واستعدت بعض الأحداث ، لقد مر وقت ليس بالقصير وأضناني طول الانتظار ، شتتني الأفكار ، تقاذفتني الأحداث وتساءلت : ماذا سيحدث ؟ كم من الأحداث ستضيع لو أنني تأخرت ؟ كم من السخافات والساعات ستضيع ندما لو ما كنت أفقت ؟
عذراً إخوتي إنها مجرد قصة اختلقت ، ولأفكارها ما رتبت ، وبعنوانها تحيرت ، ولكن من الواقع لمست ، وفي ثناياها الهدف قصدت
ولقد فاتني أن أقول لكم إن موعدي كان مع أحد المسلسلات التركية المدبلجة التي تعرض على قنواتنا العربية ، ولقد لاقت هذه المسلسلات الهابطة من احترام وتقدير من أبنائنا وبناتنا الكثير هذه المسلسلات التي قزَّمت عقول شبابنا ومزقت قلوب بناتنا وسمرت كبارنا وصغارنا في مقاعدهم وأضاعت من أعمارهم ساعات وساعات على مر عدة شهور
فأين نحن من احترام مواعيد الصلاة ؟ أين نحن من الصلاة الفائتة ؟ أين نحن من احترام مواعيد العمل ؟ أين نحن من هذا كله ؟
أهذا ما أراده الإعلام أن يقيد حريتنا يومياً أن يدمر عقولنا وقلوبنا ؟ لقد اندلعت حرب الثقافة الرخيصة ولاقت مروجين لها ، فمن سيضع أوزارها ؟فالمسلسل يتلوه مسلسل آخر في نفس الموعد وعلى نفس المحطة الفضائية . لقد أراد الإعلام مجتمعاً لاهياً ضائعاً سيفيق كل يوم على مزيد من الغلاء من الإجحاف من النكران من الإنحطاط
وعذراً مرة أخرى فالأمر يمس بيوتنا وبيوت من نحب ، وسأترك لكم الحديث والتعليق ، وقد فضلت اللجوء إلى هذه الطريقة لعرض الظاهرة الغريبة التي لاقت الكثير الكثير من الإطراء لدى البعض ، وكلي أمل أن تنال طريقة العرض إعجابكم وبانتظار ردودكم وتعليقاتكم الهادفة
ودمتم في رعاية الله وحفظه
أختكم ريانة عبدالله