الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ...
فقد ثبت في سنن الترمذي وحسَّنه الألباني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من أصبح منكم آمنا في سربه ، معافى في جسده ، عنده قوت يومه ، فكأنما حيزت له الدنيا ".
حديث عظيم ، يخاطب فيه النبي صلى الله عليه وسلم أمته ، ويخبرهم بأن الإنسان يملك الدنيا بما فيها ، إذا تحققت له ثلاثة أمور : الأمن في وطنه ، والمعافاة في جسده ، وتأمين لقمة العيش ، فمن تحققت له هذه الأمور الثلاثة فكأنما ملك الدنيا كلها .
من أعظم النعم التي ينعم بها علينا ربنا سبحانه نعمة الأمن والأمان في الوطن ، نعمة يغفل عنها وعن شكرها كثير من الناس ، نعمة افتقدتها كثير من الأوطان .
ما أعظمها من نعمة ، إنها نعمة الأمن .. وما أدراكم ما نعمة الأمن التي كانت أولَ دعوةٍ لأبينا الخليلإبراهيم عليه الصلاة والسلام ، حينما قال : ( رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَداً آمِناً وارزق أهله من الثمرات) [ البقرة : 126 ].. فقدّم إبراهيم نعمة الأمن ، على نعمة الطعام والغذاء ، لعظمها وخطر زوالها .
إن أشهى المأكولات ، وأطيبَ الثمرات ، لا تُستساغ مع ذهابِ الأمن ونزولِ الخوف والهلع ، ذلكم أنه لا غناء لمخلوق عن الأمن ، مهما عز في الأرض ، أو كسب مالاً أو شرفاً أو رفعة.
إن الديار التي يُفقد فيها الأمن صحراءٌ قاحلة ، وإن كانت ذاتِ جناتٍ وارفةِ الظلال.. وإن البلاد التي تنعم بالأمن تهدأ فيها النفوس ، وتطمئن فيها القلوب وإن كانت قاحلةً جرداء.
في رحاب الأمن ، يأمنُ الناس على أموالهم ومحارمهم وأعراضهم .. وفي ظلال الأمن ، يعبدون ربهم ويقيمون شريعته ويدعون إلى سبيله .. في رحابِ الأمن وظلِه تعم الطمأنينةُ النفوس ، ويسودها الهدوء ، وترفرف عليها السعادة ، وتؤدي الواجبات باطمئنان ، من غير خوفِ هضمٍ ولا حرمان .
إخواني وأخواتي في الله:
إن ما دعاني إلى التطرق إلى هذا الموضوع هو ما شعر به كل مصري ومصرية في الأيام القليلة الماضية - وما زال - من فقدان لهذه النعمة الجليلة "نعمة الأمن والأمان في الأوطان"
فهذه النعمة لطالما أنعم الله بها علينا ولم نشعر بها ولم نشكر الله عليها يوماً ما.
فعلى هامش الأحداث التي نعيشها الآن - وبغض النظر عما حدث ويحدث ومن المتسبب فيه-شعرنا بأن هذه رسالة ربانية موجهة إلينا، وتنبيه عاجل لنا لنفيق من غفلاتنا ونشكر الله تعالى على هذه النعمة التي كنا نمر عليها مر الكرام دون شكران.
اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا , وولِ علينا خيارنا واكفنا شرارنا واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك يارب العالمين ..