آية مررنا عليها في كتاب الله كثيراً وسمعناها أكثر ولو جعلناها دستوراً لنا في حياتنا العملية
لزال النزاع والخصام والاتهام والدعاوي الباطلة والظلم والتعدي ...ولكن قبل أن تعرف ماهي هذه الآية أطلب منك أن تقرأ المقال لنهايته لأنّ فيه ما ينفعك في دينك ودنياك وآخرتك
قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تُصيبوا قوماً بجهالة فتــُصبحوا على ما فعلتم نادمين )
سبق وقد سقت أقوال المفسرين في هذا الآية بقي عليّ أن أنقل لكم سبب نزول هذه الآية
قال الحافظ بن كثير ذكر كثير من المفسرين أنّ هذه الآية نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي مُعيط حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على صدقات بني المصطلق
وقد روي من طرق أحسنها ما رواه الأمام أحمد عن الحارث بن ضرار قال قدمتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاني إلى الإسلام فدخلت فيه وأقررت به ، ودعاني إلى الزكاة فأقررت بها ، وقلت يا رسول الله ! ارجع إليهم فأدعوهم إلى الإسلام وأداء الزكاة فمن استجاب لي جمعتُ زكاته وترسل إليّ يا رسول الله رسولاً إبان كذا وكذا ليأتيك بما جمعت ُ من الزكاة ، فلما جمع الحارث الزكاة ممن استجاب له وبلغ الإبان _ أي الموعد_الذي أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبعث إليه احتبس عليه الرسول ولم يأته وظن الحارث أنه قد حدث فيه سخطة من الله تعالى ورسوله وكان رسول الله قد بعث الوليد بن عقبة إلى الحارث ليقبض ما كان عنده مما جمع من الزكاة فلما سار الوليد حتى وصل بعض الطرق خاف فرجع حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله ! إنّ الحارث قد منعني الزكاة وأراد قتلي فضرب رسول الله البعث إلى الحارث وأقبل الحارث وأصحابه فالتقيا قرب المدينة فسألهم الحارث : إلى من بعثتم ؟ قالوا إليك ،قال : ولمَ ؟؟ قالوا : إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إليك الوليد بن عقبة فزعم أنك منعته الزكاة وأردتَ قتله
قال : لا والذي بعث محمداً بالحق ، ما رأيته بتة ولا أتاني .
فلما دخل الحارث على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" منعتَ الزكاة وأردتَ قتل رسولي ؟؟؟"" قال : لا والذي بعثك بالحق ما رأيته ولا أتاني
وما أقبلت إلا حين احتبس عليّ رسولُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فنزلت الآية
هذا سبب ورود الآية بتصرّف وقدرواه غير أحمد ابنُ أبي حاتم والطبراني وقال الهيثمي رجال أحمد ثقات وجوّد إسناده السيوطي في الدر المنثور
أرأيتم يا عباد الله كادت تشعل نار الحرب ويُقتل أناس أبرياء أتقياء لشهادة مُخطيء !!!!
وقد ذكر القرطبي في رواية : أنّ الوليد بن عقبة لم يذهب إلى الحارث لإحنة كانت بينه وبينهم فرجع وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنهم ارتدوا عن الإسلام فبعث النبي عليه الصلاة والسلام خالد بن الوليد ليغير عليهم بعد أن يتثبت
وفي رواية لما سمعوا بقدوم الوليد خرجوا إليه ليستقبلوه ويُكرموه لأنه رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم
وليعطوه الصدقة ... أرادوا إكرامه فزعم أنهم أرادوا قتله !!! أخبر أنه ارتدوا وهم على كامل الطاعة وخالص الولاء لأمر الله ورسوله
قرأ حمزة والكسائي بدل ( فتبينوا ) فتثبتوا ...فالتثبتَ التثبتَ أيها الإخوة ..أعلمتم لمَ يجب علينا التبين والتثبت ؟؟؟؟
حتى لا نُصيب أقواماً بجهالة فنندم
قال الإمام فخر الدين الرازي : قوله تعالى (فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ) فيه فائدتان :
إحداهما : تقرير التحذير وتأكيده ... ولا يجوز للعاقل أن يقول : هب أني أصبت قوماً فماذا عليّ ؟؟؟
بل عليكم منه الهم الدائم والحزن المقيم ومثل هذا الشيْ واجب الاحتراز منه
والثانية : مدح المؤمنين ، أي لستم ممن إذا فعلوا سيئة لا يلتفتون إليها بل تصبحون نادمين عليها..انتهى بتصرف
جمعت لكم من تفسير القرطبي والسعدي والرازي وابن كثير رحمهم الله تعالى راجياً الأجر والثواب من الله تعالى ثم الدعاء منكم والسلام عليكم ورحمة الله