السبع الموبقات بيّنها النبيُ - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح الذي رواه الشيخان: البخاري ومسلم في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:
(إجتنبوا السبع الموبقات - يعني المهلكات - قلنا: وما هن يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرّم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات
أعظمها الشرك وهو المهلك الذي ليس معه رجاء، إذا مات عليه الإنسان فله النار مخلداً فيها أبد الآباد قال تعالى: (إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ
وقال تعالى: (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) وقال سبحانه ( إنّ الله لا يغفرُ أن يُشركَ به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضلّ ضلالاً بعيداً)
والسحر من الشرك؛ لأنه عبادة للجنّ واستعانة بالجن في إضلال الناس، والساحر هو الذي يتعاطى ما يضر الناس بواسطة الجن وعبادتهم من دون الله فتارة، يتعاطى ما يضرهم من أقوال وأعمال ونفث في العقد وتارة بالتخييل حتى يرى الشيء على غير ما هو عليه كما قال في حق سحرة فرعون يقول سبحانه: (يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى)،
وقال في حقهم: (فَلَمَّا أَلْقَوْاْ سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ)
فالساحر تارة يعمل أشياء تضر الناس بواسطة الجن وعبادتهم من دون الله من أقوال وأعمال ونفث في العقد كما قال تعالى:
(وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ)،
وتارة بالتخييل حتى يرى الأمور على غير ما هي عليه فيرى الحبل حية ويرى العصا حية ويرى الحجر بيضة، ويرى الإنسان على غير ما هو عليه، وما أشبه ذلك فهو من جملة الكفرة
وقد ثبت عن عمر - رضي الله عنه - عن أمير المؤمنين - رضي الله عنه - أنه كتب إلى أمرائه في الشام وغيره أن يقتلوا كل ساحر وكل ساحرة لعظم شرهم وخطرهم،
أما قتل النفس التي حرم الله فذلك جريمة عظيمة يقول الله فيها: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا
الرابع: أكل الربا، يتعاطى الربا المحرم[
/size] الذي حرّمه الله وقال فيه جلّ وعلا: (وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) وقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ
والخامس: أكل مال اليتيم وهو الذي مات أبوه وهو صغير دون البلوغ يسمى يتيم الواجب الإحسان إليه وحفظ ماله وتنميته، والإصلاح فيه فالذي يفسد مال اليتيم ويأكل ماله بغير حق في هذا وعيد شديد؛ قال جلّ في عُلاه( إنّ الذين يأكلون أموال اليتامى ظُلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً) .
السادس: التولي يوم الزحف عندما يلتقي المسلمون بالكفارينهزم يخلي إخوانه يوم الزحف يوم زحف الكفار على المسلمين أو زحف المسلمين على الكفار الذي ينهزم ويترك إخوانه متوعد بهذا الوعيد الشديدإِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ) إلا إذا تأخر ليستعد وليحضر سلاحه يلبس درعه الاستعداد للقتال، يعني هذا لا يضر أو منتقل من فئة إلى فئة ينتقل من صف إلى صف أو من جماعة إلى جماعة لمكيدة العدو.
السابع: قذف المحصنات الغافلات المؤمنات،هذه
جاء في لسان العرب لابن منظور :
القذف هو : الرمي والسَّب
ومعناه هنا : رمي المرأة بالزنا أو ما كان في معناه .
والمحصنات : جمع محصنة وهي المرأة المتزوجة .
والُمحْصنَةُ ، والُحْصِنةُ كذلك : هي المرأة العفيفة البعيدة عن الريبة والشك .
والغافلات : من الغفلة ، وهي الترك والسهو .
والغافلات: هن البريئات الطوايا المطمئنات النفس لأنهن لم يفعلن شيئا يحذرونه، ويخفن منه.
وأوجب عل القاذف إذا لم يقم البنية ثلاثة أحكام وهي :
الأول : أن يجلد ثمانين جلدة .
الثاني : أن تردّ شهادته أبداً .
الثالث : أن يصبح فاسقاً ليس بعدل لا عند الله ولا عن الناس وهذا كلام متفق عليه بين العلماء ، ما لم يتب القاذف إلى الله جل وعلا .
وهذه الأحكام الثلاثة نصت عليها آية محكمة واحدة من سورة النور قال الله تعالى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ{4} إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [النور 5،4] .
أما عقوبته في الآخرة فإنها والله لقاسية يقول الله عز وجل :
{إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ{23} يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ{24} يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ} [النور : 23]نسأل الله العفو والعافية والسلامة والمغفرة لنا ولكم في الدنيا والآخرة.