[size=24]
لاشك أن قرار مصادرة الدراجات النارية ذوات العجلتين كان ضربة مميتة للمجتمع سواء في المدن و الأرياف ، و لا أخص محافظة إدلب فقط بل ينسحب الوضع على كل محافظات قطرنا العربي السوري، لكن يبقى له في إدلب النكهة المختلفة للأسباب الآتية:
· غلبة الطابع الريفي الزراعي على المحافظة ما يتطلب عددا أكبر من الدراجات .
· قرب القرى و المدن من بعضها ما يجعل الدراجة أنسب وسيلة نقل .
· الكثافة السكانية المرتفعة ( مليون و سبعمائة ألف نسمة ) .
· اطمئنان الناس للدراجات على أنها واقع و الدولة تعرف و تتسامح معه.
· طبيعة الأراضي السهلية المنبسطة التي لا تشكل عائقا أمام الدراجات .
و على ذلك لا تخلو أسرة من دراجة نارية أو اثنتين في كل مدن و قرى المحافظة ، فهي من أسياسيات مقتنيات الأسرة كالثلاجة و المدفأة و لا يمكن تسيير أمور الحياة اليومية من دونها
و جاءت الحملة المفاجئة للدوريات المشتركة من شرطة و جمارك وغيره ..
على الطرقات الرئيسة و الفرعية و الزراعية و بوابات المدارس و محيط الدوائر الرسمية و هي شبيهة لتأخذ الدراجة من الطالب الذاهب لمدرسته و الموظف المغادر لوظيفته و الفلاح الغادي لحقله و الزائر القادم لأرحامه في العيد و الشرطي الذاهب لمخفره إذ معظم عناصر الشرطة يستخدمونها .
أولا – أين ذهبت الدراجات الأخرى الـ 2500 و التي لم تُسلَّم لمعمل الحديد ؟؟؟
ثانيا – لماذا كانت الدراجات المسلمة للمعمل كالدجاجة المنتوفة ، مسروقة العجلات و الأضواء و البطاريات و المرايا و الـ ..... .
ثالثا – ماذا سيعمل المواطنون الذين صودرت دراجاتهم ؟
رابعا – ما الضرر الذي تشكله هذه الدراجات على الاقتصاد الوطني ؟؟
خامسا – من هرّب هذه الدراجات و أدخلها البلاد بالملايين علنا جهارا نهارا؟؟
سادسا – ما البديل الذي وفرته الحكومة للاستغناء عن الدراجات ؟
سابعا و ثامنا و عاشرا – كيف و متى و أيّ و لماذا و أين وما وهل وكل أدوات الاستفهام؟
إن المواطن السوري ضحية هذه القرارات الارتجالية التي لا تراعي مصالحه و التي تتخَذ لأسباب خاصة و الدليل أن الحملة العتيدة لمصادرة الدراجات في أوجها و تم طرح دراجات أخرى جديدة في الأسواق ليشتريها المواطنون الذين صودرت دراجاتهم و اللبيب من الإشارة يفهم ( أنتم تصادرون ، و المواطن محتاج دراجة ، و نحن نبيعه من جديد ، و هكذا .... )
كلنا مع مكافحة التهريب ، و صيانة أرواح الناس و تنظيف البيئة فهذه بديهيات وطنية يلتقي عليها المواطن و المسؤول ، لكن :
1 - مكافحة التهريب الحقيقية تكون على المنافذ الحدودية البرية و البحرية و الجوية لا في بيوت الناس و مدارسهم و حقولهم و العاقل يقطع المياه من النبع و لا يكسر أكوابه على شفاه الظامئين .
2 - السيارات تزهق الأرواح أكثر من الدراجات و بلدنا الغالي سورية من أكثر دول العالم بوفيات حوادث السير 2% من عدد السكان سنويا و تلك نسبة مخيفة فلماذا الدراجات فقط؟؟
3 - دخان الدراجات بسيط و لا يلوث البيئة و مصروفها اقتصادي عكس السيارات .
4 - هل الحكومة كل مشكلات البلد الداخلية و الخارجية و لم يعد لديها مشكلة ماء و كهرباء و اسمنت و غاز و مازوت و مشافي و شوارع و صرف صحي و تعليم و جرائم و فساد و رشوة و محسوبية و اتصالات و فقر و تلوث و انتهت من كل ذلك و لم يبقَ لديها إلا الدراجات ؟
مشاهد و لقطات :
· في مدينة خان شيخون صادفت الدورية رجلا عاجزا أضاف له الحداد عجلتين خلفيتين و كرسيا خاصا يناسب إعاقته و هرب أصحاء الجسم و ارتبك المسكين فلم ينجح في الهرب فصادرت الدورية الغيورة على اقتصاد الوطن دراجته و رمته على الرصيف فاحتضنه المارة و أوصلوه بيته مكسور الخاطر .
· في إحدى القرى الكبيرة بمنطقة معرة النعمان داهمت الدورية المغوارة ثانوية و بداخلها أكثر من 300 دراجة للطلاب و المعلمين فتصدى لها المدير و المدرسون و هددوا بإخراج الطلاب للمواجهة مع الدورية و ليكن مايكون ، ثم توصلولوا لحل يمنع الدورية من (السطو) على الدراجات داخل حرم المدرسة و يتيح لها تطبيق القانون في الشوارع و الأزقة و الدكاكين و اللكروم القريبة .
· في مقسم هاتف إحدى قرى منطقة أريحا أكمل الموظفان دربهما للبيت مشيا على الأقدام لمسافة 4كم بعد مصادرة دراجتيهما في منتصف الطريق إثر عودتهما من العمل .
· في منطقة حارم كان أحد الآباء عائدا من عيادة طبيب الاطفال يحمل صغيره أمامه على الدراجة فأخذوها و عاد الأب يحمل ابنه المريض و وصفة الدواء الذي لا أتوقعه يشفي بعد ذلك ، و قد تندّر أحد هم فتوقع زيادة أسعار الحمير و رواج سوقها الكاسدة .أخيرا سلاما لكل من يسهر على تطبيق القانون و حماية أرواح و ممتلكات المواطنين و يصون الأمن من كل من يريد العبث فيه ، و لمسة مواساة لكل من خسر دراجته و أنفق من مصروف أولاده 30ألف ليرة في ضيق الشتاء لشراء دراجة جديدة من المهربين القدماء الجدد و همستي في أذن المسؤولين أن يكونوا بمستوى كفاح هذا الشعب و جهاده في سبيل لقمة العيش الكريم و أن يبادروا للتفريج عنه بدل الإمعان في إذلاله و إفقاره .
سلامي لإدلب الخضراء و من خلالها لوطني الأكبر و الأجمل سورية من البوكمال شرقا لجزيرة أرواد غربا و من جرابلس شمالا إلى درعا جنوبا و كل قرارت حكومية وأنتم بخير
سيريا نيوز . عبد الرزاق درباس . كفرسجنة