الحظ العاثرهي قصة لثلاث فتيات كن في مقتبل العمر يدرسن في معهد داخلي جلسن على سطح المعهد ذات ليلة جميلة وأخذن يتسامرن وشاء القدر أن يمر من هناك ملاك الحظ وملاك الرحمة وأثرن فضولهما فاقتربا ليستمتعن بالنظر إليهن والسماع لأحاديثهن البريئة .
وكانت أحد الفتيات تتحدث وكانت شقراء وردية اللون فقالت :
تسألاني عن أي الرجال أفضل زوجاً , إنني أريده غنياً واسع الثراء ولا يهمني مدى ذمامته أو بلادته لأنني سأصرف وقتي مع الناس أكثر ويكفيني القصر المنيف و أفخم السيارات وأحدث الأزياء وأثمن الحلي و........
وهنا قاطعتها سمراء هيفاء ذات أهداب طويلة فقالت:
أنا على عكسك تماماً لأنني أريده وسيماً ظريفاً كيساً وافر العلم والأدب ولا يهمني إذا كان فقيراً مغمورا بل يكفيني أن أحبه ويحبني وأخلص له ويخلص لي .
وإذ بضحكة رنانة ساخرة من صغيرة عاجية اللون ذات شعر فاحم قالت:
يا للسخف! أين الغنى والجاه عند الشيخوخة والدمامة وأين مكان الجمال والصبا عند الفقر والإملاق!؟ إنني أريده شاباً جميلاً ذكياً غنياً ذا مقام وجاه .
وهنا طلب ملاك الرحمة من ملاك الحظ بتحقيق أماني هؤلاء الفتيات
فقال له ملاك الحظ : لقد عشت دهري أبذل جهدي فما فزت بإرضائهن !
و تحت إلحاح ملاك الرحمة وافق ملاك الحظ وما انقضى العام حتى وفى ملاك الحظ بوعده.
ودارت عجلة الزمن ...................
و في يوم وافق أن مرّ أمام المعهد و عرف أن هناك حفلة بمناسبة اليوبيل الذهبي للمعهد وقام بدعوة جميع خريجاته مع أسرهن
و قد تصدرت الحفل الشقراء الوردية اللون والى جانبها شيخاً عجوزاً وقد تدثرت بفراء فاخر و أخذت تلمع عليها الجواهر و اللآلي. لكن ملاك الحظ لاحظ عليها الكآبة تحاول إخفائه بالكلام حيناً و الابتسام حيناً آخر .
و كانت تقول في سرّها :
يا لحظي العاثر! لقد أسأت الاختيار عندما تزوجت هذا العجوز الذي يطالعني بدمامته صباحاً ويلاحقني بسماجته مساء ويتبعني حيث وليت ولا أتفق معه على رأي بل يجاملني وأجامله.......
هكذا حتى استقرت عيناها على شاب وسيم تحلق القوم حوله ولجانبه السمراء الهيفاء كانت شاردة عمن حولها تخاطب نفسها :
يا لحظي العاثر ! لقد أسأت الاختيار عندما تزوجت من شاب لا هم له إلا أن يوزع ظرفه وكياسته على من حوله لقد مللت نكاته التي سمعته يرويها للناس مئة مرة يا ليتني تزوجت غنياً وألقت بنظرة على صديقتها واستقرت عيناها على خاتمها الماسي البراق .
و هنا سأل ملاك الحظ نفسه :
أين تلك الفتاة العاجية اللون ذات الشعر الفاحم ؟لعلى فلحت بإرضائها.
فسمع صديقاتها يتحدثن عنا بأنا اعتذرت عن الحضور وقالتا:
يا لسعادتها لا تجد وقتاً لحفلة سخيفة كهذه .
و قد أحب ملاك الحظ أن يتأكد بنفسه فطار إلى قصرها المنيف والخدم والحشم والتحف النفيسة وأخذ يفتش عنها فوجدها موصدة باب غرفتها وأخذت تبكي بكاءً مرا
فقال ملاك الحظ :ما خطبها أيضاً ؟؟؟!!!!!!!!!
فسمعها تقول :
يا لحظي العاثر ! لقد أسأت الاختيار عندما تزوجت هذا الشاب المتلاف الذي يبذر المال يمينا وشمالا فتتخطفه الأندية ويلاحقه رفاق السوء وتطارده النساء فلم يجد وقتاً ليرافقني إلى حفلة حبيبة إليّ عزيزة عليّ كحفلة المعهد وخجلت أن أذهب وحدي حيث رافق صديقاتي أزواجهن . يا ليته كان عجوزاً لكان إلى مرضاتي ولما استطاع أن يخالف لي رغبة. أو ليته فقيراً لما حاول أن يشاركني به أحد
وعند ضرب ملاك الحظ كفاً على كفاً وقال :
يا لحظي العاثر ! لقد أسأت الاختيار عندما رضيت أن أكون ملاك الحظ .......
أين ملاك الرحمة ؟ ليرى بعينه ويسمع بأذنيه بأنني
عشت دهري أبذل لهن جهدي فما فزت ولن أفوز بإرضائهن !!.