اسمع الى الوحي يخاطبك بأن ترتفع (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ)(آل عمران: الآية139) ، لا يصيبك إحباط ولا يأس ولا فشل ، وأنت تسجد لله ومعك القرآن ، وقد هديت الى تكبيرة الإحرام ، ومعك أخوة صالحون، ومعك دعاة وعلماء ، إن الله يحب معالي الأمور.
واسمع الى على بن عبد العزيز الجرجاني الفقيه المحدث والقاضي الواعظ ، وهو يخبرك بعصارة حياته، وقد ترك الناس ،وأغلق الباب على نفسه في البيت ، لا يخالط كبيراً ولا صغيراً ، ويقول :
أنست بوحدتي ولزمت بيتي
فدام لي الهنا ونما السرور
وأدبني الزمان فلا أبالي هجرت
فـــلا أزار ولا أزور
فلست بسائل ما عشت يوماً
أسار الجيش أم ركب الأمير
ومن سمو البخاري صاحب الصحيح رحمه الله يقول: رأيت في منامي الرسول صلي الله عليه وسلم وكأنه يرفع خطوة واضع رجلي أو قدمي مكان قدمه، فسألت أهل العلم وأنا شاب، قالوا: أنت تحفظ سنة الرسول عليه الصلاة والسلام! ويقول : ما اغتبت مسلماً منذ احتلمت!، فقل لي بالله يا من أكثر من الغيبة والوشاية والنميمة واستحلال الأعراض: كيف نقارن بينك وبين البخاري؟.
وقال الشافعي صاحب الهمة العالية : ما كذبت منذ علمت أن الكذب يضر أهله!.. لا كذب في هزل ولا جد ، ولا ليل ولا نهار، ويقول وهو يحاسب نفسه : ما حلفت بالله صادقاً ولا كاذباً !..،وكان يعيش على كسرة الخبز، وامتلأ بيته باللخاف والجريد والصحف حتى كاد هو وأمه يخرجان خارج البيت، وهو يطلب العلم ويقول ـ وقد عرضت له القناطير من الذهب من هارون الرشيد ـ:
أمطري لؤلؤاً سماء سرنديب
وفيضي آبار تكرور تبرا
أنا إن عشت لست أعدم خبزاً
وإذا مت لست أعدم قبرا
همتي همة الملوك ونفسي
نفس حر تري المذلة كفرا!
كتاب ( السمو)
سائلتُ نفسي متى تسمين وكم تحتاجين لتصبحين كهؤلاء فأجابت : الكثير الكثير
الله يرحمنا ويسعفنا بكرمه ولطفه وجوده