هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


أهلاً وسهلاً بك يا زائر في منتدى معرة حرمة إن شاء الله تستمتع معـنا
 
الرئيسيةدخولأحدث الصورالتسجيلمجلة المنتدىاتصل بنا
      goweto_bilobed  2015 7 eutelsat 7.3 west القديم اخو نديم aures tv سنين طويلة  من هو السامريّ ؟ Emptyالجمعة أكتوبر 04, 2024 6:09 pm من طرف دينق بلال سعيد      goweto_bilobed  هيا ياجماعه باقة أوربت المكسوره زمان على أجهزة 930+ يضربوها في 2024 من هو السامريّ ؟ Emptyالثلاثاء أغسطس 27, 2024 2:33 pm من طرف دينق بلال سعيد      goweto_bilobed  السلام بعد الغياب  من هو السامريّ ؟ Emptyالثلاثاء أغسطس 20, 2024 4:56 am من طرف حسين الطويل      goweto_bilobed   أقمار يوتل سات على الغرب  من هو السامريّ ؟ Emptyالثلاثاء أبريل 23, 2024 12:29 am من طرف دينق بلال سعيد      goweto_bilobed   القديم ليوتل سات الفرنسية  من هو السامريّ ؟ Emptyالجمعة مارس 15, 2024 4:09 am من طرف دينق بلال سعيد      goweto_bilobed  بعد سنين أبومنيار  من هو السامريّ ؟ Emptyالخميس فبراير 29, 2024 2:38 am من طرف دينق بلال سعيد      goweto_bilobed  على الشرق 26 https://www.abaantu.com من هو السامريّ ؟ Emptyالأربعاء نوفمبر 08, 2023 4:22 pm من طرف دينق بلال سعيد      goweto_bilobed  من الحرب نايل سات بتاع العراق وتم ألغائه  من هو السامريّ ؟ Emptyالإثنين سبتمبر 11, 2023 11:13 pm من طرف دينق بلال سعيد      goweto_bilobed  التونسية على EUTELSATB 8 WSET8 غربا يوتل سات بي من هو السامريّ ؟ Emptyالأربعاء سبتمبر 06, 2023 11:41 pm من طرف دينق بلال سعيد      goweto_bilobed   العربسات الجزائر أول مرة تبثا  من هو السامريّ ؟ Emptyالأربعاء مايو 24, 2023 7:26 pm من طرف دينق بلال سعيد

 
 
شاطر|

من هو السامريّ ؟

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل
كاتب الموضوعرسالة

د.علي عبد القادر الطويل

د.علي عبد القادر الطويل
 
 

الجنس : ذكر
اسم الدولة : سوريا

عدد المساهمات : 98
نقاط التميز : 166
تاريخ التسجيل : 27/04/2009
  : 100%

من هو السامريّ ؟ Vide
مُساهمةموضوع: من هو السامريّ ؟ من هو السامريّ ؟ Emptyالإثنين مارس 29, 2010 1:43 am

عرضت قناة العربية الفضائية تقريراً عن السامريين تحت عنوان ( السامري الطيب )فأحببت أن أتعرض لهم وأعرف طبيعتهم ودينهم وبماذا يعتقدون وما هو الفرق بينهم وبين اليهود ... وللأسف جاء تقرير العربية خاليا من تبيان ما هم عليه من الكفر، وقد بينتْ هذه القناة بأنهم فرقة مظلومة قلوبهم طيبة جداً لدرجة كاد أن يكون التقرير دعوة لهذه الفرقة الضالة ... لهذا وجدت من الواجب علي أن أبحث فيهم ولو بشكل مفصل ودقيق ومختصر، وبهذا لجأت إلى بعض المصادر والمؤلفات - وفي مقدمة ذلك القرآن الكريم - التي ذكرت قصة السامري، ونظراً لما تحويه القصة من عبر كثيرة نافعة لأبناء هذا الزمان، ولما فيها من اختلاف وأقوال متعددة وعدم تحقيق بعض أحادثها رأيت كتابة هذا المقال، وقسمته إلى ثلاثة مباحث، الأول: تفسير الآيات التي وردت فيها القصة بإجمال، والثاني: تحقيق القول في العجل الذي عبده بنو إسرائيل، والثالث: العبر والعظات والدروس المستنبطة من القصة.
المبحث الأول
تفسير الآيات الكريمة التي ذكرت فيها قصة السامري
وردت قصة السامري في سورة طه، وهو الموضع الوحيد في القرآن الذي ذكرت تفاصيل القصة من أولها إلى آخرها، ولعل ما جرى عليه أكثر المفسرين من بدء القصة بقوله تعالى: (وما أعجلك عن قومك يا موسى) [83] أقرب مما فعله بعضهم بجعلها تبدأ من (يا بني إسرائيل قد أنجيناكم من عدوكم ..) [80] لتعلق هذه الآيات بموضوع آخر وحادثة أخرى، وسأقتصر على ذكر القول الذي أراه راجحا في ما ذكر فيه المفسرون أكثر من رأي رغبة في الإيجاز والاختصار.
تبدأ أحداث القصة بعد خروج موسى ومن معه من قومه وهم سبعون رجلا، لتلقي التوراة من الله تعالى، واستخلف على قومه أخاه هارون، وكان موسى عليه السلام في شوق للقاء الله ومناجاته فوصل إلى الموقع المحدد قبل أصحابه ومرافقيه، فسأله ربه – وهو أعلم به – عن سبب عجلته، فأجاب عليه السلام بأنه إنما أسرع شوقا ورغبة في نيل رضا الله وتلبية لأمره سبحانه، وبأن المختارين من قومه سيتبعونه وسيلحقون به قريبا، والظاهر أن هذا السؤال كان بعد أن تلقى موسى التوراة وبعد قضائه مدة أربعين يوما بعيدا عن قومه، وكان أخبرهم أنه سيغيب عنهم شهرا، فأخبره الله تعالى أنه ابتلى قومه واختبرهم بعد خروجه من عندهم، وذلك حين دعاهم السامري إلى عبادة العجل الذي صنعه من الحلي زاعما لهم أنه إلههم وإله موسى.
وكان هذا الابتلاء سببا لضلال معظم القوم، وبعد أن علم موسى بما حصل مع قومه سارع إلى الرجوع إليهم، وقد اعتراه غضب منهم وأسف على فعلهم، وتوجه إليهم باللوم والعتاب على ما حصل منهم مذكرا إياهم بالوعد الحسن من الله تعالى لهم، وبنعمه تعالى عليهم بإنجائهم من بطش فرعون وجنوده، وقال لهم موسى عليه السلام مستنكرا صنيعهم: هل طال عليكم الزمن فنسيتم عهد الله لكم، أم أنكم رغبتم بحلول العذاب ونزوله بكم فأخلفتم ما وعدتموني به من الثبات على الحق والطاعة، والتزام أمر الله.
واعتذر قوم موسى عما فعلوا بأسوأِ صور الاعتذار وأقبحها، وهي إسناد الفعل إلى الغير هروبا من تحمل المسؤولية وإلقاء للَّوم على الآخر فقالوا: إن إخلاف وعدنا لك بالطاعة لم يكن باختيار منا أو رضا، ولكننا شعرنا بالإثم والحرج مما أحضرناه معنا من مصر من حلي وذهب بغير وجه الحق، فوجّهَنا ونصحَنا السامري إلى التخلص من هذه الحلي بجمعها في مكان واحد تخلصا منها ومن وزرها، وفعل هو ذلك وألقى ما معه من حلي، وتبعناه في هذا التصرف، ولم نكن نعلم أن السامري لم يقصد بفعله هذا خيرا، فصنع من هذه الحلي تمثالا مجسدا على هيئة عجل، وأتقن صناعته وتصميمه، وجعل فيه منافذ للهواء، تجعله يصدر صوتا يشبه صوت خوار البقر، وزعم أن هذا العجل هو إله بني إسرائيل وإله موسى ولكن موسى نسي ذلك، وذهب يبحث عن إلهه في مكان آخر، فهذا ما حصل معنا حيث صدقنا السامريَّ واتبعناه في ما قال.
وغاب عن أذهان القوم وعقولهم أن هذا العجل مجرد تمثال مصنوع من الحلي لا يتكلم ولا يضر ولا ينفع، فكيف انطمست بصائرهم وعميت قلوبهم عن ذلك وعبدوه؟ وأصروا على ذلك مع أن هارون نصح القوم وبيّن لهم شناعة فعلهم وقبح صنيعهم، وعدم استحقاق مثل هذا التمثال أن يعبد، وأن من يستحق العبادة هو الله الرحمن، واجتهد هارون في نصحهم ومحاولة إقناعهم ولكنهم لم يسمعوا له ولم يستجيبوا لقوله وانغمسوا في ضلالهم، وردوا على هارون ردا قبيحا يظهر سخافتهم وقوة افتتانهم بهذا العجل، وأنهم سيبقون مستمرين في عبادة هذا العجل مقيمين حوله معظمين له حتى يرجع موسى ويبين لهم الحق.
وبهذا يظهر أن هارون قام بواجبه والتزم بما أوصاه به موسى من الإصلاح والدعوة إلى الخير وعدم السكوت على الباطل، ولكن موسى عليه السلام توجه إليه معاتبا سائلا إياه عن سبب عدم زجره القوم عما فعلوا، وعدم تغيير هذا المنكر الفظيع، وبلغ من شدة غضب موسى أن أمسك برأس أخيه هارون ولحيته يشده بهما، وكان جواب هارون على السؤال - بعد أن طلب من موسى أن يتركه، وناداه بابن أم استعطافا له وترقيقا لقلبه - أنه خشي إذا أغلظ لهم القول وبالغ في الإنكار أن يستجيب بعضهم له ويعرض آخرون فينقسموا إلى فريقين، ويحصل بينهما قتال وسفك دماء فتلومني على ذلك، وتتهمني بعدم الانقياد لكلامك ونصحك لي بالإصلاح في القوم إلى حين عودتك، وظهر لموسى من إجابة أخيه النبي الكريم هارون أنه بذل جهده معهم وحاول إصلاح الخلل سالكا في ذلك منهجا غلَّب فيه جانب اللين في القول خشية حصول الفُرقة والاختلاف، وآثر بعده الترقب وانتظار عودة موسى من المناجاة.
توجه موسى بعد ذلك باللوم والسؤال إلى السامري قائلا له: ما الذي فعلته في القوم ولماذا أقدمت على فعلتك هذه؟ وهنا أظهر السامري حقده وسوء طويته معلنا أن اتباعه لموسى لم يكن عن قناعة وإذعان، وأنه بعد أن تعلم شيئا يسيرا من دين موسى نبذه وتركه، وبسبب مهارته الفائقة في صناعة التماثيل، وخبث نفسه وسوء فعله احتال تلك الحيلة على بني إسرائيل فصنع لهم العجل وطلب منهم عبادته وتعظيمه والعكوف عنده، وهذا اعتراف بالجرم الخطير والفعل القبيح.
وكان قرار موسى بمعاقبة السامري على سوء فعله بعقوبة مؤلمة له، يعامل من خلالها بعكس ما قصده مما فعل، فقد هدف من خلال ما فعل إلى أن يكون معظما في القوم مقدما بينهم، فكانت عقوبته النفي والإخراج والطرد، والإبعاد عن بني إسرائيل حتى الموت، يرافق ذلك هجران الناس له وعدم تكليمهم إياه أو القرب منه حتى يهلك وهو منبوذ مبعد مطرود، أما عذاب الآخرة له فهو عظيم رهيب لا يمكنه لفرار ولا النجاة منه، وسيكون في موعده الذي قدره الله له.
أما الإله المزعوم العجل المعبود من دون الله فتم حرقه أو إحراقه ثم تذريته في البحر، لئلا يبقى منه عين ولا أثر، وليظهر للجميع أنه ليس إلها وأنه لا يستحق التعظيم والتبجيل .

المبحث الثاني
تحقيق القول في العجل الذي عبده بنو إسرائيل

في هذه القصة كما في العديد من القصص القرآني والعديد من الآيات الكريمة، مجموعة من القضايا تحتاج إلى تمحيص وتحقيق وبحث وترجيح بين الأقوال، وسأقتصر في هذا المقال على تحقيق إحدى هذه القضايا لما لها – في ما أرى – من أهمية بالغة، وهي حقيقة العجل الذي صنعه السامري وعبده بنو إسرائيل، وأذكر قبل ذلك مقدمتين لهما صلة بالموضوع:
الأولى: التعريف بالسامري: كان السامري أحد أتباع موسى الذين خرجوا معه من مصر، والظاهر أنه كان يبطن الشرك والكفر ويظهر الإيمان، ولعله كان أحد عظماء بني إسرائيل، وكفى به داعيا إلى النفاق وفعل ما فعل، واتباع الناس له فيما أمرهم به لعلمهم بمكانته ومنزلته السابقة فيهم.
والسامري اسمه، وقيل هو لقبه، واختلف في اسمه فقيل موسى وقيل هارون وقد يكون غيرهما، وهو اسم أو لقب أعجمي، وقد تكون الياء فيه للنسبة وقد تكون من بنية الاسم كما في عليّ وكرسيّ، وقد يكون هذا الرجل أصل طائفة السامرة، وهي فرقة من اليهود لهم تعاليم تخالف ما عليه جمهورهم من اعتقادات، وليس بينه وبين مدينة " السامرة" الواقعة قرب مدينة "نابلس" في فلسطين أية صلة لأن بناء مدينة السامرة كان بعد هلاك السامري بعدة قرون مما يبعد وجود صلة بينهما .
ويحتمل أن يكون السامري نسبة إلى "شومير" ومعناه بالعبرية الحفظ والحراسة، ويدل هذا الاحتمال على أنه كان أحد كبار الكهنة مما يسر له التأثير على الناس لاحقا .
الثانية: ذكر بعض المفسرين والمؤرخين والمؤلفين في قصص القرآن أن عبادة البقر والعجول كانت موجودة في مصر قبل موسى بزمن طويل، وأن العجل كان عندهم رمزا للقوة والإخصاب، وكانت صور ملوك الأسر الحاكمة القديمة على هيئة الثور، كما وجدت تماثيل قديمة في مصر على هيئة بقر مصنوعة من ذهب أو مكسوة به .
ويمكن لنا من خلال ذلك تلمس السبب الذي جعل السامري يختار العجل ليصنعه لبني إسرائيل، وجعلهم يسارعون إلى عبادته وتعظيمه.
أنتقل الآن إلى ذكر الأقوال في العجل المعبود، وهي كما يلي:
القول الأول: أن السامري دعا بني إسرائيل إلى إلقاء الحلي التي معهم في حفرة حفرها تطهيرا لأنفسهم من وزر الاستيلاء عليها من القبط بالحيلة، فاستجابوا لطلبه وألقوا ما معهم من حلي وذهب في الحفرة، وأحرقه السامري بنار أوقدها، فأصبح كتلة من الذهب، وكان السامري قد قبض قبضة من أثر قدم جبريل أو من أثر حافر فرسه لما أهلك الله فرعون ومن معه، أو لما كان يمشي أثناء غياب موسى عن بني إسرائيل، وأُلقي في روعه أنه إذا ألقى هذه القبضة على شيء دبت فيه الحياة أو أصبح كما يريد، فألقى السامري هذه القبضة على كتلة الذهب فانقلبت إلى عجل حي من لحم ودم ذي روح له خوار .
القول الثاني: أن السامري حين ألقى القبضة على كتلة الذهب أصبحت تمثالا على هيئة عجل يصدر خوارا كأنه عجل حي ولكنه تمثال وإن لم يكن تمثالا عاديا، وفي بعض روايات الحادثة أن هارون رأى القبضة في يد السامري فقال له: ألا تلقي ما في يدك، فقال: هذه قبضة من أثر الرسول الذي جاوز بكم البحر فلا ألقيها بشيء إلا أن تدعو الله إذا ألقيت أن يكون ما أريد، فألقاها ودعا له هارون فقال السامري: أريد أن تكون عجلا فاجتمع ما كان في الحفرة من متاع أو حلية أو حديد أو نحاس فصار عجلا أجوف ليس فيه روح له خوار .
القول الثالث: أن السامري بعد أن ألقى بنو إسرائيل الحلي والذهب في الحفرة عمد إليه وصنع منه بمهارة فائقة وجودة بالغة تمثالا على هيئة العجل، وجعل فيه تجويفا بطريقة محكمة تجعله إذا دخلت الريح فيه وخرجت منه يصدر صوتا يشبه صوت الخوار .
القول الرابع: أن السامري أخذ الحلي من بني إسرائيل ولم يحرقها ولم يرمها في حفرة، وأنه رأى عجلا يشبه العجول التي رآها تعبد في مصر، فاشتراه من صاحبه، ودعا بني إسرائيل إلى عبادته .
وبعد النظر في هذه الأقوال والتأمل فيها وفي أدلتها ترجح لي أن أولى هذه الأقوال بالقبول وأقربها إلى الصواب القول الثالث، ويمكن الاستدلال له بعدة أدلة تتضمن في ثناياها الرد على الأقوال الأخرى، وهي:
1- التعارض بين الروايات التي استدل بها القائلون بالقولين الأولين، وهو تعارض في كثير من جزئيات وتفاصيل الحدث، ومن الأمثلة على ذلك: الاختلاف في كون السامري من بني إسرائيل، وفي اسمه، وفي وقت رؤيته جبريل، ومصدر قبضته.
2- من الإشكالات على القولين الأولين أن السامري اختص دون سائر بني إسرائيل برؤية جبريل عليه السلام، وأنه اختص قبل ذلك برعاية خاصة من جبريل عليه السلام حيث إن أمه حين خافت عليه الذبح من جند فرعون أخفته في غار وأطبقت عليه، وكان جبريل يأتيه ويغذوه بأصابعه في واحدة لبنا، وفي واحدة عسلا، وفي واحدة سمنا، وأنه لم يزل يغذوه حتى نشأ، فأية مزية لهذا الضال المارق أن يُمكَّن من رؤية الملك الكريم، وأن يُمتَّع برعايته الخاصة له، وأن يُمكن من أخذ شيء من أثره ليضل به الناس ويغويهم، وقد اختلف المفسرون والمحدثون في الحكم على هذه الرواية متنا وسندا، ورأى بعض من قبل الرواية أن ما ورد فيها كان استدراجا لهذا الرجل، وابتلاء واختبارا لقومه .
3- توافق القول الراجح مع ما ذكره المؤرخون من تعظيم المصريين القدماء للعجول المنحوتة من ذهب.
4- توافق القول الراجح مع وصف العجل في الآيات بأنه (جسد)، ولفظ الجسد يطلق على الجسم الذي لا روح فيه ، فهو تمثال منحوت مصنوع متقن محكم يصدر صوت خوار كما وصفته الآيات، ولو كان عجلا حقيقيا حيا لما كان لوصفه بأنه (له خوار) وجه، ولكان وصفه بذلك أَولى وأدخل في التعجيب منه.
ولعل مما يُستأنس به لترجيح هذا القول أن عددا من المفسرين والمتأملين في الآيات الكريمة رجحوه وقالوا به، وردوا ما عداه من الأقوال، أو مالوا إلى تقديمه عليها ، والله أعلم.
المبحث الثالث
عبر وعظات من القصة

تحتوي قصة السامري في سورة طه على عدد غير قليل من العبر والعظات التي يمكن استنباطها من الآيات ومن الأحداث، وتتميما لفائدة ذكر القصة رأيت تخصيص هذا المبحث لما ظهر لي فيها من عبر وعظات وفوائد، وقد يظهر لمن يتأمل في الآيات الكريمة وأحداث القصة عبر أخرى، وفي ما يلي ذكر عدد من العبر والعظات والفوائد والدروس المستخرجة من القصة:
1- أهمية إقامة الإمام أو القائد بين قومه يتفقد أحوالهم ويتابع أمورهم كلها ويكون على صلة مباشرة بهم، يتابع ما يعرض لهم من أمور ولا يفارقهم إلا في ظروف خاصة وحاجة طارئة تستدعي ذلك، وهذه الفائدة ظاهرة من القصة من خلال مرافقة موسى لقومه في رحيلهم من مصر وبقائه معهم وعدم ابتعاده عنهم إلا لمدة قصيرة، ومع قصر هذه المدة إلا أنها كانت حافلة بأحداث كثيرة، كان من أهم أسبابها غياب القائد عن رعيته.
2- فضل المسارعة إلى طاعة الله والإقبال عليها، والمبادرة إلى الاستجابة لأمره سبحانه، وهذا ظاهر من قول نبي الله موسى عليه السلام (وعجلت إليك رب لترضى) [84].
3- استحباب تأخر رئيس القوم عنهم في السفر ليكون راعيا لشؤونهم ومهيمنا عليهم، تؤخذ هذه الفائدة من سؤال الله تعالى موسى عليه السلام عن سبب تقدمه على قومه، فأفاد ذلك أن الأصل تأخره عنهم، وقد أمر الله تعالى لوطا عليه السلام بهذا فقال: (واتبع أدبارهم) [الحجر:65] وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم "يتخلف في المسير فيزجي الضعيف ويردف ويدعو لهم" .
4- جواز سؤال من يعرف الجواب لقصد اختبار المسؤول أو التمهيد لحديث يتلو الجواب لبنائه عليه، ففي الآيات الكريمة سأل الله سبحانه نبيه الكريم موسى عليه السلام عن السبب الحامل له للعجلة والإسراع، وذلك في قوله تعالى: (وما أعجلك عن قومك يا موسى) [83]، وهو سبحانه أعلم بالجواب، وكان هذا السؤال تمهيدا لما سيأتي بعده من إخبار موسى عما فعل قومه في غيابه.
5- يبتلي الله تعالى عباده ليَظهر علمُه بمن يثبت على الحق ومن يضل عنه، يؤخذ هذا من قوله تعالى: (قال فإنا قد فتنا قومك) [85] فما يصيب المرء من ابتلاء واختبار وتمحيص إنما هو لتمييز الخبيث من الطيب، والتفريق بين الطائع والعاصي.
6- الانفعال الذي يحصل في النفس نتيجة المفاجأة بخبر مفجع أمر مركوز في النفوس، وكذلك التأثر عند سماع الخبر المزعج جدا أو الهام جدا، وقد حصل ذلك مع النبي الكريم موسى عليه السلام بعد أن سمع ما فعله قومه في غيابه (فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا) [86] والفاء تدل على سرعة حصول الفعل منه، وتصف الآية حال النبي الكريم بأنه كان (غضبان أسفا) " والغضب انفعالٌ للنفس وهيجان ينشأ عن إدراك ما يسوؤها ويسخطها دون خوف، والأسف: انفعال للنفس ينشأ من إدراك ما يحزنها وما تكرهه مع انكسار الخاطر" .
7- مشروعية معاتبة المخطئ وتذكيره بنعم الله عليه ومحاورته ومجادلته لإظهار الحق وإزالة الخطأ، وهذا ما فعله موسى عليه السلام مع قومه حين رجع إليهم (قال يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا أفطال عليكم العهد ..) [86].
8- من أسباب نسيان شكر النعمة وإهمال القيام بواجب الثناء على المنعم: طول العهد وتطاول الزمان، ومصداق هذا في قوله تعالى على لسان موسى مخاطبا قومه: (أفطال عليكم العهد) [86].
9- عصيان أمر الرسول صلى الله عليه وسلم مدعاة لحصول غضب الله تعالى، يؤخذ هذا من قوله تعالى: (أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم فأخلفتم موعدي) [86] والنصوص الدالة على هذا المعنى كثيرة.
10- الحذر من الهروب من الإثم القليل والوقوع في أعظم منه، فإن بني إسرائيل تحرجوا من الحلي التي حملوها معهم لما رأوا في بقائها معهم من الإثم، وهذا منكر يسير أمام المنكر الأكبر الذي وقعوا فيه وهو الشرك بالله تعالى وعبادة غيره، فهم قد تورعوا عن زينة القبط فألقوها وتخلوا عنها ورعا وتأثما من بقائها، ووقعوا في أعظم المنكرات وعبدوا العجل وعظموه، وبلغ من سفاهتهم وقلة عقولهم الجزم بأنهم إنما يعبدون إلههم وإله موسى (فقالوا هذا إلهكم وإله موسى) [88].
11- قبح إلقاء اللوم على الآخرين تهربا من المسؤولية، وهذه عادة كثير من الناس، وهذا ما فعله قوم موسى حيث قالوا له (ولكنا حُمِّلنا أوزارا من زينة القوم) [87] على وجه قراءة (حُمّلنا) بالبناء للمفعول ، فألقوا المسؤولية على من حمّلهم الأوزار والزينة، فلا لوم عليهم ولا خطأ منهم، وهذا الأسلوب الساذج في التعامل مع التقصير والإهمال أسلوب قبيح مذموم لا يعفي من حمل المسؤولية عن الفعل، ويدل على ضعف الإرادة عند قائله.
12- اشتراك مجموعة كبيرة في الفعل يشعرهم بشيء من الأمان أثناء فعله، ويخفف من آثار العقوبة عليهم لما تتوزع على مجموعهم، وهذا الشعور يُلمح من إجابة قوم موسى على سؤاله لهم بصيغة الجمع وبعبارة واحدة، فهم متكافلون في الموضوع ومتفقون على الجواب فيه، بما يعني استعدادهم جميعا لتحمل المسؤولية معا، وكذلك العقاب المترتب على الفعل، وهذا الشعور بين الناس قد يكون له أثر إيجابي في أمور، ولكنه قد يكون ذا أثر سلبي كما في هذا الموقف حيث يخفف من الشعور بالإثم في النفس.
13- شعور الإنسان بالإثم ووخز الضمير بعد فعله ما لا يحل له، فيلوم نفسه على الوقوع في الإثم ويندم عليه، وهذا ظاهر من جواب قوم موسى له بقولهم (ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم) [87] على وجه قراءة (حَمَلنا) بالبناء للفاعل ، وفي كيفية حصول بني إسرائيل على الحلي روايتان:
الأولى: أنهم استعاروها من القبط قبيل الخروج مع موسى بزعم الحاجة إليها لحضور عيد لهم، وفي بعض الروايات أن هذا الفعل كان بإذن من موسى أو بعلمه، وأنه فعل جائز لهم فقد عملوا في خدمة القبط سنوات بلا مقابل، فلهم حقوق مالية كثيرة عندهم، وما أخذوه من حليهم يعد بعض ما لهم عندهم من حق .
الثانية: أنهم التقطوها من ساحل البحر بعد أن قذفها الموج بعد غرق فرعون ومن معه، ولم تكن الغنائم تحل لهم لما ثبت في الحديث من قوله صلى الله عليه وسلم: "وأحلت لي الغنائم ولم تحل لنبي قبلي" .
14- حنين الإنسان إلى ما اعتاد فعله أو إلى ما كان عليه الآباء والأجداد من سلوك وعمل، يؤخذ هذا من اتباع قوم موسى للسامري حين اختار أن يصنع لهم جسد عجل، لعلمه بما كان عليه آباؤهم وأهل مصر من تعظيم البقر وتقديسها.
15- تعلق بني إسرائيل بالمادة وتحديدا بالذهب والمال، وكان هذا التعلق من أقوى أسباب اتباعهم السامري حين صنع لهم جسد العجل، فهم قوم ماديون، يطغى تعلقهم بالمادة على غيره، خاصة إذا كان هذا الأمر المادي ذهبا وحليا وأموالا، ومما يدل على تعلقهم بالماديات طلبهم من موسى عليه السلام أن يجعل لهم إلها محسوسا كإله القوم الذين رأوهم يعكفون على أصنام لهم بعد اجتيازهم البحر، فقالوا: (يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة) [الأعراف:138] حتى إن القوم الذين اختارهم موسى لم يقلوا عن سائر بني إسرائيل تعلقا بالماديات فقد قالوا لموسى: (لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة) [البقرة:55].
16- ضعف إيمان بني إسرائيل بالله وبرسوله، يتجلى ذلك من خلال سرعة استجابتهم إلى إضلال السامري لهم، ووقوع معظمهم في حبائله ومتابعته دون تروٍّ ولا تمهل ولا إعمال فكر ولا مراجعة إيمان، كل هذا مع ما رأوه من آيات الله وعنايته بهم وإنجائهم من كيد فرعون وبطشه، ومع ذلك لم يصمدوا أمام هذه الفتنة اليسيرة وسارعوا إلى الردة وعبادة جسد العجل، والتخلي عن الإيمان الحق بالله تعالى وبرسوله الكريم.
17- أهمية الحوار مع من يعبد غير الله وتقديم الدليل الواضح له على بطلان عبادته وعدم صلاحية معبوده للعبادة والتعظيم، وفي هذه الآيات ذكر لدليل ظاهر يبين بطلان ما فعله قوم موسى وعدم صلاحية معبودهم للعبادة (أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا) [89].
18- سذاجة عقول من يعبد غير الله تعالى، فهؤلاء بنو إسرائيل اتجهوا إلى عبادة وتعظيم عجل مصنوع من ذهب وحلي، لا يكلمهم ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا، فهو مجرد تمثال متقن الصنع يصدر خوارا يشبه صوت البقر الحي وما هو بحي ولا قادر على الحركة ولا الكلام ولا التأثير، ولو وافقنا من قال إنه انقلب إلى عجل حي فإنه حيوان بهيم عاجز عن نفع نفسه وضرها فكيف يعظم ويعبد؟ وأين عقول من عظمه وعكف عليه؟
19- على الإمام أو القائد أو من ينوب عنه المبادرة إلى تقديم النصح إلى قومه إذا رأى منهم زيغا أو انحرافا عن الحق، وهذا ما قام به هارون عليه لسلام (ولقد قال لهم هارون من قبل يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري) [90].
20- على الداعية أن يسلك السبيل الأمثل في دعوته، وأن يتدرج في إقناع المخاطبين للوصول بهم إلى المراد، وقد فعل هارون عليه السلام ذلك "لأنه زجرهم عن الباطل أولا بقوله (إنما فتنتم به) ثم دعاهم إلى معرفة الله تعالى ثانيا بقوله (وإن ربكم الرحمن)، ثم دعاهم ثالثا إلى معرفة النبوة بقوله (فاتبعوني)، ثم دعاهم إلى الشرائع رابعا بقوله (وأطيعوا أمري) وهذا هو الترتيب الجيد لأنه لا بد قبل كل شيء من إماطة الأذى عن الطريق وهو إزالة الشبهات، ثم معرفة الله تعالى هي الأصل، ثم النبوة، ثم الشريعة، فثبت أن هذا الترتيب على أحسن الوجوه" .
21- مشروعية اختيار من يحكم بين المختلفين بالاتفاق على شخصه والرضا بحكمه، يدل على هذا قوله تعالى على لسان قوم موسى (حتى يرجع إلينا موسى) [91].
22- اختلاف أسلوب الدعوة بين الرسولين الكريمين موسى وهارون عليهما السلام، وتباين مناهج الدعاة في سلوك السبيل الأولى للإصلاح، فهذا هارون عليه السلام رأى أن ما فعله مع قومه هو الأولى والأصح، حيث ذكّرهم بالله ودعاهم إلى نبذ عبادة العجل، وإلى طاعته، ولكنه حين توقع منهم إيذاءه وقتله وتفرقهم إلى فريقين متناحرين رأى أن الالتزام بوصية أخيه موسى عليه لسلام بقوله (اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين) [الأعراف:142] يكون بانتظار رجوعه، حيث إن القوم علقوا عكوفهم على العجل عليه (قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى) [91] وكان عتاب موسى لأخيه هارون عليهما السلام لأنه كان يترقب منه أن يلحق به ويخبره بما حصل ليتم تدارك الأمر في بدايته، ولذا لامه على ترك ذلك، ولكنه حين علم من هارون ما فعله في غيابه من اجتهاده في إصلاح القوم وما قابلوه به من وقاحة في الرد وقرب حصول الفتنة بين القوم، توجه موسى بالدعاء إلى الله تعالى (قال رب اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك) [الأعراف:151]، وبهذا يتبين لنا حصول الاختلاف في أسلوب الدعوة، والاجتهاد في الأولويات والمنهج.
23- يفعل المرء في حال الغضب والانفعال ما ليس من عادته فعله، وهذا ما حصل مع موسى عليه السلام في هذه القصة، فبعد أن أعلمه الله تعالى بما فعل قومه رجع إليهم مسرعا وهو يحمل ألواح التوراة بيديه، ولما رأى مشهد تعظيم العجل وعبادته تأثر جدا من ذلك (وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه) [الأعراف:150] وهذان الفعلان ما كانا ليصدرا من نبي الله موسى عليه السلام لولا وقع الحدث المؤثر جدا عليه.
وكان موسى عليه السلام شديد الغضب لله تعالى ولدينه فلم يتمالك حين رأى قومه يعبدون العجل من دون الله أن ألقى الألواح غضبا لله تعالى وعنف أخاه بقسوة وحدّة .
24- تأثر المرء بالشيء حين يراه أقوى وأشد من تأثره به إذا سمعه، فإن موسى عليه السلام حين سمع ما أخبره الله تعالى به من حصول الضلال في قومه تأثر لذلك وانفعل فأسرع في العودة والرجوع إليهم، ولكن تأثره بلغ مداه الأعلى وحده الأكبر حين رآهم يعبدون العجل ويعظمونه، وفي هذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس الخبر كالمعاينة، إن الله عز وجل أخبر موسى بما صنع قومه في العجل فلم يلق الألواح، فلما عاين ما صنعوا ألقى الألواح فانكسرت" .
25- يعفى عما يصدر عن المرء من تصرف حال شدة غضبه انتصارا لله تعالى ولدينه، فإلقاء الألواح المحتوية على كلام الله، وإيذاء نبي كريم بشده من رأسه ولحيته، فعل غير مقبول من أحد إذا قام به وهو في الحال المعتاد، ولكن إذا قام به في حال الانفعال والغضب لدين الله تعالى فلا يلام عليه، ولا يؤاخذ به، وهذا ما حصل مع النبي الكريم موسى عليه السلام .
26- استحباب التريث قبل فعل الشيء ومحاولة ضبط النفس قبل الانفعال بسبب خبر أو حدث، لئلا يصدر عن المرء قول أو فعل لا يرضى عنه وهو في حال الهدوء والاستقرار، ولئلا يساء فهم فعله من قبل بعض من يراه، ولذا طلب هارون من موسى حين أمسك به أن يطلقه معللا طلبه بقوله: (فلا تشمت بي الأعداء) [الأعراف:150].
27- إعفاء اللحية من سنن الأنبياء ومن سنن الفطرة، وقد نصت الآية الكريمة على قبض موسى عليه السلام لحية أخيه هارون عليه السلام ، والظاهر أن إمساك موسى بلحية هارون ورأسه كان من آثار انفعاله وغضبه، وأنه فعله لوما له وتعنيفا، أما ما ذكره بعض المفسرين أن إمساك موسى بلحية هارون كان من قبيل ما يفعله الإنسان بنفسه عند الغضب إذا عض شفتيه وفتل أصابعه وقبض لحيته، ويكون موسى أنزل هارون بفعله هذا منزلة نفسه فهو أخوه وشريكه في الرسالة، فصنع به ما يصنع الرجل بنفسه حال الغضب فبعيد ولا يدل عليه السياق .
28- الاستعطاف بالتذكير بصلة الأخوة من جهة الأم أقوى تأثيرا في النفس من التذكير بصلة الأخوة من جهة الأب، ولذا قال هارون لموسى (يا ابن أم) [94] في ذاك الموقف مذكرا إياه بصلة الأخوة من جهة الأم لما فيه من ترقيق القلب وتهدئة النفس .
29- مشروعية استخدام الشدة والقسوة في العبارات والمواقف من قبل الداعي مع من يخاطبهم، خاصة إذا شعر بالحاجة إلى ذلك، وقدّر أن هذا التصرف يناسب الموقف والمقام، وله أثره في المخاطَب وتأثيره فيه، وقد ظهر هذا الأمر جليا في عبارات وتصرفات النبي موسى مع أخيه النبي هارون عليهما السلام ومع قومه.
30- التدرج في الوصول إلى المعلومة ومحاولةِ معرفة سبب الوقوع في الخطأ، وإذا اكتفى السائل بجواب المسؤول الأول لا ينتقل إلى سؤال غيره، وفي هذه الآيات نجد أن موسى عليه السلام بدأ بسؤال قومه الذين أجابوا إجابة تدل على البلاهة وقلة العقل ومحاولة إلقاء اللوم على غيرهم والتنصل من المسؤولية، فلم تغن إجابتهم شيئا، فانتقل إلى سؤال أخيه عما حصل وعن موقفه وهو خليفته في قومه، فأوضح له هارون موقفه وذكر له من الجواب ما يتعلق به وبأدائه الرسالة على الوجه الأتم في ما يرى مما استدعى زوال غضب موسى عليه، ودعاءه له بالمغفرة والرحمة، ولما كانت الحاجة ما تزال قائمة إلى معرفة تفاصيل ما حدث وكيف استطاع السامري إضلال القوم وإغواءهم توجه إليه موسى بالسؤال، فاكتملت في ذهنه الصورة وعرف حقيقة ما جرى في غيابه.
31- من سوء خلق المرء مخاطبته الشخص ذا المقام الرفيع والمنزلة العالية بما يخلو من توقيره واحترامه، فهذا السامري حين أجاب نبي الله موسى عليه السلام خاطبه بأسلوب غير لائق لا يظهر فيه التوقير والاحترام، إذ قال في الجواب (بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي) [96] فبدأ بامتداح نفسه وبيان فضله على قومه، وعلى قراءة (تبصروا) بالتاء يكون جوابه أشد وقاحة.
وزاد من وقاحته حين لم يتوجه بالخطاب إلى النبي الكريم، وتحدث عنه بصيغة الغيبة (الرسول) بناء على أن المراد بالرسول موسى عليه السلام كما سبق ترجيحه في المقال، ولا يظهر في عبارات السامري وجوابه ما يدل على ندمه على ما فعل وأساء.
32- اختيار العقوبة الملائمة للذنب، فيجازى المخطئ بحرمانه ما قصد الوصول إليه بالطريق الخطأ، ومنعه من تحصيل ما أراد، وهذا ظاهر من عقوبة السامري الذي قصد مما فعل تبوأ موقع مميز بين القوم وقيادتهم والسيطرة عليهم، فكانت عقوبته إبعاده عن القوم وإبعادهم عنه، وجعله في وضع مهين متناسب مع سوء فعله وحقارة سلوكه.
33- وجوب طمس معالم الشرك، وإتلاف أسباب الكفر وإزالتها وتحطيمها، فهذا العجل الذي عُبد من دون الله كان مصيره بعد تحريقه أو برده بالمبارد تذريته في الهواء لتختلط ذراته المبثوثة في الهواء مع ماء البحر (وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا) [97] لعل هذا يقنع من عبده بأنه شيء لا يستحق التعظيم ولا التقديس.
وينبغي أن يكون هذا الفعل في الوقت المناسب له، وهذا ما حصل في هذه القصة، وما حصل في السيرة النبوية، فإن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم لم يقدم على تحطيم الأصنام التي كانت حول الكعبة وغيرها من الأصنام إلا بعد أن دخل مكة فاتحا منتصرا فشرع في تحطيمها دون تأخير ولا إبطاء، وكان هذا الوقت هو الأنسب لهذا الفعل، فلم يلق مقاومة أو اعتراضا من أهل مكة أو من غيرهم .
34- مشروعية هجر أهل المعاصي ودعاة الفتنة ونفي أهل البدع والفجور، نجد هذه الفائدة في عقوبة السامري (قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس) [97] كما نجدها في السيرة النبوية حين أمر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة بهجر الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك ، وكانت عقوبة قوية رادعة زاجرة مؤثرة.
--------------------------------------------------------------------------------------
قائمة المراجع
1- أحسن القصص بين إعجاز القرآن وتحريف التوراة، لزاهية الدجاني، دار التقريب بين المذاهب الإسلامية، بيروت، ط الأولى، 1412هـ، 1993م.
2- أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، لمحمد الأمين الشنقيطي (ت 1393هـ) نسخة محوسبة في المكتبة الشاملة.
3- أنوار التنزيل وأسرار التأويل، لعبد الله بن عمر البيضاوي (ت 691هـ)، نسخة محوسبة في المكتبة الشاملة.
4- إيضاح الرموز ومفتاح الكنوز في القراءات الأربع عشرة، لمحمد بن خليل القباقبي (ت 849هـ) تحقيق أحمد خالد شكري، دار عمار، عمّان، ط الأولى، 2006م.
5- التحرير والتنوير، لمحمد الطاهر بن عاشور (ت 1972م)، الدار التونسية للنشر والدار الجماهيرية (بلا رقم طبعة ولا تاريخ نشر).
6- تفسير القرآن العظيم، لإسماعيل بن عمر بن كثير (ت 774هـ)، نسخة محوسبة في المكتبة الشاملة.
7- التفسير الكبير، لفخر الدين محمد بن عمر الرازي (ت 606هـ)، دار الغد العربي، القاهرة، ط الأولى، 1412هـ، 1992م.
8- التفسير المنهجي لمجموعة من المؤلفين، رجعت إلى الجزء 11 المحتوي تفسير سورة طه، وهو من إعداد أحمد شكري، دار المنهل، عمّان، ط الأولى ؟
9- التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج، لوهبة الزحيلي، دار الفكر المعاصر ببيروت، ودار الفكر بدمشق، ط الأولى، 1411هـ، 1991م.
10- التفسير الوسيط، لمحمد سيد طنطاوي، نسخة محوسبة منشورة في موقع مؤسسة آل البيت، الأردن، altafseer.net
11- جامع البيان عن تأويل آي القرآن، لمحمد بن جرير الطبري، مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، ط الثالثة، 1388هـ، 1968م.
12- الجامع الصحيح، لمحمد بن إسماعيل البخاري (ت 256هـ) نسخة محوسبة في المكتبة الشاملة.
13- الجامع الصحيح، لمسلم بن الحجاج النيسابوري (ت 261هـ) نسخة محوسبة في المكتبة الشاملة.
14- الجامع لأحكام القرآن، لمحمد بن أحمد القرطبي (ت 671هـ)، دار الكتب العلمية، بيروت، 1408هـ، 1988م.
15- دراسات تاريخية من القرآن الكريم، لمحمد بيومي مهران، دار المعرفة الجامعية، الاسكندرية، 1995م.
16- روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، لمحمود بن عبد الله الألوسي (ت 1270هـ)، نسخة محوسبة في المكتبة الشاملة.
17- سنن أبي داود، لسليمان بن الأشعث (ت 275هـ)، ومعه: بذل المجهود في حل سنن أبي داود لخليل السهارنفوري، مركز الشيخ أبي الحسن الندوي، الهند، ط الأولى على نفقة سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان، 1427هـ، 2006م.
18- في ظلال القرآن، لسيد قطب (ت 1386هـ)، نسخة محوسبة في المكتبة الشاملة.
19- قصص الأنبياء، لعبد الوهاب النجار، دار الفكر، بيروت (بلا رقم طبعة ولا تاريخ نشر).
20- قصص الأنبياء أحداثها وعبرها، لمحمد الفقي، مكتبة وهبة، ط الأولى، 1399هـ، 1979م.
21- قصص القرآن الكريم، لابن كثير، تحقيق: أحمد إبراهيم زهوة، دار الكتاب العربي، 1424هـ، 2004م.
22- قصص القرآن الكريم، لسعيد اللحام، دار ومكتبة الهلال، ط الأولى، 1987م.
23- قصص القرآن الكريم، لفضل حسن عباس، دار الفرقان، عمّان، ط الأولى، 1420هـ، 2000م.
24- القصص القرآني عرض وقائع وتحليل أحداث، لصلاح عبد الفتاح الخالدي، دار القلم بدمشق والدار الشامية ببيروت، ط الأولى، 1419هـ، 1998م.
25- الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، لمحمود بن عمر الزمخشري (ت 538هـ) نسخة محوسبة ضمن المكتبة الشاملة.
26- المسند لأحمد بن حنبل (ت 241هـ) نسخة محوسبة في المكتبة الشاملة.
27- الميزان في تفسير القرآن، لمحمد حسين الطباطبائي (ت 1982م)، مؤسسة الأعلمي، بيروت، ط الثانية، 1392هـ، 1972م
[justify]

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

عمر حاج أحمد

عمر حاج أحمد
 
 

الجنس : ذكر
اسم الدولة : سوريا

عدد المساهمات : 4250
نقاط التميز : 4915
تاريخ التسجيل : 04/04/2009
العمر : 46
  : 100%

من هو السامريّ ؟ Vide
مُساهمةموضوع: رد: من هو السامريّ ؟ من هو السامريّ ؟ Emptyالإثنين مارس 29, 2010 5:01 am

مشكووووور جداااا دكتور على مجهودك الكبير بهذا الموضوع وجزاك الله كل خير...

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.maarthorma.com

avatar

فؤاد خطيب
 
 

الجنس : ذكر
اسم الدولة : سوريا

عدد المساهمات : 623
نقاط التميز : 780
تاريخ التسجيل : 24/07/2009
العمر : 56
  : 100%

من هو السامريّ ؟ Vide
مُساهمةموضوع: رد: من هو السامريّ ؟ من هو السامريّ ؟ Emptyالثلاثاء مارس 30, 2010 1:25 am

جزاك الله عنا كل خير
دكتور علي ووفقك الله ونفعنا الله بعلمك وبصرنا بحقائق عميت علينا نرجو منك الا تقطعنا بعد اذ وصلتنا والا تغيب علينا بعد اذ سطع وجهك حتى انطبق عليك قول احدهم:
كانا نجوم في السماء مضيئة ولابد من بدر فهل انت طالع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

أنس الحاج أحمد

أنس الحاج أحمد
 
 

من هو السامريّ ؟ Kateb10
من هو السامريّ ؟ Super_10
الجنس : ذكر
اسم الدولة : الإمارات

عدد المساهمات : 3205
نقاط التميز : 4640
تاريخ التسجيل : 07/04/2009
العمر : 50
  : 100%

من هو السامريّ ؟ Vide
مُساهمةموضوع: رد: من هو السامريّ ؟ من هو السامريّ ؟ Emptyالثلاثاء مارس 30, 2010 3:24 am

بارك الله بك دكتور على هذا البحث الموثق بالأدلة والمراجع والشواهد
وأجمل ما في البحث الدروس والمواعظ من هذه القصة التي تنبغي أن نستفيد منها في حياتنا نحن المسلمين
بوركت جهودك
وفقك الله

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

معتـــز

معتـــز
 
 

من هو السامريّ ؟ Super_10
الجنس : ذكر
اسم الدولة : سوريا

عدد المساهمات : 3946
نقاط التميز : 4979
تاريخ التسجيل : 10/11/2009
العمر : 39
  : 100%

من هو السامريّ ؟ Vide
مُساهمةموضوع: رد: من هو السامريّ ؟ من هو السامريّ ؟ Emptyالأربعاء مارس 31, 2010 6:50 pm

جزاك الله كل خير وشكرا لهذا المجهود الكبير

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

من هو السامريّ ؟

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة
صفحة 1 من اصل 1

(( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إلاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ))


صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: 
الأدب والثقـــــــــافة
 :: المنتدى الثقافي والتاريخي
-

 

جميع الحقوق محفوظة لمنتدى معرة حرمة 2009-2010 ©

تصميم: عمر حاج أحمد