موضوع: التنطّع والتقعّر والتشدّق السبت نوفمبر 07, 2009 2:34 am
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا حفص بن غياث ويحيى بن سعيد عن ابن جريج، عن سليمان بن عتيق، عن طلق بن حبيب، عن الأحنف بن قيس، عن عبدالله. قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "هلك المتنطعون" قالها ثلاثا. (رواه مسلم في صحيحه).. قال الإمام النووي رحمه الله ..إ ه.هلك المتنطعون... أي المتعمقون الغالون المجاوزون الحدود في أقوالهم وأفعالهم
الهلاك ضد البقاء يعني أنهم تلفوا وخسروا والمتنطعون هم المبالغون في الكلام وغيره ... الذين يخطئون الغاية والهدف لا يصال البيان السليم بدون لبس أو سوء فهم يصعب على العوام فهمه فلأجل إيصال معلومة يتكلف ويؤلف ويدخل في موضوع إلى موضوع ويحدث زوبعة في فكر القارئ دون الوصول إلى هدفه الأمر الذي ينفر التقعر في الكلام ، والتشدق باللسان ، بتكلف الكلمات التي تميل قلوب الناس إليه ، حيث لا معنى ولا مضمون ، ولا فائدة ترجى من تشدقه وتقعره . فقد أورد ابن أبي الدنيا هذا الحديث في رسالة " الغيبة والنميمة " في باب " ما جاء في ذم التقعر في الكلام " (ص/15) وروى فيه عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
( إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي كُلُّ مُنَافِقٍ عَلِيمِ اللِّسَانِ) رواه أيضا أحمد في "المسند" (1/22) وحسنه محققو المسند . وروى فيه أيضا قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( إن شقاشق الكلام من شقاشق الشيطان ) قال ابن الأثير في "النهاية" (5/164) : " المُتَنَطِّعون : هم المُتعَمِّقون المُغالون في الكلام ، المتكلِّمون بأقْصَى حُلوقهم . مأخوذ من النِّطَع ، وهو الغارُ الأعْلى من الفَم ، ثم استُعْمِل في كل تَعَمُّق قولاً وفعلا قال الإمام الغزالي في كتابه : إحياءعلوم الدين الدين : التقعّر في الكلام بالتشدق وتكلف السجع والفصاحة...وماجرى به عادة المتفاصحين ...وكل ذلك من التصنّع المذموم ومن التكلف الممقوت الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم" أنا وأتقياء أمتي بُرآءُ من التكلّف" وقال صلى الله عليه وسلم :" إنّ أبغضكم إليّ وأبعدكم عني مجلساً الثرثارون المفيهقون المتشدقون في الكلام " رواه أحمد وروا الترمذي مثله وحسنه كما قال الحافظ العراقي وقال الإمام الغزالي ...ويدخل فيه كل سجع متكلّف وكذلك التفاصح الخارج عن حدّ العادة ، وكذلك التكلّف بالسجع في المحاورات،إذقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بغرّة الجنين فقال بعض قوم الجاني : كيف ندي من لاشرب ولا أكل ولاصاح ولا استهل ومثل ذلك بطل؟؟ فقال عليه الصلاة والسلام" أسجعاً كسجع الأعراب" أصله في صحيح البخاري ومسلم ...وقال بل ينبغي أن يقتصر في كل شي ء على مقصوده ،ومقصود الكلام التفهيم للغرض وما وراء ذلك تصنّع مذموم، ولايدخل في تحسين الألفاظ الخطابة والتذكير من غير إفراط وإغراب ،،فإنّ المقصود منها تحريك القلوب وتشويقها وقبضها وبسطها،فلرشاقة اللفظ تأثير فيه فهو لائق به.فأما المحاورات التي تجري لقضاء الحاجات فلايليق بها السجع والتشدق والاشتغال به من التكلف المذموم، ولاباعث عليه إلا الرياء وإظهار الفصاحة والتميز بالبراعة وكل ذلك مذموم يكرهه الشرع ويزجرعنه إنتهى كلام الإمام الغزالي رحمه الله تعالى (كتاب احياء علوم الدين)الجزء الثالث صفحة رقم 105و106مطبعة دار الفكر
أنس الحاج أحمد
الجنس :
اسم الدولة :
عدد المساهمات : 3205
نقاط التميز : 4640
تاريخ التسجيل : 07/04/2009
العمر : 50
:
موضوع: رد: التنطّع والتقعّر والتشدّق السبت نوفمبر 07, 2009 2:49 am
ما أكثر المتنطعين والمتشدقين في زمننا هذا
فالمتنطع يحمل نفسه ولسانه فوق طاقتهما ولا يلقى القبول من أحد فحسبهم أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا عليهم بقوله هلك المتنطعون والتشدق أيضا ً أكثر سوءا ً من التنطع نسأل الله العفو و العافية تشكر يا شيخ على هذا الموضوع وكنت أتمنى وضعه في قسم الحوار والنقاش لأنه يستحق النقاش
علوان حاج حمود..
الجنس :
اسم الدولة :
عدد المساهمات : 2286
نقاط التميز : 3213
تاريخ التسجيل : 14/04/2009
العمر : 41
:
موضوع: رد: التنطّع والتقعّر والتشدّق السبت نوفمبر 07, 2009 3:33 am
تكرم شيخي لك ما طلبتْ سيتم نقله للحوار والنقاش
ريانة عبد الله
الجنس :
اسم الدولة :
عدد المساهمات : 524
نقاط التميز : 835
تاريخ التسجيل : 10/07/2009
:
موضوع: رد: التنطّع والتقعّر والتشدّق السبت نوفمبر 07, 2009 6:12 am
سلمت يُمناك على ما خطتت من جميل الكلام صريح القصد فكم نحن أحوج لأن نكون أمة وسطاً ، وما أُمرنا بالوسطية عبثاً فالإنسان المعتدل المتواضع هو ذاك الذي يلين جانبه دون ضعف ويقوى تارةً أخرى دون ترفعٍ ومباهاة وما أجمل القول حينما يكون وسطاً بعيداً عن الغموض والتكلف قريباً إلى المسامع ! وكم يريح النفس عذبُ الكلام وأسلسله ! وكم من فكرةً ارتقت وارتقت لتصبو إلى العُلا لسهولتها وبساطتها وجمالها بعيدةً عن اللافهم واللاوضوح فالكلامُ المعسول والمنمق كثيراً يقتل كثيراً من البساطة والوضوح ويُقصي بالمضمون عن إصابة الهدف فتتناثر الأفكار وتتشعب لدى القارئ ولدى السامع وخير الكلام ما أراح السمعَ وأثَّرَ في القلب وأعمَلَ الفكرَ على حُسنٍ وصفاءٍ