من اشعار حسان بن ثابت رضي الله عنه
----------------------------
تروحْ منَ الحسناء أمْ أنتَ مغتـدي
وكيفّ انطلاقُ عاشـقٍ لَمْ يـزودِ
تراءتْ لنا يومَ الرحيـلِ بِمقلتِـيْ
غريرٍ، بِملتفٍّ من السـدرِ مفـردِ
وجيدٍ كجيدِ الرثمِ صـافٍ، يزينـهُ
توقدُ ياقـوتٍ، وفصـلُ زبرجـدِ
كأنّ الثريا فـوقَ ثغـرةِ نَحرهـا
توقـدُ، فِي الظلمـاءِ، أيَّ توقـدِ
ألا إنّ ، بيـنَ الشرعـيّ وراتـجٍ
ضراباً، كتخذيمِ السبـالَ المعضـدِ
لهُ حائطانِ الـموتُ أسفلُ منهمـا
وجمعٌ متى يصرخْ بيثـربَ يصعـدِ
ترى اللابةَ السوداءَ يَحمـرُّ لونـها
ويغبـرُّ منهـا كلُّ ربـعٍ وفدفـدِ
لعمري لقد حالفتُ ذبيـانَ كلهـا
وعبسـاً على ما فِي الأديمِ الممـددِ
وأقبلتُ منْ أرضِ الحجازِ بِحلبـةٍ
تعـمُّ الفضـاءّ كالقطـا المتبـدد
تَحملتُ ما كانتْ مزينةُ تشتكـي
منَ الظلمِ فِي الأحلافِ حملَ التغمد
ِ
أرى كثرةَ المعروفِ يـورثُ أهلـهُ
وسودَ عصرُ السوءِ غيـرَ المسـود
ِ
إذا المرءُ لَمْ يفضلْ، ولَم يلقَ نَجـدةً
مع القومِ، فليقعدْ بصغـرٍ ويبعـدِ
وإنِّي لأغنَى النَّـاسِ عنْ متكلـفٍ
يرى الناسَ ضلالاً، وليس بِمهتـدي
كثيرُ المنَى بالـزادِ لا خيـرَ عنـدهُ
إذا جاعَ يوماً يشتكيهِ ضحى الغـد
ِ
نشا غمراً، بـوراً، شقيـاً، ملعنـاً
ألـدَّ ، كأنَّ رأسـهُ رأسُ أصيـدِ