أما سؤالك أختي الكريمة : متى يجوز هجر المسلم لأخيه المسلم
فالأصل أنه يحرم هجران المسلم فوق ثلاث إلا لوجه شرعي، لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم" لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ، يلتقيان فيعرض هذا، ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام" رواه البخاري ومسلم
وقد اعتبر السلف وجمهور الأئمة الابتداع في العقائد من الأسباب المشروعة للهجر، وأوجبوا هجران أهل الأهواء من المبتدعة، الذين يجاهرون ببدعهم أو يدعون إليها.
وقال الإمام مالك: (ويُهجر أهل الأهواء والبدع والفسوق لأنّ الحبّ والبغض فيه_ أي في الله _ واجب ولما في ذلك من الحث على الخير والتنفير من الشر والفسوق) . الذخيرة 13/313 .
وقال الحافظ أبو عمر ابن عبد البر : أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث، لمن كانت مكالمته تجلب نقصاً على المخاطب في دينه، أو مضرة تحصل عليه في نفسه، أو دنياه. فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية .
كما يجوز هجران أصحاب المعاصي المجاهرين بها، كما هجر النبي صلى الله عليه وسلم المتخلفين عن غزوة تبوك من غير عذر، كما في قصة كعب بن مالك، وصاحبيه رضي الله عنهم.
ويجوز الهجر _فوق ثلاث _للزوجة الناشز (في المضجع فقط)، وليس في كل الأحول، كما قال تعالى
واهجروهن في المضاجع ) [ النساء :34]بعد العظة والنصيحة وبالجملة فإن الهجر علاج، ولا يصار إليه إلا إذا تحقق أو غلب على الظن أن هجر المهجور أنفع - في الجملة - من وصله، فإن كان العكس لم يشرع الهجر، لأن الحكم يدور مع علته وجوداً
وعدماً. كما أن النبي صلى الله عليه وسلم هجر بعض نسائه شهراً . رواه أحمد بإسناد صحيح على شرط مسلم
فمن ترك الواجبات وفعل المحرمات كتارك الصلاة والزكاة وتظاهر بالمظالم والفواحش أو دعى إلى البدع والمخالفة للكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة فيجوز هجره لأنّ هذا من باب إنكار المنكر وقد قال صلى الله عليه وسلم" من رأى منكم منكراً فليغره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان "رواه مسلم
ولكن يجب أن ننتبه لأمر مهم وخطير جداً وهو : أنه يجب هجرة هؤلاء للـــــــــــــــــــــــــــه وليس لحظ نفسي أو غرضٍ شخصي أو منفعة دنيوية
فالهجر لأجل حظ الإنسان لا يجوز أكثر من ثلاث كما جاء في الصحيحين
فينبغي أن نفرّق بين الهجر لحق الله وبين الهجر لحق نفسه فالأول مأمور به والثاني منهي عنه لأن المؤمنين إخوة
وخلاصة الأمر أنّ على المسلم إن رأى من أخيه معصية فعليه أن ينصحه بالحكمة والموعظة الحسنة فإن استجاب فبها ونعمتْ وإن لم يستجب فيجوز له أن يهجره إلى أن يقلع عن المعصية