قال الشيخ إسماعيل بن المقري
إلى كم تمادٍ في غرور وغفلة وكم هكذا نوم إلى غير يقظة
لقد ضاع عمر ساعة منه تشترى بملء السما والأرض أية ضيعةِ
أتنفق هذا في هوى هذه التي أبى الله أن تسوى جناح بعوضة
أترضى من العيش الرغيد تعيشه مع الملأ الأعلى بعيش البهيمة
فيا درة بين المزابل ألقيت وجوهرة بيعت بأبخس قيمة
أفان بباق تشتريه سفاهة وسخطا برضوان ونارا بجنة
أأنت صديق أم عدوّ لنفسه فإنّك ترميها بكلّ مصيبة
ولو فعل الأعدا بنفسك بعض ما فعلت لمسّتهم لها بعض رحمة
لقد بعتها هونا عليك رخيصة وكانت بهذا منك غير حقيقة
فويلك استفقْ لا تفضحنْها بمشهدٍ من الخلق إن كنت ابن أمّ كريمة
فبين يديها موقف وصحيفة يُعدّ عليها كلّ مثقال ذرّة
كلفت بها دنيا كثيرا غرورها تُقابلنا في نصحها بالخديعة
إذا أقبلت ولّتْ وإن هي أحسنت أساءت وإن صافت أتت بالكدورة
ولو نلت منها مال قارون لم تنل سوى لقمة في فيك منها وخرقة
فدعها وأهليها بقسم وخذ كذا بنفسك عنها فهي كل الغنيمة
ولا تغتبط منها بفرحة ساعة تعود بأحزان عليك طويلة
فعيشك فيها ألف عام وينقضي كعيشك فيها بعض يوم وليلة
عليك بما تجزى عليه من التقى فإنك في لهو عظيم وغفلة
تصلّي بلا قلب صلاة بمثلها يصير الفتى مستوجبا للعقوبة
فويلك تدري مَن تناجيه معرضا وبين يدي مَن تنحني غير مُخبتِ
تخاطبه " إياك نعبد" مقبلا على غيره فيها لغير ضرورة
ولو ردّ من ناجاك للغير طرفه تميزت من غيظ عليه وغيرة
أما تستحي من مالك الملك أن يرى صدودك عنه يا قليل المروءة
صلاة أقيمت يعلم الله أنّها بفعلك هذا طاعة كالخطيئة
ذنوبك في الطّاعات وهْي كثيرة إذا عددت تكفيك عن كلّ زلّة
سبيلك أن تستغفر الله بعدها وأن تتلافى الذنب منها بتوبة
فيا عاملا للنار جسمك لين فجربه تمرينا بحرّ الظّهيرة
وجرّبه في لسع الزّنابير تجتري على نهش حيّات هناك عظيمة
فإن كنت لا تقوى فويلك ما الذي دعاك إلى إسخاط رب البرية
تبارزه بالمنكرات عشية وتصبح في أثواب نسك وعفّة
فأنت عليه منك أجرى على الورى بما فيك من جهل وخبث طويّة
تقول – مع العصيان – ربي غافر صدقت ‘ ولكن غافر بالمشيئة
وربك رزاق كما هو غافر فلمْ لم تصدق فيهما بالسوية
فإنك ترجوا العفو من غير توبة ولست ترجّي الرزق إلاّ بحيلة
على أنّه بالرزق كفّل نفسه ولم يتكفّل للأنام بِجَنّة
فلم ترض إلاّ السّعي فيما كُفيته وإهمال ما كلّفته من وظيفة
تسيء به ظنّا وتحسن تارة على حسب ما يقضي الهوى في القضية