دموع و تنهّدات إيليا أبو ماضي
ألاليت قلبا بين جنبيّ دامياأصاب سلوا أو أصاب الأمانياأجنّ الأسى حتّى إذا ضاق بالأسى تدفّق من عينيّ أحمرقانيا
تهيج بي الذكرى البروق ضواحكا و تغري بي الوجد الطيورشواديا
فأبكي لما بي من جوى و صبابة و أبكي إذا أبصرت في الأرض باكيا
فلاتحسباني أذرف الدّمع عادة و لا تحسباني أنشد الشعرلاهيا
ولكنّها نفسي إذا جاش جأشها و فاض عليها الهمّ فاضت قوافيا
يشقّ على خدع فؤاده و إن خادع الدنيا و داجى المداجيا
طلبت على البلوى معينا ففاتني يؤاسيك من يحتاج فيك مؤاسيا
ومن لم تضرّسه الخطوب بنابها يظنّ شكايات النفوس تشاكيا
رميت من الدنيا بما لو قليله رميت به الأيّام صارت لياليا
فلايشتك غيراي البؤوس فإنّني ضمنت الرزايا و احتكرت العواديا
تمرّاللّيالي ليلة إثر ليلة و أحزان قلبي باقيات كماهيا
ولوأنّ ما بي الخمر أو بارد اللّمى سلوت ، و لكن أمّتي وبلاديا
إذاخطرت من جانب الشّرق نفحة طربت فألقى منكباي ردائيا
أحنّ إلى تلك المغاني و أهلها و أشتاق من يشتاق تلك المغانيا
وما سرّني أنّ الملاهي كثيرة و في الشّرق قوم يجهلون الملاهيا
إذامثّلوا و النوم يأخذ مقلتي بأهدابها أمسيت و سنان صاحبا
وكيف اغتباط المرء لا أهل حوله و لا هو من يستعذب الصّفو نائيا
تبدّلت الدنيا من السّلم بالوغى و صار بنوها العاقلون ضواريا
فما تنبت الغبراء غير مصائب و ما تمطر الأفلاك إلاّ دواهيا
وناكرحتّى اللّيل زهر نجومه و ما الخضمّ المنشآت الجواريا
وبات سبيل كان يسري به الفتى بلا حارس ، يمشي به الجيش خاشيا
تقطّعت الأسباب بيني و بينهم فليس لهم نحوي وصول و لاليا
وكان لنا في الكتب عون على الأسى و في ( البرق ) ما يدني المدى المتراميا
فلم تأمن الأسرار في ( السّلك ) سارقاو لم تأمن الأخباتر في الطرس ماحيا
إذاقيل هذا مخبر ملت نحوه بسمعي و لو كان المحدّث واشيا
وتعلم نفسي أنّه غير عالم و لكنّني أستدفع اليأس راجيا
سرى الشّكّ ما نصدّق راويا و طال فبتنا ما نكذّب راويا
أقضي نهاري طائر النفس حائرا و أقطع ليلي كاسف البال ساهيا
فماهم بأموات فنبكي عليهم ولاهم بأحياء فنرجو التّلاقيا
كأنّيبهم أخرجوا من بيوتهمحفاة عراة جائعين صواديا
كأنّي بالغوغاء ثارت عليهم و بالجند تعطي الثائرين المواضيا
كأنّي بهم أعمل السّيف فيهم كأنّ الدم القاني يسيل سواقيا
كأنّي بالدّور الحسان خرائب كأنّي بالجنّات صارت فيافيا
مشاهدلاحت لي فهزّت فرائصي كما ذعر الملسوع راء الأفاعيا
فبتّ كأنّ السّهم بين أضالعي كأنّي أقلّ الشّاهقات الرّواسيا
ولو أجنبي لاتّقينا سهامه و لكنّما الإخوان صاروا أعاديا
ويا ليت من باع البلاد و أهلها " بفلكين " لم يختر لهاالبؤس شاريا
فيا أمّة قد طال عهد سباتها متى يكشف الإصباح عنك الدّياجيا
إلى كم تودّين البقاء لمعشر بقاؤهم يدني إليك التّلاشيا
ثلاثة أجيال تقضّت و أنتم تسامون منهم ما تسام المواشيا
أما آن يسترجع التاج أهله و يسترجع التاج المهابة ثانيا
من كان ( جنكيز ) " لقحطان " سيّدا فيسمى بنو هذا لذاك مواليا؟
ويا عقلاء العرب هذا زمانكم فكونوا لمن ضلّ المحجّة، هاديا
إذاعذر الأعمى الروى في ضلاله فلا يعذرون النّاظرالمتعاميا
أرىظلمات مطبقات حوالكم فإن تطلعوا فيها رأيت الدّراريا
غدا ينشر التاريخ حديثه و يتلو الذي يتلوه ماكان خافيا
فإن شئتم أمسى عليكم محامدا و إن شئتم أمسى عليكم مساويا
ويا أيّها الجالون بلادكم تناديكم لو تسمعون مناديا
لقدعقّدت فيها الخطوب عجاجة وساق عليها جبشه الجوع غازيا
وبات ذووكم يجهلون مصيرهم كأنّهم ماء أضاع المجاريا
من العار أن يغشى الرقاد جفونكم على حين يغشى الدمع تلك المآقيا
من العار أن يكسو الحرير جسومكم و لم تبق منهم شدّة الضّنك كاسيا
من العار أن يبقى عليكم جمودكم وقد بلغت تلك النفوس التراقيا
إذاالمال لم ينفقه في الخير ربّه رآه عليه العالمون مخازيا
إذاالمرء لم يسع لخير بلاده يكن كالذي في ضرّها بات ساعيا