أبو محجن الثقفي
حيّ العُذيب وحيّ الدار هيمانا في القادسية مااستوقفت ركبانا
ابطالها برزوافي كل معترك فشيّدواللهدى والحق أركانا
أبلوا هناك بلاءًلا مثيل له فاذعن الفرس للاسلام اذعانا
لم تٌجد افيالهم نفعاًومااكتسبوا نصراً وذاقوا الردّى والهون ألوانا
حتى تشّرف بالاسلام سائرهم وأُبدلوامن هوى الطاغوت ايمانا
ما يوم أغواث اوليل الهرير سوى اسفار نصررواها الدهر جذلانا
هذا ابن عتبة يغشى النقع مقتحماً وذا الزبيدي يلقى الخيل غضبانا
وتلك صمصامةُ القعقاع مُرديةً من عابدي الًنارهاماتِ وابدانا
وسعد بن ابي وقاص في شرف فوق العذيب يقود الحرب يقظانا
لم يثنه مرض عن بذل طاقته فبات يرعى رحى الهيجاء قرحانا
وكان في حبسه في الحصن يومئذ ليث تكبله الاصفاد اسوانا
هذا ابو محجن تغلي مراجله غيظاًتنصّت للهيجاء ولهانا
فهاجه من صليل البيض رنّتها ومن صهيل عتاق الخيل مادانا
فقام حتى اتى سعداً فقال له اطلق سراحي احساناً وغفرانا
الحرب قد حميت واشتّد جاحمها فاشعلت نارها في القلب نيرانا
ابطال قومي كلّ صاح منتمياً الى قبيلته بالنصرجذلانا
وبتّ وحدي في حبسي على رمض اقارع الهمّ طول الليل سهرانا
دعني بربّك اغشى الحرب منطلقاً كيما اقارع أبطالاً وشجعانا
ولن اعود لذكر الرّاح ثانيةً بالشعر او وصفها اثماً وعدوانا
فقال عد خاسئاً للحبس ليس لنا من حاجة بك تأتي الحرب سكرانا
فالله ينصر من ترضيه طاعته وليس مثلك يلقى منه رضوانا
فعاد وهو كئيب النفس منكسر يجرّ اغلاله للحبس خزيانا
وفرّجت زوج سعد عنه غمته لمّا رأها وأنباها بما عانا
يابنت حفصِِِة يا سلمى الاعملٌ للخير يجزيك عنه الله احسانا
قالت فما ذاك ؟قال:الحبس يحرمني أجر الجهاد ففكي قيدي الآنا
ومكّنيني من البلقاء تحملني لحومة الحرب يلق الفرس خسرانا
والعهد والله عهدي لا أخيس به امّاسلمت يعد قيدي كما كانا
قالت فخذها وسر في حفظ بارئها اولاك نصراً وأولى الفرس خذلانا
فقادها فاستوى من فوق صهوتها ملثماً ومضى كالليث حردانا
فأمّ ميسرة الأعداء يحصدها بسيفه مصلتاً والرمح طعّانا
وجاء ميمنة الأعداء يشبعها ضرباً وطعناً وتقتيلاً واثخانا
حتى اتى القلب فاهتزت جوانحه فخاله مارداً ماخال انسانا
فكم تخطّف ابطالاً غطارفة منه وجندل تحت النقع فرسانا
والكل يشهد مايأتيه من عجبِ سرعان ما يحطم الهامات سرعانا
وسعد ينظر من فوق العذيب الى أعماله جاهلاً من ذاك حيرانا
ذاكم أبومحجن؟لا فهو محتبس في أسفل القصرلم نرفع له شانا
وتلكم فرسي؟لا فهي راتعة في الحصن تصهل للهيجاء تحنانا
والله لو لم يكونا في العذيب معي لقلت :ذان هما شكلاً وألوانا
تحاجز الناس عند الليل وافترقوا وأطفؤوا من جحيم الحرب نيرانا
وعاد ليث الوغى يسعى لمحبسه تحت الظلام يروم القيد عجلانا
سلمى أتيت ,فقالت:نِعمَ ما فعلت يداك بل نعم ما أوفيت أيمانا
قد كنت والله في الحالين ذا شرفِ بالعهد صدقاً وفي الهيجاء معوانا
أخا ثقيف بماذا أنت محتبس قل لي سأفضي لسعد بالذي كانا
وأطلب العفو منه عن أخِ بطلِ قد هبّ عاصفةً بل ثار بركانا
فقال والله ما أحدثت من حدثِ محرّمِ أو أتيت الحي نشوانا
لكنني قبل هذا الدين كنت فتىً احسو الشراب وأغشى الحان أحيانا
وبعده ما صحبت الراح إذخلصت طويّتي للهدى سرّاً وإعلانا
وقد حبست بها غذ كنت أذكرها بالشعر ذكراً عليه بتّ ندمانا
سلمى تخفّ إلى سعدِ تحدثه بما جرى ثم ترجو منه غفرانا
فيطلق البطل المرهوب جانبه مكرّماً مكبراً للحق سلطانا
بمثلهم رفع الإسلام رايته في الأرض يملؤها عدلاً وإحسانا