بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من أعلام الأندلس ابن الرقام أبو عبد الله محمد الأوسي الأندلسي الفلكي والمهندس والطبيب
1 ـ اسمه:
هو أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن أحمد بن يوسف بن الرقام الأوسي المرسي التونسي الأندلسي المعروف بابن الرقام. فلكي، ورياضي، ومهندس، وطبيب.
2 ـ حياته:
ولد أبو عبد الله ابن الرقام في مرسية الأندلسية، ونشأ وتعلم فيها إلى أن دخلها الملك الفونسو العاشر في سنة (665هـ)، غادرها قاصداً مدينة بجاية وعاش فيها إلى أن استدعاه ثاني ملوك غرناطة من بني نصر محمد الثاني( حكم من سنة 672هـ إلى أن مات في سنة702هـ).
قرأ ابن الرقام على علماء غرناطة الفقه والعلوم والطب والفلك. وسافر إلى تونس وأمضى فيها بعضاً من الوقت وألف فيها بعض كتبه( لذلك أهل غرناطة يدعونه التونسي، وسكان شمال أفريقية يكنوه الأندلسي)، ثم عاد إلى غرناطة وبقي نزيلها، وأصبح عالماً مشاركاً في الحساب والأصول والهيئة والطب والهندسة والجبر ومقابلته، ودوَن في هذه العلوم عدة تواليف. وممن أخذ عنه ولازمه كثيراً أبو زكريا يحيى بن أحمد بن هذيل التجيبي(ت753هـ)
قال عنه لسان الدين ابن الخطيب: " من أهل مرسية، نزيل غرناطة، ويعرف بابن الرقام، الشيخ الأستاذ المتفنن. كان نسيج وحده، وفريد عصره، علماً بالحساب والهندسة والطب والهيئة، وغير ذلك. مديد الباع، أصيل المعرفة، مضطلعاً، متبحراً لا يشق غباره. أقرأ التعاليم والطب بغر ناطة لما استقدمه السلطان ثاني الملوك من بني نصر من مدينة بجاية، فانتفع الناس به. وأوضح المشكلات، وسيل من الأقطار النازحة في الأوهام العارضة، ودَون في هذه الفنون كلها، ولخص، ولم يفتر من تقييد وشرح وتلخيص وتدوين. وتواليفه كثيرة ".
توفي ابن الرقام في غرناطة عن سن عالية في الحادي والعشرين من شهر صفر سنة (715هـ).
3 ـ مؤلفاته:
تحدث ابن حجر عن مؤلفات ابن الرقام فقال: " قرأ بغرناطة وانتفع الناس به لحله المشكلات ودون في هذه الفنون عدة تواليف.. وتصانيفه كثيرة ".
وضع ابن الرقام مؤلفات كثيرة في الطب والرياضيات والفلك والفقه.
أ ـ الفلك:
ـ الزيج الشامل في تهذيب الكامل: ألفه سنة(679هـ) ويضع في جداوله أصول الحركات
لمدينة بجاية. ويوجد نسخة منه في المتحف القنديلي باستنبول برقم(249).
ـ رسالة في علم الظلال: يوجد نسخة منه في الاسكوريال الأولى برقم(7/913) والثانية برقم (12/918).
ـ الزيج القويم في فنون التعديل والتقويم: : وضعه في تونس. ويوجد نسخة منه في المكتبة
العامة بالرباط برقم (260).
ـ تعديل مناخ الأهلة.
ـ الزيج المستوفي.
ب ـ الرياضيات:
ـ التنبيه والتبصير في قواعد التكسير: أوله: التكسير صناعة: ينظر فيها في مساحة الأشكال. ويوجد نسخة منه في الخزانة الحسنية بالرباط برقم(4749).
ت ـ الطب:
ـ الكتاب الكبير: على طريقة كتاب الشفا لابن سينا.
ـ كتاب الحيوان والخواص.
ـ خلاصة الاختصاص( أو الاختصار) في معرفة القوى والخواص.
ـ علاج الأمراض.
ـ التأليف في الطب: ويتألف من جزأين. يوجد نسخة منه في الخزانة العامة في الرباط برقم(2667).
ث ـ الفلاحة:
ـ تقييد في كتاب الفلاحة النبطية: اختصر فيه كتاب الفلاحة النبطية لابن وحشية(ت296هـ). ويوجد نسخة منه في الخزانة العامة بالرباط برقم(1681د).
ج ـ الفقه:
ـ كتاب قيد أبكار الأفكار: في الأصول.
ـ تلخيص المباحث.
4 ـ ابن الرقام وكتابه الزيج الشامل في تهذيب الكامل:
وضع ابن الرقام كتابه "الزيج الشامل" في سنة(679هـ)، يتألف هذا الكتاب من: المقدمة، والفهرسة الموضوعة لأبوابه التي يبلغ عددها(145) باباً، ومجموعة كبيرة من الجداول الفلكية، والخاتمة.
يوضح ابن الرقام منهجه في مقدمة كتابه، فقال: " فإني لما رأيت أكثر الأزياج المؤلفة للتعديل محتاجة إلى الإصلاح في كل جيل وآن فاقتضى ذلك إلى أن أولف زيجاً في التعويل إليه وأعول عليه وأبقيت للفقيه أبي الحسن بن عبد الحق القافي شهرته بابن الهائم في كتاب سماه بالكامل خلفه أعمالاً برهانية دون جداول غير أنه صحيح الأعمال سالم من الخطأ والاختلال لكن عرض لـه إكثار وتطويل، إذ جمع فيه بين هيئة وتعديل وقربته للطالب وأوضحت مافيه من المطالب وجددت تعاديله وهذبتها تهذيباً واستخرجت جداوله بالحساب وركبتها تركيباً وكملت للمذكور ما جمعه. لما رأيت في ذلك من عظيم المنفعة وسميته بالزيج الشامل في تهذيب الكامل ".
وفي خاتمة الكتاب يقول: " والله الموفق للصواب لارب غيره ولامعبود سواه كملت الأعمال بحمد الله تعالى وحسن عونه وتتلوه الجداول المذكورة في سائر الأعمال المتقدمة بحول الله تعالى وقوته ".
يمكن تقسيم كتاب الزيج الشامل إلى ثلاثة أقسام هي:
ـ القسم الأول: من الباب /1/ إلى الباب /76/ هي عبارة عن ملخصات لأبواب مقابلة لها في كتاب "الزيج الكامل في التعاليم" لمؤلفه أبو محمد عبد الحق الغافقي الإشبيلي المعروف بابن الهائم الذي كتبه بحدود سنة (602هـ) الذي أهداه للخليفة الموحدي أبي عبد الله محمد الناصر الذي حكم من (595هـ إلى 609هـ).
ـ القسم الثاني: من الباب /77/ إلى الباب /145/ هي من تأليف ابن الرقام.
ـ القسم الثالث: ويتضمن الجداول الفلكية ويبلغ عددها /71/ جدولاً.
وتحتوي الأبواب على المواد الأساسية لحساب طول الشمس والقمر والكواكب وسلسلة من المسائل الفلكية. ومن أبوابه:
ـ الباب الأول: في بسط أصول التواريخ المستعملة عند أكثر الأمم.
ـ الباب الثاني: في معرفة التواريخ ومبادئها.
ـ الباب السابع: في صرف السنين العربية إلى الفارسية والرومية.
ـ الباب الخامس عشر: في معرفة أبعاد نصف نهار القبة عن نصف نهار سائر البلاد
المعلومة الأطوال.
ـ الباب العشرون: في معرفة ساعات التعديل.
ـ الباب الثامن والعشرون: في معرفة بعد موضع القمر..
ـ الباب الثامن والثلاثون: في معرفة ميل الشمس...
ـ الباب السادس والأربعون: في معرفة أزمان رجوع الكواكب المتحيرة واستقامتها.
ـ الباب الواحد والخمسون: في معرفة مطالع الفلك المستقيم..
ـ الباب الستون: في معرفة أزمان الساعات النهارية والليلية بالجدول.
ـ الباب الخامس والسبعون: في معرفة ميول أجزاء فلك القمر المائل عن فلك البروج..
ـ الباب الثامن والثمانون: في معرفة درجة الطلوع والغروب للكوكب من قبل المطالع الأفقية.
ـ الباب التسعون: في استنباط الظل من الارتفاعات وبالعكس.
ـ الباب المائة: في معرفة ارتفاعات الكواكب من قبل الطالع والعاشر.
ـ الباب العاشر والمائة: في معرفة تحويل السنين والشهور.
ـ الباب الثاني عشر ومائة: في معرفة الأبعاد التي تكون بين كوكبين من الدائرة العظيمة..
ـ الباب السادس والعشرون والمائة: في عمل بهوت النيرين وسائر الكواكب.
ـ الباب الثالث والثلاثون والمائة: في معرفة أزمنة الكسوفات القمرية..
ـ الباب الثالث والأربعين والمائة: في معرفة عروض البلدان بالرصد.
ـ الباب الرابع والأربعين والمائة: في معرفة أطوال البلدان لرصد كسوفاً قمرياً..
ـ الباب الخامس والأربعين والمائة: في معرفة مرور الكواكب بعضها فوق بعض ..
وفي خاتمة الأبواب يضع ابن الرقام الجداول المتعلقة في حساب أطوال الشمس والقمر وبقية الكواكب( جداول الحركة الوسطى وتعديل الكواكب)، بالإضافة إلى الجداول التي تسمح بحساب ميل فلك البروج، وحركة الفلك الخارج المركز للشمس، وحركات الأوجات، الإقبال والإدبار، بهت القمر، أطوال وعروض الأماكن.
وابن الرقام في جداوله يبدأ بذكر المحلات الغربية متجهاً نحو المشرق، ويقع جدوله تحت تأثير مجموعتين من الجداول التي سبقته هما:
ـ المجموعة الأولى: الجداول الأندلسية المغربية.
ـ المجموعة الثانية: الجداول الشرقية من أمثال بطليموس والخوارزمي.