المسلم فرد في عقد مع إخوانه , يعقدهم لا إله إلا الله وتربطهم الديانة , ووحدة الهدف والمصير ..
والمسلم الصالح كائن اجتماعي للغاية .. يستفيد من علاقاته الاجتماعية بكل
من هم حوله وينصحهم ويدعوهم إلى الله سبحانه ويدلهم على الخير .
ونحاول معك – أخى القارئ الكريم – أن نوضح بإيجاز مجموعة من السبل
والوسائل والمفاهيم الهامة التي تجعلك مسلماً اجتماعياً .. وكيف تستفيد من
علاقاتك بمن هم حولك فتصبح ولاشك .. قائداً بالفطرة .
أولاً : الإسلام يوجهنا لحسن العلاقات بالناس وحسن عشرتهم .
قال الله تعالى : {{فهل عسيتم إن توليتهم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا
أرحامكم}} , وقال النبي صلى الله عليه وسلم : 'المؤمن الذي يخالط الناس
ويصبر على أذاهم خير من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم '
رواه الترمذي
وقال صلى الله عليه وسلم : 'لا يدخل الجنة قاطع' متفق عليه .
ويقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : خالطوا الناس وزايلوهم وصافحوهم .. ,
وقال النووي رحمه الله : اعلم أن الاختلاط بالناس وحضور جمعهم وجماعاتهم
ومشاهد الخير ومجالس الذكر معهم وعيادة المريض وحضور الجنائز ومواساة
محتاجهم وإرشاد جاهلهم وغير ذلك من مصالحهم هو المختار الذي كان عليه رسول
الله صلى الله عليه وسلم وغير ذلك من مصالحهم هو المختار الذي كان عليه
رسول الله صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ..
ثانياً : المجتمع في حاجة للمسلم الاجتماعي :
لقد انتشرت الفردية والوحدوية في المعيشة والحياة , لاسيما مع اغتراب
الإسلام وقيمه , وصار الجار لا يهتم بجاره والصاحب لا يبالي بصاحبه , بل
والولد قلما تشتد الصلات الاجتماعية بينهم إلا من رحم الله ..
والمجتمع الآن في حاجة ماسة للداعية المسلم الاجتماعي الذي يربط بين أفراده بالمحبة والمودة والإخوة وحسن العشرة وطيب الصحبة ..
المجتمع بحاجة إلى الداعية الذي يلتف الناس حوله , فيقضي لهم حاجاتهم ويحل لهم مشكلاتهم ويضمد لهم جراحاتهم ..
ولما سئلت عائشة رضي الله عنها : هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قاعداً ؟؟ قالت : نعم بعدما حطمه الناس ' .
لقد حطمه الناس من كثرة مجهوده معهم وتعبه ومشقته في دعوتهم ولحل مشكلاتهم
وتعليمهم وتأديبهم , والدعوة في سبيل الله والجهاد والصبر والاحتمال ..
ثالثاً : توجيهات عملية :
- اجعل دافعك للعلاقة مع الناس هو ابتغاء وجه الله سبحانه وفقط .
- استعن بالله في كل علاقة تبدأها مع أي أحد .
- احذر علاقات المصلحة فإنها منقطعة وغير دائمة .
- احرص على بشاشة اللقاء والتبسم في أوله والجدية في أثنائه .
- بادر بالكلام وبالسؤال المفتوح .
- انظر إلى الآخرين أثناء حديثك ولا تنظر إلى أعلى أو إلى أسفل .
- احرص على احترام الآخر الذي تحدثه وتتناقش معه .
- احرص على الدعابة والتعليق اللطيف أثناء الحوار بحيث لا تجرح أحداً أو تسخر من أحد .
- حاول أن تنتسب إلى جهة ما [تجارية , اجتماعية , سياسية , دينية ,
رياضية] فالانتساب مفتاح جدي للولوج عن طريقه إلى أبواب الآخرين دون تكلف .
- حاول أن تتميز في مجال ما أو جانب ما يهتم به الناس فإن التميز جواز مرور أيضاً إلى قلوب الناس .
- اهتم بتهنئة الناس في مناسباتهم ومشاركتهم في أحزانهم , وابتكر في ذلك ما تراه من طرق مناسبة .
- اهتم بزيارة المريض واختر لذلك الحديث المناسب والوقت المناسب .
- تحدث دائماً بصوت مسموع وبكلام مفهوم .
- أجب دعوة من دعاك ولا تعرض عنه ولا تتحجج له .
- حاول التعرف بجارك وفتح الحديث معه والتبسط له وعرض الخدمات عليه .
- ابدأ بدعوة من تعرفت عليه إلى زيارتك أولاً قبل أن تذهب لزيارته .
- تكلف خدمة الناس وأعرض عليهم ما تستطيعه من مساعدتهم .
رابعًا : استثمار العلاقات :
لو أمعن كل واحد منا النظر في شبكة علاقاته لوجدها متشعبة الطراف كثيرة
الفراد، والمسلم الاجتماعي النانجح هو الذي يستمثر هذه الشبكة الاستثمار
الأمثل في سبيل ما يهدف إليه .
وهذه مجموعة من التوجيهات العملية لاستثمار العلاقات .
أ ـ إشعار الآخرين بالاهتمام :
ولذلك عدة رسائل منها :
تفقدهم بالزيارة من حين لحين، والسؤال عنهم، وإيصال السلام إليهم .
السؤال عن غائبهم .
تكلف الذهاب للسلام عليهم في أعمالهم وتعريفهم ألا قصد لك إلا السؤال عنهم .
تذكهرم بالهدايا عند سفرك عنهم .
إكراهم رسولهم ومن جاء من جهتهم .
ب ـ صناعة الجو العائلي :
ويقصد به محاولة إيجاد جوًا نفسًا أخويًا يشبه الجو العائلي لمجموعة
الأفراد الذين ترطبهم به علاقة وخصوصًا أهل الحي والجيرة وأهل الجيزة،
ولذكل عدة وسائل أيضًا منها :
ـ العزائم والولائم الدورية والتي كون في كل شهر [مثلاً] في بيت من بيوت الحي ثم تنتقل في الشهر التالي إلى بيت آخر وهكذا .
ـ الإفطار الجماعي في مسجد الحي أو في بيت من بيوته .
ـ صندوق التكافل الاجتماعي ورعاية الفقراء، والمصابين الخاص بالحي .
ـ استثمار المشكلات الاجتماعية للتواصل وصل الخلافات وإثبات الدور المؤثر للمسلم الاجتماعي .
جـ ـ استثمار العلاقات الطبيعية :
ويقصد بها تلك العلاقات التي لا تكلف فيها وهي التي تكون مع الأهل
والأقارب والأرحام والجيران وزملاء الدراسة ورفقاء العمل وغيرهم، إن هذه
الصلة تزيد من المودة والمحبة وتوفر جوًا من التفاهم والانسجام وتقي من
التكلف المذموم .
إن الانشغال بالدينا والجري وراء زخارفها والتعامل المادي والحرص على جمع
المال والاعتقاد بأن لا مصلحة عاجلة من التواصل مع بعض الناس نسيان أهمية
التواصل وأجره عند الله تعالى .. كل ذلك أدى غلى القطيعة بين الناس .. ولا
منجا من ذلك إلا بالنظر إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم وسنته .
قال صلى الله عليه وسلم : [ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا انقطعت رحمه وصلها] رواه مسلم.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : 'مروا الأقارب أن يتزاوروا' .
خامسًا : طرق سريعة الأثر !!
أ ـ الكرم : وهو الجود في العطاء والإنفاق وحسن الضيافة والبذل في الشدائد والرخاء .
والكرم أصل مؤثر جدًا في تحسين العلاقات بالناس وتوثيقها وتقريب الناس من بعضهم، وإزالة حقد قلوبهم وغلهم وجمع الناس حول الكريم .
والدعاة إلى الله يجب أن يتحملوا بالكرم لينجحوا في دعوتهم وأعمالهم .
ب ـ الهدية : قال النبي صلى الله عليه وسلم [تهادوا تحابوا] رواه البخاري .
وللهدية بالغ الأثر في فتح الصدور والقلوب وإنشاء المودة والمحبة والتآخي .
جـ ـ الأدب والرحمة: وكلاهما موجه فأما الأدب مع الكبير فتوقيره وإنزاله
منزلته وإزالة عثرته وأما مع الحرمة مع الصغيرة فالتلطف معه ومحادثته على
قدر غفلته وإكرامه .
د ـ طلاقة الوجه والإقبال وحسن البشاشة والتحبب وكظم الغيظ وعدم إنفاذه .
هـ ـ الاهتمام بشؤون الناس مهما صغرت وقلت، فإن شؤونهم في أعينهم عظيمة .
و ـ المسارعة في خدمة الناس وبذلك الوقت والجهد في ذلك .
وأخيرا من أقوال ابي بكر رضي الله عنه:
((الزمو المساجد واستبشرو القرآن والزمو الجماعة وليكن الأبرام بعد التشاور والصفقة بعد طول التناظر))
أخوكم في الله مبارك