الحمد لله ؛ و الصلاة و السلام على سيدنا رسول الله ؛ و على آله و صحبه و من والاه :
فهذه أفكار عامة حول عالم النت و الكتابة فيه و التعامل معه ، أحببت أن أطرحها منطلقاً لحوار راشد مرشِّد لعالم المنتديات الإسلامية ، و أنا بانتظار المشاركات التي تضيف أو تصحح أو تكمل هذه الآراء ... لتكون خطوة على طريق تأصيلٍ مؤمِنٍ للتعامل مع عالم النت ، فأرجو ألا نكتفي بعبارات الشكر – مع امتناني – بل أن يكون الاعتناء بإغناء الفكرة و ترشيدها و تأصيلها ... أكرمكم ربي و رعاكم . أولاً – المنتديات : إن الكلام و الكتابة في المنتديات هو صورة تعكس إيمانك و شخصيتك و أخلاقك و ذوقك ، فاحذر أن تكتب ما يهز صورتك و يوهن الثقة بك . و تذكَّر : أن المنتديات ليست ساحة لبث الأحقاد أو تنفيسها ... و ليست معتركاً لفضّ الخصومات و المنازعات ، و إليك أهم ما أراه ضرورياً في تعاملك الفكري و الكتابي مع المنتديات : 1 – لا بد من توثيق النصوص التي تنقلها ... و إلا سقطت من أعين من يقرأ لك ، لأن المعلومة الطيارة أو المقمَّشة – الملتقطة - من هنا و هناك لا تورثك في عقلية قارئك إلا أنك حاطب ليل ؛ يجمع ما تناثر دون تدقيق و توثيق ... و خاصة عندما تنقل آية من كتاب الله تعالى ؛ فعليك – جهد طاقتك – أن تذكر اسم السورة و رقم الآية ، و في ذلك عصمة لك من التسبب في تحريف كتاب الله تعالى ، و بفضل الله تعالى البرامج الخاصة بالقرآن الكريم متواجدة بكثرة ، و لا تحتاج منك إلا إلى قليل من الجهد و الصبر ... و ستجني من وراء ذلك : ثقة في كتابتك و متانة في أسلوبك . و الشيء ذاته يقال عن الأحاديث التي تذكرها عن رسول الله – صلى الله عليه و سلم - ، فلا بد من التخريج للحديث من دواوين السُّنَّة المطهرة ؛ مع الاعتماد على أقوال المحدثين في الحكم على الحديث الذي تنقله ... و إلا ؛ فلا أقلَّ من أن تعتمد في نقلك على كتاب موثوق ؛ التزم مؤلفه ذكر الصحيح من الحديث دون المكذوب و الموضوع . و إن خرَّجت أقوال العلماء و الأئمة و وثَّقتها ... تَكنْ قد وصلت إلى الإبداع في كتابتك . 2 – ضع بصمتك الخاصة في كل ما تكتب ، و إياك أن تكون مجرد ناسخ يردّد ما كتبه غيره ... و عندها إما أن يتهمك القاري بالخفة أو بالسرقة لأفكار الآخرين . فانقل ... لكن أضِفْ و أغنِ و أبدِ رأيك ... مع العزو إلى من نقلت عنه ، لتكون في نظر قارئك أميناً . 3 – كلنا لدينا في حياتنا الخاصة آلامٌ ؛ و عندنا خصوم ، فاحذر أن توظِّف قلمك لتنفيس أحقادك و تحطيم أعداءك ... بل ترفّع عن خصوصيتك إلى عموم فكرتك ... و عندها ستصل رسالتك و صوتك ... و دون أن تحرج نفسك أو غيرك . 4 – لا تسلك سبيل الإكثار من المشاركات لتكثير الأعداد ، و بالتالي : لتشعر نفسك و الآخرين أنك الأكثر مشاركة أو الأكثر مواضيع ... لأنك – في المحصِّلة – لن تجنيَ إلا عدداً ... ستكون مجرد عدد أُضيف إلى عدادات الموقع الذي تكتب فيه ... و الأعداد ... مجرد أعداد ... لا تسمن و لا تغني من جوع . و أنا أبشِّرك بأن كثرة الأعداد ستضمن لك الشهرة ... و لكنها شهرة تضرك و لا تنفعك ... و تصغرك و لا تكبرك ... لأنها ستصف كتاباتك : بالخِفَّة و السطحية ... و هذه الشهرة ستقضي عليك في عالم الكتابة . و في المقابل : لو كتبت موضوعاً واحداً متميزاً ؛ قوياً ؛ جاداً ... فستأتيك الشهرة أيضاً ... لكنها بلون و طعم آخر ... ستكون في أنظار من يقرأ لك : مبدعاً ... و سيسارع إلى تلقُّف كل ما تكتب و لو كان جملة واحدة . فاختر لنفسك : أين تريد أن تضعها ؟ و للشهرة : كيف تريدها ؟ 5 – كلنا لدينا أفكار و رؤى اتخذناها و اقتنعنا بها ، و قد يوافقنا عليها أو يعارضنا فيها القليل أو الكثير ، و أنت لن تستطيع أن تفرض رأيك على غيرك إلا بسبيل واحد : أن توصل فكرتك إلى غيرك كما وصلت هي ذاتها إليك ... فالإقناع بالحجة و الدليل و البرهان و الحوار البنّاء الراقي هو السبيل الأوحد لنشر فكرك . أما الهجوم على الفكر الآخر ، و توهينه ، و شتم صاحبه ، و اتهامه بشتى الاتهامات ... فاعلم أنك – حينها - أول موهن لفكرك ... و أول محطم لرأيك ... فليكن همّك توصيل الفكرة التي تريد ... بهدوء ... بإنصاف ... بغيرية ... بأدب ... باحترام لكرامات المخالف و خصوصياته . و إن الانتقال من الاهتمام بعالم الأشخاص إلى الاهتمام بعالم الأفكار ... هو خطوة لا بد منها لكل من يريد الإفادة و التميز لفكره و طرحه . 6 – في القضايا الخلافية : حاول التخفّف من التعصّب لرأي دون آخر ... بل اطرح ما تختاره بدليله و حجته و برهانه ... و اترك لمخالفك أن يدلي بدلوه أيضا ... فإن اتفقتما على رأي فبها و نعمت ... و إلا ؛ فلن تستطيع – مهما غضبت ... أو وهّنت من الآخر ... أو اتَّهمت – أن تقضي على خلاف استقرت الأمة على القبول به من مئات السنين . 7 – الكتابة أمانة : فلا تكتب إلا ما تقتنع به ؛ و ملكت حجته ؛ و ستلقى الله تعالى به ، أما إن كتبت لترضي هذا أو ذاك فأنت نفعي لا خير فيك و لا ثقة فيما تطرح . 8 – حاول أن تشرح كل فكرة أو لفظة غريبة فيما تكتب ، ليكون قارئك مستريحا لما يقرأ ؛ مستوعباً له ، أما أن تستعمل الغريب من الألفاظ و الدقيق من الأفكار ... و دون شرح أو توضيح ... فأنت أول من يحكم على كتاباتك بانقطاع المتابعين لها . 9 – لا يدفعك الحسد من أخ لك مبدع إلى الكيد له ؛ و التصيّد لعثراته ... فليس من أخلاق إسلامنا ذلك ... بل كن مكملاً لأخيك ؛ داعماً له ؛ خاصة إذا رأيت أن الله تعالى يجري خيراً على يديه ... و هذا أمر يحتاج إلى يقظة التقوى لله تعالى و المراقبة له سبحانه في النفوس ... أما من غاب عنه الله تعالى ... فنقول له : احذر ... فالله يراك و يسمعك !. 10 – الكتابة أمانة و مسئولية و وظيفة ، فلا تكتب إلا ما ترى أن فيه فائدة لك يوم تقف بين يدي الله تعالى : {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ} [الصافات : 24] . و لا بد قبل كل شيء : ان تتذكر : لماذا تكتب ؟ و من هدفك – من حيث النيّات – بكتابتك ؟ ... و هذا أساس فقه الإيمان ، فانتبه إليها .
ثانياً - صناديق المحادثات : إن عالم النت – كما نعلم - يتميز بحقيقة لا يجوز أن نتجاهلها أو نتناساها ؛ و هي : أنه عالم افتراضي أو نظري – في الكثير من جوانبه - ؛ و خاصة فيما يتعلق بالعلاقات و الاتصالات بين الأفراد ، و هذا يستدعي منا أموراً : 1 – الحذر و عدم الإفراط في الثقة و الطمأنينة في الطرف الآخر . 2 – عدم الخوض في الخصوصيات إلا مع من سبقت لنا منه و به معرفة خاصة ؛ تنقله من عالم الافتراض إلى عالم الواقع . 3 – توقَّعْ المفاجآت لحظةً بلحظة ، فقد يكون الذكر أنثى ، و الأنثى ذكراً ، و الحبيب عدواً ، و الشفيق متربصاً ، و البعيد قريباً ؛ و القريب بعيداً. 4 – البعد عن الألقاب التي تثير شهوات أو شبهات أو حساسيات ؛ نحو " حبيبة و عاشقة ، و متيمة " ، أو التي تثير العداوات ؛ نحو : " قاهر كذا ، و مذلّ كذا ، و محطم ... " ، و هذا كله في الدائرة الإسلامية . 5 – محاولة تسخير و توظيف المحادثات لما فيه الرقي بالمتحادثين ثقافة و فكراً و أدباً و أخلاقاً .... و هذا أولى من الأسئلة و الحوارات التي لا طعم لها و لا رائحة و لا لون في عالم الإيجابية و القيم . 6 – الشحُّ الشديد في التواصل بين الجنسين ، فليس من اللائق – إسلامياً - إطالة المحادثات بين الجنسين فيما لا فائدة فيه إلا " طق الحنك " - كما يقال - ... و لنعلم : أن الله تعالى يراقبنا في كل كلمة و همسة و إشارة و عبارة . 7 – المجالس بالأمانة : و هذا يعني : ضرورة حفظ كرامات الناس و أعراضهم و خصوصياتهم . 8 – على العنصر الأنثوي أن يكون أكثر حذراً في هذا المجال ؛ لأن الضرر النازل بهن يفوق كثيراً العنصر الرجالي أو الذكوري . 9 – كلامك يعكس صورة شخصيتك ... فانظر أين تريد أن تضع نفسك فأدِرِ الكلام حوله . 10 – ثقافة " سبَّ و اهرب " دليل عِلى السقوط النفسي و العفن الأخلاقي ... و إن كان مَن تسبُّه و تشتمه لا يعرفك ... فالله يعلمك و يراك : {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق : 18] ... فاحذر أن يُنزل الله تعالى بك عقوبة تجعلك عبرة للتاريخ و للأجيال . ... هذه أهم الأفكار التي حضرتني الآن حول المساهمات الكتابية في المنتديات الإسلامية ، و سأتبعها – قريباً ؛ بعون الله تعالى بكلمة أخرى ؛ أكثر تفصيلاً – حول : " أمانة المنتديات " ، و الحمد لله رب العالمين .ِ
كتبه الصديق العزيز :الشيخ خالد طرطوسي
معتـــز
الجنس :
اسم الدولة :
عدد المساهمات : 3946
نقاط التميز : 4979
تاريخ التسجيل : 10/11/2009
العمر : 39
:
موضوع: رد: أدب المنتديات /دعوة للحوار الجمعة مايو 07, 2010 12:26 am
علوان حاج حمود..
الجنس :
اسم الدولة :
عدد المساهمات : 2286
نقاط التميز : 3213
تاريخ التسجيل : 14/04/2009
العمر : 41
:
موضوع: رد: أدب المنتديات /دعوة للحوار الجمعة مايو 07, 2010 12:32 am
جزاك الله خيراً أخي أبو زهراء موضوع قيم ومفيد وأتمنى أن يثبت لأهميته
أبوزهراء
الجنس :
اسم الدولة :
عدد المساهمات : 84
نقاط التميز : 131
تاريخ التسجيل : 10/09/2009
العمر : 44
:
موضوع: رد: أدب المنتديات /دعوة للحوار الجمعة مايو 07, 2010 3:37 am
أخي الحبيب علوان أخي الحبيب معتز شكرا لمروركم العطر وأحب أن أحيطكما علما بأ، هذان الموضوعان أدب المنتديات / وأما نة المنتديات لم تنشر الا منتديين ومنتداكم الثالث أحببت أن أهديهما لكل الاعضاء الكرام