أولاً – التوجه إلى منى :
من السنة أن يتوجه الحاج إلى منى يوم التروية , وهو يوم الثامن من ذي الحجة , وسمي بهذا الاسم لأنه مأخوذ من الرواية , لأن الإمام يقوم برواية المناسك للحجاج .
فإن كان الحاج مفرداً , أو قارناً , يتوجه إلى منى بإحرامه , وإن كان متمتعاً أحرم بالحج , وفعل كما فعل عند الميقات , ومن السنة أن يحرم من المنزل الذي سكن فيه فإن كان في مكة أحرم منها , وإن كان خارجها أحرم من حيث هو .
ومن السنة أيضاً : أن يدعوا ويلبي عند التوجه إليها , ويصلي الظهر والعصر , والمغرب والعشاء ويبيت فيها , ويستحب أن لا يخرج الحاج منها حتى تطلع شمس يوم التاسع إقتداءً برسول الله .
ثانياً – حكم الوقوف بعرفة شرعاً :
الوقوف بعرفة ركن من أركان الحج باتفاق أهل العلم 0 لقوله : { الحج عرفة }رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة وأبو داود , وبالتالي فمن فاته الوقوف بعرفة , فعليه حج من عام قابل .
ثالثاً – وقت ومكان الوقوف بعرفة :
المتفق عليه أن يقف الحاج بعرفة , وقت زوال الشمس من يوم عرفة إلى طلوع الفجر الثاني من يوم النحر , لأن الرسول وقف بعرفة بعد الزوال وقال : { خذوا عني مناسككم } .
وقال الحنابلة : يبدأ وقت الوقوف من طلوع فجر يوم عرفة إلى طلوع فجر يوم النحر لقوله : { من شهد صلاتنا هذه , ووقف معنا حتى ندفع , وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلاً أو نهاراً , فقد تم حجه , وقضى نفثه }رواه الخمسة .والراجح أن التفث هو : ما يصنعه المحرم عند حله من تقصير شعر أو قص أظافر ونحو ذلك .
وأوجب جمهور الفقهاء وعلى رأسهم الأحناف والمالكية والحنابلة : الوقوف إلى غروب الشمس ليجمع بين الليل والنهار في الوقوف بعرفة , لأن الرسول ( وقف بعرفة حتى غابت الشمس .
وعرفة كلها موقف لقوله : { وقد وقفت ههنا ، وعرفة كلها موقف } رواه أبو داود وابن ماجة ، وعلى ضوء ذلك يجوز أن يقف الحاج في أي مكان من عرفة , ولكن الأفضل عند جبل الرحمة , إلا أنه لا ينبغي الوقوف في بطن عُرَنه , لأن الرسول : نهى عن ذلك , وأخبر أنه وادي الشيطان , وقال : كل عُرَنة موقف وارفعوا عن بطن عُرَنه } رواه ابن ماجة .
وصيغة الوقوف وكيفيته غير محددة , فيمكن للحاج الحضور إلى أي جزء من عرفه و لو كان نائماً , أو مستيقظا , أو راكياً , أو قاعداً ,أو مضطجعاً , أو ماشياً وسواء كان طاهراً , أو غير طاهر كالحائض والجنب ونحوهم .
رابعاً – مقدار الوقوف , والحكم الشرعي إذا فات الوقوف :
أتفق أكثر أهل العلم أنه يكفي الوقوف في أي جزء من أرض عرفه , ولو للحظة وذهب المالكية إلى القول : بأنه يكفي الوقوف في أي بقعة من بقاع أرض عرفه , وأوجبوا الطمأنينة في الوقوف بعد الغروب , أي : أنه يستقر الحاج بقدر الجلسة بين السجدتين قائماً أو جالساً أو راكباً .
وأما إذا فات الحاج الوقوف بعرفة , فات عليه الحج في تلك السنة , لأن الوقوف كما ذكرنا ركن من أركان الحج , فإذا تخلف الركن فلا حج .
وقال النووي في كتاب الإيضاح الصفحة (45) : إذا غلط الحجاج فوقفوا في غير يوم عرفه نُظِرَ على النحو الآتي :
1- إن غلطوا بالتأخير , فوقفوا في العاشر من ذي الحجة , أجزأهم وتم حجهم , ولا شيء عليهم , سواء بان الغلط بعد الوقوف أو في حال الوقوف .
2- ولو غلطوا فوقفوا في الحادي عشر , أو غلطوا في التقديم , فوقفوا في الثامن عشر من ذي الحجة , أو غلطوا في المكان , فوقفوا في غير أرض عرفات , فلا يصح حجهم بحال .
3- ولو وقع الغلط بالوقوف في العاشر لطائفة يسيرة , لا للحجاج عامة , لم يجزهم على الأصح ,
4- ولو شهد واحد أو عدد برؤية هلال ذي الحجة , فردت شهادتهم , لزم الشهود الوقوف في التاسع عندهم , وإن كان الناس يقفون بعده .
خامساً – سنن الوقوف بعرفة وآدابه :
وسنن الوقوف بعرفة وآدابه كثيرة أذكر بعضها وهي :
1- يسن الذهاب إلى منى في يوم التروية الثامن من ذي الحجة , والمبيت فيها إلى فجر عرفه .
2- ويسن الذهاب من منى إلى عرفات بعد طلوع الشمس .
3- الإقامة بنمره قرب عرفات , وهذا اتباع للسنة كما روى مسلم , ولا يدخلون عرفات .
4- خطبة عرفه قبل صلاة الظهر خطبتين , يعلّم الناس مناسك الحج ويوعظهم ويذكرهم , ثم يجمع بين الظهر والعصر جمع تقديم .
5- الاغتسال بنمره إن أمكن ذلك .
6- عدم الدخول إلى عرفات إلا بعد الزوال وتأدية الصلاتين الظهر والعصر .
7- تعجيل الوقوف عقب الصلاتين .
8- ومن الأفضل الوقوف عند الصخرات الكبار في أسفل جبل الرحمة .
9- البقاء في الموقف إلى غروب الشمس .
10- والأفضل أن يقف الحاج راكباً , وهو أفضل من الماشي إقتداءً برسول الله , لأنه أعون على الدعاء .
11- استقبال القبلة وستر العورة ونية الوقوف بعرفة مع وجود الطهارة .
12- من الأفضل أن يستظل الواقف بعرفة .
13- ومن السنة أن يكون الحاج مفطراً , لأن الفطور أعون على الدعاء والذكر لقوله : { يوم عرفة , ويوم النحر , وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب } . أما صيام عرفات والترغيب فيه فهو لغير الحاج .
14- أن يكون الحاج حاضر القلب .
15- الابتعاد عن المجادلة والمخاصمة .
16- الإكثار من عمل الخير .
17- الإكثار من الدعاء والذكر والتهليل .
هذه هي سنن وآداب الوقوف بعرفة .