يا طيارة هرّي (ارمي) طحين .. نحن تحتك جوعانين
هذه الأنشودة الطفولية والتي طالما تغنّينا بها كلما رأينا طائرة تعبر أجواء بلداتنا ..
ولكن الغريب الذي رأيته عصر الخميس عندما قامت أكثر من 14 طائرة هليوكوبتر بعملية إنزال جوي جنوب معرة حرمة فقد لم نسمع أناشيد الأطفال والتي تستلطف الطائرات خوفاً مما قد تعمله بنا كما كنّا نستلطفها بالسابق أو بالأحرى كنّا نتغنى بها بسبب ما زرعه فينا آباؤنا بعد الثمانينات من أنها لا تحمل سوى الطحين والخير للأطفال..
ولكن ما السبب الذي جعل اطفال اليوم لا يهتفون لهذه الطائرات بأن ترمي لهم الخبز والطحين ..
فهل السبب هو سوء تربيتنا لأطفالنا بأننا لم نعلمهم التغنّي بطائرات جيشنا الباسل ؟؟؟!!!
أم السبب هو أننا لم يعد بمقدورنا الكذب على اطفالنا بأن هذه الطائرات لا تحمل الخبز والطحين إنما الرصاص و الجيش وبأن هذه الطائرات لا ترمي الأطفال بالطحين كي يقتاتوا منه إنما باتت ترميهم بالرصاص الحي !!!!!
فما رآه اطفالنا من مآسي يندى لها الجبين من قتل وتعذيب من الصعب جداً تجاهله و نسيانه والكذب عليهم بأن هذا عبارة عن أفلام رعب و أكشن تُنتج في هوليوود أو عبارة عن مجازر تحدث في بلاد الواق واق..
و بالتالي انكسر حاجز الخوف في قلوب الأطفال و ذويهم , فما رأيناه عصر الخميس لم نسمع به أيام الثمانينات فالناس والأطفال افترشوا أسطحة البيوت كي يشاهدوا عمليات الإنزال وكأنهم يشاهدون عملية تدريبية لا عملية اقتحام لحدود البلدة .
أما بالنسبة لخبر الإنزال فقد تم إجلاء الجنود بعد فترة بسيطة من الإنزال لأن غايتهم لم تكن اقتحام البلدة إنما كان بسبب ما سُمي تحرير ضباط مخبّئين في هذه المنطقة ولكن بعكس ما ذكره التلفزيون السوري بأنه تم تكبيد خسائر فادحة للتنظيمات الإرهابية - كما يسمونها - فقد لم يكن هناك أي تنظيمات أو حتى إطلاق نار متبادل او حتى تواجد بشري في تلك المنطقة ...