رنين الهواتف المحمولة في المساجد "ظاهرة" تفسد نشوة الخشوع ..والشرع يحذر أرشد الإسلام المصلين إليها عند التوجه للمساجد والدخول والجلوس فيها وحتى الخروج منها ، "والإسلام شامل وضع آدابا للمسلم تنظم أموره في المساجد منذ الخروج إليها وحتى مغادرتها، وأولها الدعاء الذي يقوله المسلم عند خروجه من بيته بنيّة الذهاب للمسجد (اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل أو أزل أو أزل أو أظلم أو أظلم أو أجهل أو يجهل علي )
ودعاء آخر (اللهم اجعل في قلبي نورا وفي لساني نورا واجعل في سمعي نورا واجعل في بصري نورا واجعل من خلفي نورا ومن أمامي نورا واجعل من فوقي نورا ومن تحتي نورا اللهم أعطني نورا) ".
من مظاهر التشويش الحديثة هي أصوات ونغمات "الجوال" التي نسمعها في كل حين داخل المساجد للأسف، وظاهرة فتح ا"لجوالات" وصدور النغمات منها من أناشيد أو قرآن أو أغنية أو موسيقى، وجميعها مخالفة لآداب دخول المسجد، لأن الأصل أن يدخل الإنسان بسكينة ووقار ليحافظ على قدسية المكان ولا يشوش على المصلين" ، وإنّ من الآداب المستحدثة عند دخول المسجد في وقتنا الحاضر إغلاق الهاتف المحمول قبل الدخول ليغلق هذا الباب ولا يشوش على الآخرين وعلى حامله أيضا، "فإذا رن الهاتف حتى حامله يفسد خشوعه ويوسوس الشيطان له بأفكار وأسئلة تنسيه حالة الخشوع المطلوبة في الصلاة ".
وقد حرّم كثيرٌ من العلماء ذلك وبعضهم قال: "يكره ذلك، ويمكن أن يصل إلى درجة التحريم إن صدرت من نغمات هاتف المصلي أصوات مخلة كالموسيقى أو الأغاني الماجنة، وتعمّد ذلك، ولم يكن ناسيا، وهو بذلك ارتكب محرما لأنه يعلم بأنه في أي لحظة قد يرن هاتفه".
وفي هذه العجالة التي لا تحتمل الإطالة ، أذكر نفسي وإخواني المسلمين بخطورة إدخال الجوال إلى بيوت الله تعالى ، لعل الشاردين من أبنائنا يعودون ، والتائهين يستدلون ، وغيرهم يتذكرون ويعتبرون ، إن في ذلك لذكرى للذاكرين ، وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ، إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد .
قال الله تعالى : { وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً } [ الإسراء110 ] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا ضرر ولا ضرار " [ حديث صحيح ] ، وسمع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه يرفعون أصواتهم بالذكر وهم مُحْرِمون فقال لهم : " اربعوا على أنفسكم ، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً ، وإنما تدعون سميعاً بصيراً " ، ولما دخل المسجد عليه الصلاة والسلام وجد أصحابه وقد ارتفعت أصواتهم بالقراءة فقال : " لا يجهر بعضكم على بعض " ، وكانوا يرفعون أصواتهم بالقراءة في الصلاة ، فنهاهم عن ذلك وقال : " من ذا الذي ينازعني القرآن " أو كما قال عليه الصلاة والسلام .
فهذه النصوص الشرعية تدل على كراهة أو تحريم رفع الصوت بقراءة القرآن أو الأذكار في المساجد وهي بيوت الله عز وجل ، والقرآن كلام الله تعالى ، والذكر أفضل الأعمال ، وبنيت المساجد لذلك ، ومع ذلك فإنه لا يجوز لمسلم أن يزعج من حوله في المسجد بالقراءة ، لما في ذلك من إشغال الذهن ، وتشريد الفكر ، فلما كانت هذه فتنة ومفسدة للغير ، مُنع منها المسلم ، درءاً للفتنة ، وإغلاقاً لباب الإيذاء المترتب على رفع الصوت بين الناس ، لاسيما وهم يؤدون أعظم الفرائض .والله تعالى يقول : { ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ } [ الحج30 ] ، ويقول سبحانه : { ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ } [ الحج32 ] .وأي تعظيم لشعيرة الصلاة وعبيد لله لا يخشون الله ولا يخافونه ، تنبعث من هواتفهم الموسيقى الماجنة الصاخبة ، وأدهى من ذلك وأمر ، وجود أصوات الأغاني داخل المساجد ، نسأل الله العفو والعافية ، ونسأله الثبات على دينه ، ونسأله أن لا يؤاخذنا بما فعل السفهاء منا ، إنها والله فتنة عظيمة ، ومصيبة كبيرة ، حطت رحالها بالأمة ومن دخل المسجد وترك جواله يعمل فقد أساء وظلم وتعدى ، وأسرف وآذى ، والله تعالى يقول : { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً }