من أعلام التابعين
بسم الله والصلاة والسلام على
حضرة سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا عدد ما
أحاط به علمك وخط به قلمك وأحصاه كتابك.
حماد بن سلمة
يكنى أبا سلمة مولى لبني تميم، وهو ابن أخت حميد الطويل.
قال عبد الرحمن بن مهدي: لو قيل لحماد بن سلمة إنك تموت غدا ما قدر أن يزيد في العمل شيئا.
و قال مقاتل بن صالح الخراساني: دخلت على حماد بن سلمة فإذا ليس في البيت إلا حصير، وهو جالس عليه، ومصحف يقرأ فيه، وجراب فيه علمه، ومطهرة يتوضأ منها، فبينما أنا عنده جالس إذ دق داق الباب فقال: يا صبية اخرجي فانظري من هذا? فقالت: رسول محمد بن سليمان. قال: قولي له يدخل وحده. فدخل فناوله كتابا فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن سليمان إلى حماد بن سلمة. أما بعد فصبحك الله بما صبح به أولياءه وأهل طاعته. وقعت مسألة فأتنا نسألك عنها والسلام .
قال: يا صبية هلمي الدواة. ثم قال لي: اقلب الكتاب واكتب: أما بعد وأنت فصبحك الله بما صبح به أولياءه وأهل طاعته، إنا أدركنا العلماء وهم لا يأتون أحدا فإن كانت وقعت مسألة فإتنا واسألنا عما بدا لك وإن أتيتني فلا تأتني إلا وحدك ولا تأتني بخيلك ورجلك فلا أنصحك، ولا أنصح نفسي والسلام .
فبينا أنا عنده دق داق الباب فقال: يا صبية اخرجي فانظري من هذا? فقالت: محمد بن سليمان. قال: قولي له ليدخل وحده، فدخل فسلم ثم جلس بين يديه فقال: ما لي إذا نظرت إليك امتلأت رعبا فقال حماد: سمعت ثابتا البناني يقول: سمعت أنس بن مالك يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ) يقول: إن العالم إذا أراد بعلمه وجه الله عز وجل هابه كل شيء، وإذا أراد أن يكتنز به الكنوز هاب من كل شيء فقال: أربعون ألف درهم تأخذها تستعين بها على ما أنت عليه? قال: قال ارددها على من ظلمته بها. قال: والله ما أعطيتك إلا ما ورثته. قال: لا حاجة لي فيها ازوها عني زوى الله عنك أوزارك. قال: فتقسمها. قال: فلعلي إن عدلت في قسمتها أن يقول بعض من لم يرزق منها لم يعدل، ازوها عني زوى الله عنك أوزارك.
وقال موسى بن إسماعيل: لو قلت لكم إني ما رأيت حماد بن سلمة ضاحكا قط صدقتكم كان مشغولا بنفسه، إما أن يحدث وإما أن يقرأ وإما أن يسبح، وإما أن يصلي. كان قد قسم النهار على هذه الأعمال.
وقال سوار بن عبد الله: حدثنا أبي قال: كنت آتي حماد بن سلمة في سوقه فإذا ربح في ثوب حبة أو حبتين شد جونته فلم يبع شيئا. فكنت أظن أن ذلك يقوته. فإذا وجد قوته لم يزد عليه شيئا.
وقال يونس بن محمد: مات حماد بن سلمة في المسجد وهو يصلي.
أسند حماد بن سلمة عن خلق لا يحصون من التابعين. وتوفي في سنة ثمان وستين ومائة.
وقال أبو عبد الله التميمي عن أبيه: رأيت حماد بن سلمة في النوم فقلت: ما فعل بك ربك? قال: خيرا. قلت: وماذا? قال: قيل لي طال ما كددت نفسك فاليوم أطيل راحتك وراحة المتعوبين في الدنيا، بخ بخ ماذا أعددت لهم.