بارك الله فيك أخي الكريم وأحسن الله إليك
الشريعة السمحة تأمرنا بالأخذ بالأسباب وتنهانا عن الاعتماد عليها
فالأخذ بالأسباب واجب والاعتماد عليها كفر..وبناءً عليه فالحزر مطلوب وهو يُعتبر أخذ بالأسباب ولكن لاينبغي أن نعتمد على السبب لدرجةٍ ننسى [المسبب
]فاالأخذ بالأسباب هو هدى سيد المتوكلين على الله – صلوات الله و سلامه عليه - في يوم الهجرة و غيره ، إذ عدم الأخذ بالأسباب قدح في التشريع، و الاعتقاد في الأسباب قدح في التوحيد ، و قد قال السلف : ليكن عملك هنا و نظرك في السماء ، و في الحديث عن أنس بن مالك – رضى الله عنه – قال : قال رجل : يا رسول الله أعقلها و أتوكل ، أو أطلقها و أتوكل ؟ قال : "اعقلها و توكل " رواه الترمذي وهوحسن وقال عليه الصلاة والسلام "لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر، وفر من المجذوم كما تفر من الأسد"، رواه البخاري وأحسن ما قيل فيه قول البيهقي، وتبعه ابن الصلاح وابن القيم وابن رجب وابن مفلح وغيرهم أن قوله: "لا عدوى" على الوجه الذي يعتقده أهل الجاهلية من إضافة الفعل إلى غير الله تعالى، وأن هذه الأمور تعدي بطبعها، وإلا فقد يجعل الله بمشيئته مخالطة الصحيح من به شيء من الأمراض سبباً لحدوث ذلك؛ ولهذا قال: "فر من المجذوم كما تفر من الأسد"، وقال: "لا يورد ممرض على مصح"، وقال في الطاعون: "من سمع به في أرض فلا يقدم عل
كيف نوفق بين الحديثين الشريفين : ( لا عدوى ولا طيرة) و ( فر من المجذوم فرارك من الأسد) ؟
لا منافاة عند أهل العلم بين هذا وهذا ، وكلاهما قاله النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال : ( لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر ولا نوء ولا غول) متفق عليه
وذلك نفي لما يعتقده أهل الجاهلية من أن الأمراض كالجرب تعدي بطبعها وأن من خالط المريض أصابه ما أصاب المريض ، وهذا باطل بل ذلك بقدر الله ومشيئته وقد يخالط الصحيح المريض المجذوم ولا يصيبه شيء ، كما هو واقع ومعروف ،
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لمن سأله عن الإبل الصحيحة يخالطها البعير الأجرب فتجرب كلها ؟ قال له عليه الصلاة والسلام : (فمن أعدى الأول) متفق عليه .
وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( فر من المجذوم فرارك من الأسد) رواه أحمد
وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر : ( لا يورد ممرض على مصح) رواه مسلم
فالجواب عن ذلك : أنه لا يجوز أن يعتقد العدوى ولكن يشرع له أن يتعاطى الأسباب الواقية من وقوع الشر ، وذلك بالبعد عمن أصيب بمرض يخشى انتقاله منه إلى الصحيح بإذن الله عز وجل كالجرب والجذام ، ومن ذلك عدم إيراد الإبل الصحيحة على الإبل المريضة بالجرب ونحوه توقيا لأسباب الشر ، وحذرا من وساوس الشيطان الذي قد يملي عليه أنما أصابه أو أصاب إبله هو بسبب العدوى .
والله تعالى أعلم
.