نحن نعيش هذه الأيام وقد أشرقت عليها شمس جديدة هي شمس العام 1431هـ لنقف أمام عامٍ كامل قد انصرم، عامٍ قد تصرمت أيامه، وتفرقت أوصاله، وقد حوى بين جنبيه حِكماً وعبراً ، وأحداثاً وعظات،، ومنح ومحن؛ كم بلاء فيه قد رفع؟ وكم نعمة فيه قد نزلت؟ كم غائب فيه قد حضر؟ وكم حاضر فيه قد غاب؟ كم حق فيه قد اغتصب؟ وكم أرض فيه قد استبيحت؟،وكم طفل فيه قد تيتّم؟، وكم من زوجة فيه قد ترمّلت؟،وكم من سليم فيه قد مرض؟ وكم مريض فيه قد شفيّ؟ كم من مولود فيه قد ولد وكم ومن ميت فيه قد دفن؟ كم سعد فيه من أُناس، وكم تعس فيه من آخرين؟هذا يتمنى انقضاء عمره؟ وذاك يتمنى خلود يومه!!أيام تمر على أصحابها كالأعوام *** وأعوام تمر على أصحابها كالأيام
فهكذا هي الأيام.. ودوام الحال من المحال، هذا بفضل الله قد عزَّ وهذا بأمر الله قد ذلَّ، تغيّرت أحوال، وتبدلت أمور فسبحان ربي ما أحكمه، سبحانه ما أجلّ صنعه، يعز من يشاء ويذل من يشاء، ويعطي بفضله وحكمته من يشاء، ويمنع بعدله من يشاء، وربك يخلق ما يشاء
ويختار ...
إيمان بنت محمود المهداوي... عاشوراء غنيمة المسلم :
إن الله سبحانه يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة، يختار من خلقه من شاء لتبليغ الرسالة، ولذلك قال: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ ...} [الحج:75] وقال تعالى: {اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [ الإنعام:124]، ويختار كذلك من الأزمنة ما يفضله على ما سواه، ويختار من الأمكنة ما يفضله على ما سواه، وقد اختار من الأزمنة مواسم الخير في السنة ففضَّلها وشرَّفها تشريفاً بليغاً يظهرُ فيما ينزل فيها من الرحمات والبركات وفيما يبارك فيها من الأعمال الصالحة، ففضل ليالياٍ على ليال، وأياما على أيام، وأشهرا على أشهر ومنها هذا الشهر الكريم شهر الله المحرم، في هذا الشهر يوم فضيل، يوم قد شهد حدثا عظيما، ونصرا مبينا، أظهر الله فيه الحق على الباطل، فقد أنجى الله فيه موسى عليه الصلاة والسلام وقومه وأغرق فرعون وقومه، فهو يوم له فضيلة عظيمة وحرمة قديمة، هذا اليوم العاشر من شهر الله المحرم إنه عاشوراء.
عاشوراء بين الإسلام والأمم السابقة:
سبق معنا أن بينا فضل وعظمة وحرمة هذا اليوم؛ فقد كان أهل الكتاب يصومونه من قبلنا، وكذلك قريش كانت تصومه، وتكسو فيه الكعبة، وقيل: إن هذا مما بقي لهم من دين الحنيفية، وروي عن عكرمة: "أن قريشاً أذنبت ذنباً في الجاهلية، فعظم في صدورهم، فسألوا ما توبتهم فقيل لهم: صوموا عاشوراء يكفر ذلك عنكم".؛ وهو يوم العاشر من محرّم بل قد كان نبيينا صلى الله عليه وسلم يصوم عاشوراء بمكة قبل الهجرة.
وعندما قدم المدينة صلى الله عليه وسلم وجد اليهود يعظمون هذا اليوم ويجعلونه عيداً، فسألهم صلى الله عليه وسلم فقالوا: هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى فنحن نصومه لذلك، فقال صلى الله عليه وسلم: (نحن أولى بموسى منهم)، روى ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: ((قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فوجد اليهود صياماً يوم عاشوراء، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما هذا اليوم الذي تصومونه قالوا: هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه، وأغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شكراً لله فنحن نصومه، فقال صلى الله عليه وسلم : فنحن أحق وأولى بموسى منكم فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه (([ متفق عليه].
يوم عاشوراء له فضيلة عظيمة وحرمة قديمة وصومه لفضله كان معروفاً بين الأنبياء عليهم السلام وقد صامه نوح وعيسى عليهما السلام وكان النبي يصلى الله عليه وسلم يصومه ويأمربصومه
مراتب صيام يوم عاشوراء: ذكرها القيم رحمه الله تعالى مراتب الصوم ثلاثة:
• أكملها أن يصام قبله يوم وبعده يوم.للأحاديث الكثيرة والصحيحة بذلك
• ويلي ذلك أن يصام التاسع والعاشر. (والذي عليه أكثر الأحاديث).ومنها قال عليه الصلاة والسلام " لئن بقيت بقيت إلى قابل لأصومنّ التاسع " أي مع العاشر مخالفة لليهود ومخافة أن يفوته عاشوراء غير أنّ النبي صلى الله عليه وسلم تُوفّيَ قبل أن يُدركه ثانية ً وممن قال بهذا القول أيضاً : الإمام الشافعي وأحمد وإسحاق
• ويلي ذلك إفراد العاشر وحده بالصوم.
والأحوط أن يصام التاسع والعاشر والحادي عشر حتى يدرك صيام يوم عاشوراء.وهذا ما ذهب إليه بن عباس رضي الله عنهأرض الجنة قيعان والأعمال الصالحة لها عمران بها تُبنى القصور وتُغرس أرضُ الجنان
فإذا تكامل الغراس والبنيان انتقل إليه السكان فابنِ واغرس قبل أن ترحل فلا تجد شيئا
والسلام عليكم ورحمة الله