1- من أسباب الغلو في الدين :

أ‌- ضعف البصيرة بحقيقة الدين.

ب‌- ضعف البصيرة بالواقع .

إن ضعف البصيرة بحقيقة الدين المقصود به هنا هو نصف العلم الذي يظن صاحبه انه دخل به في زمرة العلماء وهو يجهل الكثير والكثير ، ولا يربط الجزئيات بالكليات ولا يرد المتشابهات إلى المحكمات . وقال النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك : ( إنّ الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم إتخذ الناس رؤوساً جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا واضلوا ) .



ومن مظاهر الجهل :



1- الاتجاه الظاهري في فهم النصوص : إنّ بعض الشباب يتمسكون بحرفية النص دون التغلغل الى فهم فحواها ومعرفة مقاصدها فهم لا يعرفون القياس ولا يستخدمونه ولا ينظرون إلى العلة والحكمة من وراء التشريع ، فهم البعض لما ورد في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم

- الإنشغال بالمعارك الجانبية عن القضايا الكبرى : ومن دلائل عدم الرسوخ في العلم ومظاهر ضعف البصيرة في الدين إشتغال البعض من هؤلاء بكثير من المسائل الجزئية والأمور الفرعية عن القضايا الكبرى التي تتعلق بوجود الأمة الاسلامية وهويتها ومصيرها ، فنرى كثير منهم يقيم الدنيا ولا يقعدها من أجل مسائل فرعية اختلف فيها العلماء سلفا وخلفا ولا مصير الى إتفاقهم فيها لأنها من المسائل الاجتهادية الفرعية التي تتفاوت فيها الأفهام وتتعارض فيها الأدلة ، مثل وضع اليدين في الصلاة ، وهل توضع على الصدر أم تحت السرة.. والاختلاف فيها لا يمثل كبير اختلاف ولا يجوز تضييع الجهد عليها وترك ما هو اعظم وأكبر .





3- الإسراف في التحريم ( بغير دليل) : ومن دلائل عدم الرسوخ في فقه الدين الميل دائما الى التضييق والتشديد والإسراف في القول بالتحريم مع تحذير القرآن الكريم والسنة والسلف من ذلك ، فقد قال تعالى : ( ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب ، هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب ، إنّ الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون ) . وكان السلف لا يطلقون الحرام الا ما علم تحريمه جزما ، فإذا لم يُجزم بتحريمه قالوا : ( نكره كذا او لا نراه أو نحو ذلك من العبارات ولا يصرحون بالتحريم ) والمتشددون يجنحون الى التحريم دائما مع وجود الكراهة أو يجنحون الى التشدد والتضييق مع وجود التيسير .



4- إتباع المتشابهات وترك المحكمات : المتشابه هو ماكان محتمل المعنى وغير منضبط المدلول ، والمحكم هو البين المعنى الواضح الدلالة المحدد المفهوم إن ّغلاة اليوم يعتمدون على المتشابهات في تكفير الأمة واستحلال دمائها ولو ردوا المتشابه إلى المحكم لحكموا بالعدل والحق.



5- عدم التعلم على أيدي العلماء : ومن أسباب ضعف البصيرة عند البعض أنّ الواحد منهم لم يتلق العلم من أهله وشيوخه المتخصصين بمعرفته ، فاعتماد البعض على الكتب والصحف والقراءة من غير المصادر والأصول الشرعية مما يجعلهم يسيئون الفهم ويستبطون أحكامهم من غير أهل العلم والعلماء الثقات .





2- ضعف البصيرة بالواقع والحياة والتاريخ وسنن الكون :



إن أهم أسباب الغلو في الدين بعد ضعف البصيرة فيه ، هو عدم الوعي بالواقع والحياة ( فتجد أحدهم يريد ما لا يكون ويطلب مالا يوجد ويتخيل ما لا يقع ويفهم الوقائع على غير حقيقتها ويفسرها وفقا لأوهام رسخت في رأسه لا أساس لها من سنن الله في خلقه ولا من أحكامه في شرعه ، وهو يريد أن يغير المجتمع كله ، افكاره ومشاعره وتقاليده واخلاقه وانظمته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بوسائل واهية واساليب خيالية .

إنّ معرفة التاريخ والوعي بالواقع لا يعني القراءة السردية ، بل الوعي والعبرة والنفاذ الى سنن الله فيها يقول الله تعالى : ( أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو أذان يسمعون بها فإنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور ) التاريخ هو مخزن العبر ومعلم الأمم ، فكما أنّ الفرد يتعلم من أحداث أمة الغد ، فان الأمة أ يضا تأخذ من ماضيها لحاضرها ، وتستفيد من صوابها وخطئها ومن انتصاراتها وهزائمها .

والخلاصة:

الدين الاسلامي دين سماحة ويسر

دين وسط ورحمة بالبشر

وحينما يصدر خطاب إلهي مضمونه (لايكلف الله نفسا الا وسعها)

فهذا أبلغ وأحق وأصدق وضوح بسماحة هذا الدين العظيم ورحمته

بارك الله فيك شيخنا الكريم وجعل الله ما كتبت في سجل حسناتك وحشرنا مع النبي وصحبه الاخيار ..................................
آمين أمين أمين

الله يجزيك الخير على هذا الموضوع المفصل والذي يتكلم عن أخطر ما يواجه الاسلام في وقتنا هذا فكما أن الابتعاد عن الدين منهي عنه فكذلك الغلو والتشدد منهي عنه فالرسول صلى الله عليه وسلم أخيَرنا وأفضلنا على وجه الأرض ومع ذلك فقد كان ينام ثلثي الليل وكان يعاشر زوجاته بالمعروف ويمازحهن ويصوم ويفطر و..... فالدّين ليس بتضييق الأمور على الناس إنما بوسطيتها لأن خير الأمور أوسطها...

جزاك الله خير شيخ علوان على هذا الموضوع المفيد

وبكل تأكيد التشدد في الدين أمر مذموم ونهى عنه شرعنا الحنيف

فإنما ارادنا الله أمة وسطاً لا متشددين في ديننا ولا مميعين للدين

وطرق هذا الموضوع والتحذير من التشدد بغاية الأهمية وخاصة للشباب

ويجب علينا تعريف الشباب عن كثب بمعاني التشدد

لأن هذه الكلمة صارت تطلق كثيرا في زماننا

وصار مفهوم التشددلدى البعض أنه كل ما هو ضد تمييع الدين

وهذه نقطة ثانية مهمة يجب التحذير منها (التمييع)وانتهاك ما حرم الله

بحجة أن ديننا دين يسر ...فأخذوا ظاهر هذه الجملة وراحوا يصدرون الرخص والفتاوى التي فحواها ان كل شيء جائز

والزمن تغير والدين يسر ... الخ من شعاراتهم

نسأل الله ان يجعلنا ممن قال فيهم و كذلك جعلناكم أمة وسطا

بغير افراط ولا تفريط وبغير تشدد أو تمييع

وبارك الله فيك