سِـفْـر الخروج / شعر : عبد الرزاق الدرباس

هكذا ينتفضُ الموؤودُ فجأة ..
و يعاندُ ما تراكمَ من تراب ٍ و جنادلْ .
هكذا يعلو دخانٌ من رماد ٍ كان محسوباً ..
مواتاً لا يسائلْ .
أعل ِ أسواركَ يا مَن تسكنُ القصرَ الوطيء ...
ثم أمعنْ في امتهان ِ الشعب ِ ليلاً و نهاراً ..
لا تخاتلْ.
آنَ يا مولايَ تحزيمُ الحقائب ..
و ارتقابُ الخطوة ِ الأولى بدرب ِ النصياع ..
لا تحاولْ .
لكَ ماشئْتَ من المال ِ الحرام حيث فرّْ ..
لكَ ما شئتَ من الحرّاس ِ في دار المقرّ ..
لكَ ماشئتَ و لكن ..
آنَ أن تخرجَ من جلدكَ عرياناً لتدمي خصيتيك ..
شوكةٌ فوقَ المناجلْ .

**** ****
كنتَ لا تلوي على السبع ِ العجاف ..
لا ، و لا كنتَ سميعاً للأنين ْ
عاشت ِ اليومَ العدالة ..
ذقْ مرارَ العمر ِ في أرذل ِ عمْر ٍ قد دخلْتـَه ..
من ثقوب ِ الغاضبين .
اسمع ِ الصّيحات ِ تعلوكَ تنادي : للرحيل ..
فارتحل ْ ..
و اتركْ رخِيّ العيش ِ في القصر ِ الحزينْ .
أخر ِجْ عصابتكَ السمينة َ قبلَ أن تخرجَ و اتبعهم مدى الأجواء ِ هرولةً ..
بجبن ِ الهاربينْ
واستقبل ِ البصقات ِ من تحت ٍ و من فوق ٍ
ومن ريح ِ الشمال ِ و كل ّ أرتال ِ اليمينْ .

**** ****
كلُّ ما قيلَ عن الثورات ِ من منتصف القرن ِ و بعد ُ ..
صار كذبا .
و كرومُ الخير ِ خرّبتَ بها نخلاً و عنبا .
فلقدْ شاختْ صباياها الحِسانْ..
و لقدْ صارَ شعارُ الثورة ِ الحبلى بفيض ِ الخير ِ
كابوساً و قيداً ذلّ شعبا .
و عمولات ٍ كسوق ٍ للنخاسة ..
كلّ مَن يدفعُ أكثرَ يستفيد ..
غيرَ أنّ المالَ عبدُ و ثرى الأوطان ِ صار اليومَ ربّا .
كان تمثالكَ مرفوعاً و منصوباً ..
فصارَ اليومَ مجروراً يجلّلهُ مذاقُ الذلّ و العار ِ ..
أليسَ الأمرُ عُجْبا .
**** ****
و ختامُها مِسْكٌ ..
_ و آسف _ حيثُ صارَ ختامُها طرداً طروداً .
فبدايةُ الثورات ِ جوع ٌ ثمّ قهر ٌ ..
يشملُ الشعب َ و يأتيكَ كما العاصي صعودا .
انزلْ إلينا .. بل لأسفلِنا ..
و انشدْ على أطلال ِ ذلّكَ من معلقة ٍ لأعشانا الذي ماماتَ فينا :
ودّعْ هريرةَ إنّ الركبَ مرتحِلُ ..
و هلْ تطيقُ وداعاً حين صارَ الشعبُ مولودا.