وقفة مع ســــورة القارعــــة

تاريخ التسجيل : 08/10/2009

كأنّ القارعة هنا صورة صوتية وهو صوت بداية الانقلاب الكوني لكنّ هذا الصوت هو صوت مرعب مخيف ومفزع

فالنص يتحدث عن بداية مشهد من مشاهد القيامة معتمداً على لفظة واحدة دون تقديم، ومن هنا تأتي المفاجأة للمتلقي فنجد أنّ النص قد اعتمد على ذكر هذا الاسم المبتدأ دون أن يذكر الخبر بصورة صريحة

فراح يرصد النص لنا آثار القارعة في الإنسان والكون والحياة والنتائج الكونية رصدا مرعبا للغاية

فتغدو المشاهد الإنسانية فراشاً متطايراً خائفا لا يدري أين يتجه كذلك خفة الجبال المدكوكة

وفي هذا المشهد الغيبي يعرض لنا نقطة هامة جداً وهي/الميزان/ وهنا يستحضر الإنسان الأعمال التي أداها كما يستحضر شريط حياته كاملاً

ونلاحظ أنه يطيل بمشهد الميزان ولا يعرض من مشاهد الحساب غيره ويترك للمتلقي كيفية استحضار ما سيحدث بعد ذلك ونجد أن النص لا يذكر الجنة باللفظ الصريح وذلك لأنّ جو النص غير ملائم

فلو جئنا إلى طريقة التعبير واختيار المفردات نجد في قوله تعالى /القارعة/أنه يطيل ويكرر ذكرها وذلك لإعلاء نبرة الصوت الشديد في نفس المتلقي وكأن التكرار يزيد الإيقاع شدة وهولا

نجد التدرج أيضاً في ذكر القارعة فقد بدأ بالمفردة الواحدة ثم راح يتساءل ما القارعة؟

وما أدراك ؟؟ فكثرة الاستفهامات تدل على شدة الخوف والفزع والرعب وكأنه بذلك يرسم حالة الناس من هذه القارعة وهذا يعطينا استعظاماً لهذا الحدث

ثم نراه زاد على لفظ المفردة استخدام الفعل /أدراك/ليطيل القرع على الآذان وكأنه يريد من خلاله أن يقوك أنّ القارعة فوق طاقة الادراك لذلك كان قد ترك مشهد القارعة دون خبر

نلاحظ أنه في النص لم يبين ماهية القارعة وإنما ذكر ما يستفيده الإنسان من هذه القارعة وهذا هو منهج القرآن الكريم وبذلك يكون قد وجه الإنسان إلى ما يفيده ففي يوم القارعة كل شيء يتطاير إلا الأعمال فباقية ثابتة

فالناس كالفراش المتطاير المنتشر والجبال المدكوكة الراسخة أصبحت خفيفة لا وزن لها أما الذي بقي على حاله هو الأعمال وليست الأعمال كلها باقية وإنما الصالحة فقط

فالنص يبرز لنا كل شيء مدكوك وخفيف ومتطاير وكما أنه يبرز لنا شيئا رائعاً هو الأعمال التي تثقل ذلك الميزان

ونرى استخدام لفظة الأم وذلك لأن الأم هي مركز الحنان والعاطفة فكيف نجد الأم تحب أطفالها وتحنو عليهم وتضم ابنها بعد طول فراق كذلك هي النار تستقبل زوارها

فالنار هي الحانية والراعية لهؤلاء الكفار فالقرآن هنا يحيي المشهد بألفاظ لها دلالتها في المتلقي فالأم هناك تغدو غير الأم هنا فهي هاوية تهوي به إلي النار لتكون مسكنه وداره

وهنا نجد العلاقة بين النار وأصل الإنسان الملقى فيها فلم يعد ذو قيمة تذكر وإنما تحول وقوداً لهذه النار التي لا تعرف الشبع وذلك فوق الإدراك فكلما نضجت الجلود تستبدل وهذه عملية مرعبة للغاية

وفي قوله من ثقلت موازينه ثم قوله خفت موازينه نجد أنه اعتمد التضاد

والنص يبرز لنا هذه الثنائية في الثقل والخفة والجو كله هنا هو جو خفة وعدم قيمة إلا الأعمال الصالحة

وهكذا نرى أنّ هذا النص يحدثنا عن حدث غيبي لم يقع بعد ويعرضه بصورة فيها من الرعب والخوف والشدة والفزع الشيء الكثير وهذا هو مكمن الإعجاز في قرآننا العظيم

تاريخ التسجيل : 04/04/2009

بارك الله بك أخت نور وجزاك الله خير الجزاء على هذه الوقفة المفيدة جدااا
وندعو الله أن يثبتنا جميعاً على صراطه المستقيم

تاريخ التسجيل : 14/04/2009

( فأمه هاوية ) يعني جهنم وسماها أماً لأنه يأوي إليها كما يأوي إلى أمه
ياعمرو لو نالتك أرما حُنا *** كنتَ كمن تهوي به الهاويه

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إنّ الموتى يسألون الرجل يأتيهم عن رجل مات قبله فيقول ذلك مات قبلي أما مرّ بكم ؟؟ فيقولون لا والله ، فيقول إنا لله وإنا إليه راجعون ! ذ ُهب َ به إلى أمه الهاويه فبئست الأم وبئست الُمربية " رواه الحاكم وله شواهد رواها ابن أبي شبيه والطبراني
جزاكِ الله ما تطلبين ورزقك السعادة في الدنيا والجنة يوم الدين أخت نور

تاريخ التسجيل : 07/04/2009

بارك الله بك أخت نور على هذه الوقفة الرائعة مع هذه السورة العظيمة التي تصور حال الناس يوم القيامة يوم الفزع الأكبر
بوركت جهودك وسلمت يداك

تاريخ التسجيل : 10/11/2009

صدق الله العظيم

جازاك الله مايرضيك اختنا الفاضلة

ونسال الله الثبوت على السراط المستقيم

دمت في حفظ الله ورعايته

تاريخ التسجيل : 19/11/2009

بارك الله فيك
إنها تذكرة ومأجورة
عليها أختي الفاضلة
بإذن الله
شكراً لك

وقفة مع ســــورة القارعــــة

وقفة مع ســــورة القارعــــة

مواضيع مماثلة

مواضيع مماثلة