موضوع يحتمل مجلداً كاملاً! لأنه يتعلق بأصل عظيم من أصول الدين لا يتقبل الله تعالى العمل إلا به،
طبعا الرياء حرام والمرائي عند الله ممقوت تشهد لذلك الآيات والأخبار والآثار
( فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يراؤون ) {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً} أي أنهم يقصدون بصلاتهم مُراءات الناس ولا يقصدون بذلك التقرب إلى الله جل وعلا. فهذا من حيث معنى الرياء.
أخرج أحمد في المسند عن النبي صلى الله عليه وسلم – أنه قال: (من صلى يرائي فقد أشرك، ومن صام يرائي فقد أشرك، ومن تصدق يرائي فقد أشرك، وإن الله عز وجل يقول أنا خير خصيم لمن أشرك بي، فمن أشرك بي شيئاً فإن جِدَة عمله وقليله وكثيره لشريكه الذي أشرك به أنا عنه غني). وخرج أيضًا عن النبي صلى الله عليه وسلم – أنه قال: (ألا أنبئكم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: الشرك الخفي، يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل).
والرياء يشمل الأقوال والأعمال، إلا أنه قد يفرق بينهما، فمثلاً لو أن إنسانًا أظهر التسبيح والتهليل تعمدًا ليثني عليه الناس ولا يريد بذلك القربة من ربه عز وجل؛ فهذا من الرياء عمومًا إلا أنه يمكن أن يسمى بالسمعة أي أنه يُسمع قوله للناس ليثنوا عليه وينال الحظوة عندهم، فقد حصل بهذا فرق بين السمعة والرياء، وإن كان الرياء يشمل الأمرين عند الإطلاق، ولهذا المعنى ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم – أنه قال: (من سمَّع سمَّعَ اللهُ به، ومن يرائي يرائي الله به) متفق عليه. فظهر بذلك الفرق بينهما
والرياء مشتق من الرؤية والسمعة مشتقة من السماع وإنما الرياء أصله طلب المنزلة في قلوب الناس بإيرائهم خصال الخير والرياء يكون في الدين والهيئة والزي وبالقول كرياء أهل التدين والوعظ والتذكيروالنطق بالحكمة والرياء بالعمل والرياء بالأصحاب والزائرين والمخالطين
وللرياء درجات منها وهوأغلظها أن لا يقصد الثواب وإنما الشهرة ومدح وثناء الناس ومنها أن يقصد الثواب والرياءومنها أن يكون إطلاع الناس مقويّاً لنشاطه
أما بيان دواء الرياء وطرق معالجة القلب منه بشكل مختصر:
1_ قلع عروقه واستئصال أصوله ، وأصله حب المنزلة والجاه.. وهي ترجع إلى أصول ثلاثة لذة المحمدة والفرار من ألم الذم والطمع فيما في أيدي الناس
والدواء العملي لهذا هو أن يعوّد نفسه إخفاء العبادات وإغلاق الابواب دونها كما تُغلق الأبواب دون الفواحش
حتى يقنع قلبه بعلم الله واطلاعه على عبادته ولا تنازعه النفس إلى طلب علم غير الله فلا دواء للرياء مثل الإخفاء
2_دفع ما يخطر من الرياء مباشرة فمن جاهد نفسه وقلع مغارس الرياء من قلبه وقطع الطمع وإسقاط نفسه من أعين المخلوقين فالشيطان لا يتركه بل يعارضه بخطرات الرياء فلا بدّ أن يشمرلدفع ما يعرض له من هذه الخواطر
ولرد هذه الخواطر لابدّ من المعرفة وقوة المعرفة بحسب قوة الإيمان ونور العلم وضعف المعرفة بحسب الغفلة وحب الدنيا ونسيان الآخرة وأصل ذلك كله حب الدنيا وغلبة الشهوات لأنّ حلاوة حب الجاه والمنزلة ونعيم الدنيا هي التي تغضب القلب وتسلبه وتحول بينه وبين التفكر في العاقبة والاستضاءة بنور الكتاب والسنة وأنوار العلم
وأخيراً : قال سيدناعلي رضي الله عنه للمرائي علامات: يكسل إذا كان وحده وينشط إذا كان مع الناس ويزيد في العمل إذا أثنى عليه وينقص إذا ذم
للتوسع بهذا الموضوع ومعرفة الرياء وحقيقته ودرجاته وبيان الخفي منه ومايحبط منه العمل وبيان علاجه فعليه بكتاب إحياء علوم الدين للإمام الغزالي رحمه الله المجلد التالت<<<<غير منســـــــوخ>>>