موضوع: وقفة مـــع الشاعر المبدع حافظ إبراهيم الخميس يونيو 03, 2010 10:40 pm
ما أقرب الشاعر المرحوم حافظ إبراهيم إلى قلبي ، فهو صاحب القصائد الرائعة الدالة على شاعريته المبدعة ! .. لقد كنت أحفظ كثيراً من هذه القصائد وما أزال ، وأخص بالذكر شعره عن المرأة في قوله :
الأم مدرسة إذا أعددتَها --- أعددْتَ شعباً طيب الأعراق من لي بتربية النساء فإنها --- في الشرق علة ذلك الإخفاق وصدق والله ، فالأم مدرسة الرجال وحاضنة القادة ومربية الأجيال . وهو في القصيدة نفسها يذكرحظوظ الإنسان فيما رزقه الله تعالى إذ يقول :
فالناس هذا حظه مال وذا --- علمٌ وذاك مكارم الأخلاق فالمال إن لم تدّخره محصّناً --- بالعلم كان نهاية الإملاق والعلم إن لم تكتنفه شمائل --- تعليه كان مطية الإخفاق لا تحسبنّ العلم ينفع وحدَه --- ما لم يُتوّج ربـُّه بخلاق
فهو هنا بالإضافة إلى شاعريته ينال حظاً من الحكمة وبعد النظر وفهم الحياة . وما أروع قصيدته في وصف لغة القرآن إذ يقول :
رجعت لنفسي فاتهمت حصاتي --- وناديت قومي فاحتسبت حياتي وسـعت كتـاب الله لفظـاً وغاية --- وما ضقت عن آي به وعظات ثم يجعلها البحر الزاخر الذي يحوي الكنوز العظيمة والدرر الثمينة التي لا تبلى على كر الدهور ومر العصور ويعرفها كل لبيب أديب أريب :
أنا البحر في أحشائه الدر كامن --- فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي
وقد نجح أيما نجاح في بذل شكاة اللغة من إهمال أهلها لها ، وسكونهم إلى همهمات غريبة ولغات هجينة ، فضاعوا في تقليد الغرب والغرباء . وأقف في محراب قصيدته العمرية تلميذاً مشفقاً ومريداً عاشقاً أملأ قلبي وعينيّ من ألق أسلوبه ، وأرشف من معين بيانه ، وأرتوي من لذيذ أدبه حين أتابعه وهو يقول :
حسب القوافي و حسبي حين ألقيها --- أني إلى ساحة الفاروق أهديها لاهُمّ هب لي بيانا أستعين به --- على قضاء حقوق نام قاضـيها قد نازعتنيَ نفسي أن أوفيها --- و ليس في طوق مثلي أن يوفيها فمُرْ سرِيَّ المعاني أن يواتيـَني --- فيها فإني ضعيف الحال واهيها
فهو يسأل الله تعالى أن يهبه القدرة على إن يوفي فاروق هذه الأمة بعضاً من حقه على الأمة ، ويرى نفسه بين يدي هذا العملاق يحمل أمانة نشر ضوعه شعراً لن يستطيع أن يوفيها إلا بمدد من الله تعالى فأمير المؤمنين عمر سيد هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم وصدّيقها الطاهر أبي بكر رضي الله عنهما وأرضاهما .. وأقرأ قريب مئتي بيت في هذه الملحمة العظيمة فأرى حافظاً يتألق في كل بيت ، يشيدها متينة السبك مشرقة المعنى سامقة البنيان ، ينثر فيها حِكَمه وتجاربه ويعيش قلباً وفكراً مع السيد الحبيب العظيم عمر رضي الله عنه فيتحدث عن إسلامه وعلاقته بالنبي الكريم وأصحابه الطيبين وعدله في الناس وزهده وورعه وتقواه وقيادته الحكيمة وورعه وتقشفه .. واقرأ معي هذه الأبيات لترى عظمة الخليفة في بساطته وتواضعه حين يصور شاعرنا موقف صاحب كسرى إذ جاءه فوجده دون حرس بعيداً عن مظاهر الأبّهة الخادعة والرسميات الكاذبة :
و راع صاحب كسرى أن رأى عمرا --- بين الرعية عطلا و هو راعيها و عهده بملوك الفرس أن لها --- سورا من الجند و الأحراس يحميها رآه مستغرقا في نومه فرأى --- فيه الجلالة في أسمى معانيها فوق الثرى تحت ظل الدوح مشتملا --- ببردة كاد طول العهد يبليها فهان في عينه ما كان يكبره --- من الأكاسر والدنيا بأيديها و قال قولة حق أصبحت مثلا --- و أصبح الجيل بعد الجيل يرويها أمنت لما أقمت العدل بينهمُ --- فنمت نوم قرير العين هانيها
ولعل القارئ حين يقف أمام هذه اللوحات التي رسمها الشاعر العبقري لأمير المؤمنين عمر ينتشي بروعة الشخصية وجمال الفكرة وعظمة الأسلوب ، فيرى نفسه بين عبقريين رائعين هما الخليفة عمر الفاتح لبلاد العرب والمجوس والروم رضي الله عنه وأرضاه ، والشاعر الفذ حافظ إبراهيم تغمده الله برحمته وغفر له . وما أعظم قصيدته التي يمدح فيها مصر وبلاد الشام ، يقول فيها
لمصـر أم لربوع الشـام تنتسـب --- هنا العلا وهناك المجد والحسب
ركنان للشرق لا زالت ربوعهما --- قلب الهلال عليهما خافق يجــب
إن الشاعر الموهوب يرى الموطنين – مصر وبلاد الشام - قلب الأمة وركنها الركين في الماضي والحاضر، عزهما عز الأمة ، وهو يرى – ونحن معه - أن المصير واحد وأن الآمال واحدة ، فاتصالهما منذ الأزل يدل أنهما جزء واحد ومصير واحد :
اذا ألمـّت بوادي النيل نازلـة --- باتت لها راسيات الشام تضطرب وإن دعا في ذرا الأهرام ذو ألم --- أجـابـه في ثـرى لبـنـان منتحب لو أخلص النيل والاردن ودهما --- تصافحت فيهما الأشجار والعشب فأين كان الشآميون كان لها --- عيش جديد وفضل ليس يحتجب هذي يدي عن بني مصرتصافحكم --- فصافحوها تصافح نفسها العرب
معتـــز
الجنس :
اسم الدولة :
عدد المساهمات : 3946
نقاط التميز : 4979
تاريخ التسجيل : 10/11/2009
العمر : 39
:
موضوع: رد: وقفة مـــع الشاعر المبدع حافظ إبراهيم الجمعة يونيو 04, 2010 12:27 am
جزيل الشكر لك اخي ابو صدام على سرد هذا الموضوع الذي تنال فيه درجة 16 لو كان في المرحلة الثانوية
وهل يخفى ذلك الشاعر المبدع الذي صال وجال في بحور الشعر والذي لم يترك طريقا الا وشقه بعز وفخر شعريين
بارك الله بك اخي ابو صدام على هذا النقل المبدع
سامي (أبو صدام)
الجنس :
اسم الدولة :
عدد المساهمات : 4382
نقاط التميز : 6353
تاريخ التسجيل : 07/04/2009
العمر : 40
:
موضوع: رد: وقفة مـــع الشاعر المبدع حافظ إبراهيم الجمعة يونيو 04, 2010 12:36 am
الشكر الجزيل لكلماتك الطيبة ومرورك العطر الذي زاد الموضوع جمالاً أخي العزيز أبو خالد
أنس الحاج أحمد
الجنس :
اسم الدولة :
عدد المساهمات : 3205
نقاط التميز : 4640
تاريخ التسجيل : 07/04/2009
العمر : 50
:
موضوع: رد: وقفة مـــع الشاعر المبدع حافظ إبراهيم الجمعة يونيو 04, 2010 4:07 am
لمصـر أم لربوع الشـام تنتسـب --- هنا العلا وهناك المجد والحسب
ركنان للشرق لا زالت ربوعهما --- قلب الهلال عليهما خافق يجــب
أبيات جميلة لشاعر النيل
عمر حاج أحمد
الجنس :
اسم الدولة :
عدد المساهمات : 4250
نقاط التميز : 4915
تاريخ التسجيل : 04/04/2009
العمر : 46
:
موضوع: رد: وقفة مـــع الشاعر المبدع حافظ إبراهيم الجمعة يونيو 04, 2010 5:15 am
الله يعطيك العافية أبو صدام على هذه الكلمات والأبيات الجميلة جدااا لشاعر النيل حافظ ابراهيم
سامي (أبو صدام)
الجنس :
اسم الدولة :
عدد المساهمات : 4382
نقاط التميز : 6353
تاريخ التسجيل : 07/04/2009
العمر : 40
:
موضوع: رد: وقفة مـــع الشاعر المبدع حافظ إبراهيم الجمعة يونيو 04, 2010 5:39 pm