(أي سادة ) الزهد أول قدم القاصدين الي الله عز وجل , وأساسه التقوي , وهي خوف الله رأس الحكمة , وجماع كل ذلك حسن متابعة إمام الأروح والأشباح , السيد المكرم , رسول الله صلي الله عليه وسلم وأول طريق المتابعة حسن القدوة عملا بحديث " إنما الاعمال بالنيات " (عن امير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم متفق علي صحته رواه البخاري ومسلم " رياض الصالحين " ) ألا ترون أن رسول الله صلي الله عليه وسلم كيف قال لرجل , قال له يارسول الله : رجل يريد الجهاد وهو يبتغي عرضا من الدنيا , فقال له رسول الله صلي الله عليه وسلم " لا أجر له " ( اخرجه احمد والحاكم وحسنه ) فأعظم ذلك الناس , فقالوا للرجل : عد لرسول الله صلي الله عليه وسلم فلعلك لم تفهمه , فقال الرجل يارسول الله رجل يريد الجهاد في سبيل الله , وهو يبتغي من عرض الدنيا فقال : " لا أجر له " رواه الثقات وصححوه فمن هذا ومثله علمنا أن نتائج العمل تحسن وتقبح بالنية فعاملو الله بحسن النيات , واتقوه في الحركات والسكنات , وصونوا عقائدكم من التمسك بظاهر ماتشابه من الكتاب والسنة , لأن ذلك من أصول الكفر قال تعالي ( فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ) (آل عمران 7 ) والواجب عليكم وعلي مكلف في المتشابه الايمان بأنه من عند الله , أنزله علي عبده سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم وما كلفنا سبحانه وتعالي تفصيل علم تأويله قال جلت عظتة ( وما يعلم تأويلة إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا ) ( آل عمران 7) فسبيل المتقين من السلف تنزيه الله تعالي عما دل عليه ظاهره,وتفويض معناه المراد منه إلي الحق تعالي وتقدس وبهذا سلامة الدين سئل بعض العارفين عن الخالق تقدست اسماؤه فقال للسائل : إن سألت عن ذاته , فليس كمثله شيء وإن سألت عن صفاته , فهو أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد وإن سألت عن اسمه فـ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ الحشر21 ) وإن سألت عن فعله فـ (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ) الرحمن 29 ) وقد جمع إمامنا الشافعي رضي الله عنه جميع ماقيل في التوحيد بقوله : من انتهض لمعرفة مدبره فانتهي إلي موجود ينتهي إليه فكره فهو مشبه وإن إطمأن إلي العدم الصرف , فهو معطل وإن اطمأن لموجود , واعترف بالعجز عن إدراكة فهو موحد