صاحبُ القدر الرفيع
عيدَ الربيع قدومك استبشار .......... يجلو القَتام بهاؤك النوار
ترنو إلى الألباب وهي سقيمة .......... فينالها بعد العمى إبصار
أحييت صحراء النفوس فأينعت ........... بعد الجفاف القاتل الأثمار
وبعثت أموات القلوب من الفنا .......... فإذا بليل البائسين نهار
وبنيت للإسلام صرحا شامخا ........... ضربت وراء حدوده الأسوار
ولد الهدى فتنكست مذعورة ............ في البيت تندب حظها الأحجار
وبناء كسرى مثقل متصدع .......... خمدت به رغم الملوك النار
يا سعد مكة وهو طفل باسم ..........تغشاه حول مبيته الأنوار
دنت المراضع يرتجين غنيمة ......... فرضاع أبناء اليسار يسار
أعرضن عن يتم ولم يعلمن كم ..........تطوى وراء رضاعه أسرار
وحليمة حظيت بحسن جواره ...........نعم الرضيع ونعم ذاك الجار
القحط بدده نعيم دائم ...........و مراتع و مزارع و خَضار
ونعاجها العجفاء قد جادت له ..........فضروعها بعد الجفاف غزار
وغمامة في الحر تحكم ظلها ...........ليقيه من حر الهجير ستار
وبه بحيرى كم تأمل حائرا ........... و تهزه في صمته الأفكار
هذا نبي في كتاب جاءنا............ صدقت به في شرعنا الأخبار
سيقوم بنيان السلام بعزمه............ و بدينه تتوحد الأقطار
هذا الذي جاء المسيح بوصفه .......... و تقره الرهبان و الأحبار
هذا الذي سعت الغزالة تشتكي ........... و تقول من لي أيها المختار
هذا الذي أسراه في جنح الدجى ........... و دعاه عند السدرة الجبار
وحباه من بين العباد شفاعة ........... يوم الزحام الواحد القهار
يا صاحب القدر الرفيع ومن به ........... عند الإله تكفر الأوزار
والغيث يستسقى بطلعة وجهه........... و بجاهه كم تدفع الأخطار
يا صاحب القدر الرفيع أما لنا ........... في ظل جاهك ملجأ و جوار
هذا الزمان قد اعترانا خطبه ........... والزاد ينفد و القلوب دمار
يا صاحب القدر الرفيع ومن به ........... ينجو الغريق ويسكن الإعصار
نرجوك في هذا الزمان عناية ........... إن الضعيف إذا استجار يجار
الحلم شيمتك التي أثنى بها ........... رب السماء وزانها الإيثار
ندعو بجاهك أن تفك قيودنا ........... فدعاؤنا في بابك استغفار
صلى عليك الله ما هب الصبا ........... وشدت على أغصانها الأطيار