حسنُ السمت

تاريخ التسجيل : 14/04/2009

مما لا شك فيه أن العين تحب المنظر الحسن وتهواه وتميل إليه ، وإذا وقعت العين على ما يعجبها مال القلب إليه ولا شك ، كما قيل:

ألم تر أنّ العين للقلب رائد *** فما تألف العينان فالقلب آلف

فإذا أضيف إلى حسن المظهر الخارجي حسن المنطق والوقار في الحركة والسكون والدخول والخروج ، واشتهر صاحبه بحسن السيرة بين الناس ، فلا شك أن الناس سينسبون صاحب هذه الصفات الحميدة لأهل الخير والصلاح والديانة.
وهذا هو ما نعنيه بحسن السمت.
وقد حث الشرع المطهر على التحلي بحسن السمت فأباح للعبد أن يعتني بمظهره من غير إسراف ولا مخيلة فقال الله تعالى : يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ(الأعراف:31).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الهدي الصالح والسمت الصالح والاقتصاد جزء من خمسة وعشرين جزءا من النبوة]وعن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في ثوب دون ( أي قديم ) فقال : " ألك مال؟" قال : نعم. قال: "من أي المال؟" قال: قد آتاني الله من الإبل والغنم والخيل والرقيق. قال: " فإذا آتاك الله مالا فليُر أثرُ نعمة الله عليك وكرامته

ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا شعثا قد تفرق شعره قال: " أما كان هذا يجد ما يسكن به شعره؟
ورأى رجلا آخر وعليه ثياب وسخة فقال : " أما كان هذا يجد ماء يغسل به ثوبه؟".كما قال في نفس السياق : "من كان له شعر فليكرمه
ولما نهى عن الكبر ظن بعض الناس أن العناية بالمظهر والهندام من الكبر فبين لهم صلى الله عليه وسلم حقيقة الأمر فقال: " إن الله جميل يحب الجمال ، الكبر بطر الحق وغمط الناس كما كان هو نفسه صلى الله عليه وسلم أحسن الناس هديا وسمتا وجمالا وبهاء ، فعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال : " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة أضحيان ( أي مضيئة) فجعلت أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى القمر ،وعليه حلة حمراء ، فإذا هو عندي أحسن من القمر"
.حسن الخلق والسيرة من حسن السمت
مما لاشك فيه أن العناية بالظاهر لو لم يرافقها عناية بالباطن ومحاسن الأخلاق والعناية بحسن السيرة بين الناس فإنها تصبح وبالا على صاحبها ، لهذا كان الصالحون يجمعون بين حسن الهندام وجمال المظهر وبين حسن السيرة وجمال الخُلُق ، هذا أحمد بن حنبل رحمه الله يقول عنه الميموني رحمه الله تعالى : ما رأيت أحدا أنظف ثوبا ، ولا أشد تعاهدا لنفسه في شاربه وشعر رأسه وشعر بدنه ولا أنقى ثوبا واشد بياضا من أحمد بن حنبل. وعلى الجانب الآخر من جوانب حسن السمت يقول عنه المَروذي رحمه الله تعالى : لم أر الفقير في مجلسٍ أعزَّ منه في مجلس أبي عبد الله ، كان مائلا إليهم مُقْصِرا عن أهل الدنيا ، وكان فيه حلم ولم يكن بالعجول ، وكان كثير التواضع تعلوه السكينة والوقار ، إذا جلس في مجلسه بعد العصر للفتيا لا يتكلم حتى يُسأل ، وإذا خرج إلى مسجده لم يتصدر ، يقعد حيث انتهى به المجلس ..
يقول ابن الجوزي رحمه الله تعالى : كان جماعة من السلف يقصدون العبد الصالح للنظر إلى سمته وهديه ، لا لاقتباس علمه ؛ وذلك أن ثمرة علمه هديه وسمته.
وقال ابن مفلح رحمه تعالى: كان يحضر مجلس أحمد زهاء خمسة آلاف أو يزيدون ، أقل من خمسمائة يكتبون ، والباقي يتعلمون منه حسن الأدب وحسن السمت.
يتشبهون بالنبي ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحسن الناس سمتا وهديا فقد كانوا يتشبهون به حتى قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: "إن أشبه الناس دَلا ( أي حاله من حيث السكينة والوقار وحسن السيرة) وسمتا وهديا برسول الله صلى الله عليه وسلم لابن أم عبد(يعني ابن مسعود) من حين يخرج من بيته إلى أن يرجع إليه...".
وقالت عائشة رضي الله عنها : " ما رأيت أحدا كان أشبه سمتا ودلا وهديا برسول الله صلى الله عليه وسلم في قيامها وقعودها من فاطمة رضي الله عنها"منقول بتصرّف.
الله يرزقنا جمال الظاهر و الباطن ..والسمت الحسن والخلق الحسن... آمين ياربّ العالمين

تاريخ التسجيل : 04/04/2009

بارك الله بك شيخ علوان ..
ولكن كان دائما يحضرني تساؤل عن بعض الأشخاص الذين يدّعون الزّهد حيث يقومون بلبس العتيق البالي وبإرخاء اللحية دون تسبيلها والامتناع عن الغسل حتى ولو كانوا متزوجين وعندما تسألهم عن حالهم يقولون إننا زاهدون في الدنيا فهل هذا هو الزهد في زماننا ؟؟!!!

تاريخ التسجيل : 14/04/2009

إنه لفارق كبير بين مايدعونه وبين الزهد كما أنه بعيد كل البعد عن حسن السمت الذي أوردناه هنا

فالله تعالى يُحب أن يرى إثر نعمته على عبده وإظهار النعمة شكرلها
فالزهدلايتنافى مع النظافة واللباس الحسن والريح الطيبة وحتى أنه لا يتنافى مع الُملك ألم يسأل نبي من أنبياء الله تعالى
ربه ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده ؟؟؟
فمايحدث أحياناً من لبس البعض للمرقع مع مخالفتهم للكتاب والسنة باسم الزهد والتصوف ماهو إلا دعاوي
باطلة
ليس التصوف لبس الصوفترقعه *** ولا بكاؤك إن غنى المغنونا
ولا صياح ولا رقص و لا طرب *** ولا اضطراب كأن قد صرت مجنونا
بل التصوف أن تصفو بلاكدر*** وتتبع الحق و القرآن و الدينا
وأن ترى خاشعا لله مكتئبا *** على ذنوبك طول الدهر محزونا

تاريخ التسجيل : 10/07/2009

جزاك الله عنا خير الجزاء شيخنا على هذا التوضيح الموفق
لمعنى كلمة السمت والذي قد يغيب عن أذهان الكثيرين
وأشكرك على تضمينك الدلائل وما احتوته من معانٍ زكيةٍ كعبق دلالاتها

والمرء إن أحسن تهذيب خلقه بالأيمان وجميل الخِصال وأزينها ، فلا بُد أن يكملَ
هذا الطيبَ بجمالٍ وتهذيبٍ للمظهر ، فعندها يصبح طاهراً طيباً خالياً مما يُعكرُ صفو جمال مظهره وجوهره
فليكن أنيقاً قلباً وقالباً ليريح النفس ويثلج الصدر ويسُّر الناظرين من غيرٍ مُغالاةٍ في كِبر
ومن غيرٍ تقشفٍ في زهدٍ وخيرُ الأمور أوسطها

أشكرك مرة أخرى

أختكم ريانة العبد الله

تاريخ التسجيل : 08/10/2009

الصراحة وبكل صدق أول مرة أعرف معنى السمت فالله يعطيك ألف عافية ويجعلنا من أهل السمت الحسن

تاريخ التسجيل : 14/04/2009

شكراً جزيلا أبومحمدعلى مرورك العطر ومتابعتك المستمرة والشكر متواصل للأخت المتميزة والمتألقة ريانة
كما أشكر الأخت نور على مرورها الكريم
إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم، من يتحر الخير يُعْطَهُ، ومن يتوقَّ الشرَّ يوقهُ
وقال صلى الله عليه وسلم : " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين،