1)- الفائدة الأولى:
...،ومن الحكمة أن تسير على منهج الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في دعوة الناس وتريبتهم على دين الله؛ تبدأ بالأهم فالأهم .
فلا شك أن العقيدة والتوحيد وتطهير العقول والمجتمعات من الشرك هذا هو الأساس الأصيل الذي لا يجوز أن يُبدأ بشيء قبله، والذي يتجاوز هذا المنهج ويخترع مناهج تخالف هذا المنهج فقد ضل سواء السبيل.
)- الفائدة الثانية:
عن عبد اللَّهِ رضي الله عنه قال: لَمَّا نَزَلَتْ هذه الْآيَةُ ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا ولم يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ ﴾ شَقَّ ذلك على أَصْحَابِ النبي صلى الله عليه وسلم وَقَالُوا: أَيُّنَا لم يَظْلِمْ نَفْسَهُ ؟! ، فقال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( ليس كما تَظُنُّونَ إنما هو كما قال لُقْمَانُ لإِبْنِهِ: يا بُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ). ([1])
فبين لهم أن المراد بالشرك إذا أطلق إنما هو الشرك الأكبر والكفر العظيم الذي يستحق صاحبه غضب الله الشديد وتعذيبه الخالد المؤبد؛ ذنب لا يغفر ولهذا قال لقمان لابنه : ﴿ إن الشرك لظلم عظيم ﴾.
3)- الفائدة الثالثة:
قال الله تبارك وتعالى بعد ذلك : ﴿ وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ﴾ .
إذا أمراك بمعصية الله؛ كبيرة كانت أم صغيرة، وعلى رأس المعاصي الشرك بالله، فلا تطعهما، فليس لهما أي حق أن يأمراك بمعصية الله شركا كان أو غيره ( لا طاعة لمخلوق في معصية الله ) ([2])، فإن أعاناك على طاعة الله ووجهاك وربياك التربية الصحيحة فهذا لهما ، وإن انحرفا وجاهداك واجتهدا على أن تدخل في الشرك بالله عز وجل وتقع فيه ، فلا طاعة لهما، ولكن لا يسقط برهما ولو جاهداك وآذياك لتكفر بالله عز وجل فعليك أن لا تنسى حقهما، ﴿ وصاحبْهُمَا في الدنيا مَعرُوفًا ﴾ يعني؛ تحسن إليهما وتبرهما وتنفق عليهما ولو كانا كافرين، وتبرهما في غير معصية الله؛ تخدمهما والمطالب التي يطلبانها منك عليك أن تقوم بها، وهذا من المعروف؛ كل ما يطلبانه مما ليس بمعصية فعليك أن تقوم به .
فحق الوالدين لا يسقط، ولو وقعا في بدعة، ولو وقعا في الشرك، فإنه لا بد أن تصحابهما في الدنيا معروفا.
4)- الفائدة الرابعة:
يجب على المسلم أن لا يغفل عن هذين الوصفين؛ العلم المحيط والقدرة الشاملة ويستحضر بقية أسماء الله وصفات كماله؛ فإنه كلما استحضر كمالات الله بصفاته وأسمائه كلما ازداد له هيبة وحياء وتعظيما وإجلالا وخوفا ورغبة ورهبة؛ كلما استحضر أسماء الله الحسنى وصفاته العليا كلما وُجدت هذه المعاني والآثار الطيبة في نفسه،وهذا توفيق من الله؛ من أراد الله توفيقه منحه هذه الذاكرة الطيبة والمشاعر الطيبة النبيلة ﴿ وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ﴾ (الكهف 28) فنعوذ بالله من الغفلة والنسيان؛ الغفلة عن ذكر الله ، وذكر الله ليس باللسان فقط وإنما الغفلة عن استحضار عظمته وجلاله سبحانه وتعالى وقدرته وعلمه واطلاعه وعدله سبحانه وتعالى وإحسانه وكرمه .
بعد هذا التنبيه العظيم لابنه والوعظ الأكيد بأن الله قد أحاط بكل شيء علمًا ومعناه احذر أن تعصي الله تبارك وتعالى، احذر أن تعصي الله؛ فإن الله سبحانه وتعالى شهيد مطلع وقدير على كل شيء، يحصي عليك كل شيء فإن لم يشأ أن يغفر لك فقد هلكت وإن كان شركا فالهلاك محقق لا شك.
5)-الفائدة الخامسة:
فاحرص على أن تخشع في صلاتك؛ أن تنسى الدنيا؛ تنسى المال والعيال وتنسى كل شيء ولا يبقى في ذاكرتك إلا استحضار عظمة الله سبحانه وتعالى وتدبر ما تتلوه من الآيات التي تزيدك إيمانا .
ثم بعد ذلك تقرأ التشهد وتسلم ( تحريمها التكبير وتحليلها التسليم) فلا تخرج من هذه الصلاة بشيء إلا بالتسليم (السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) تُسلم على نفسك وعلى الملائكة وعلى كل عبد صالح في السماء والأرض؛ هذا السلام يبلغ كل عباد الله (السلام عليكم ورحمة الله)يتناول الملائكة ومؤمني الجن ومؤمني البشر كل صالح في السماء والأرض يتناوله هذا الدعاء فكما يدعو الواحد لنفسه يدعو لإخوانه ويدعو للملائكة أيضا، هذا الدعاء لهم، والملائكة يدعون لنا فنكافؤهم .
فتستحضر أن هذا السلام على كل عبد صالح تكسب أجرا عظيما وإنما الأعمال بالنيات، وقد يسلم الإنسان وهو ناس ما يدري على من يسلم ويظن أن السلام مجرد حكاية !
لا بد أن تقصد هذا الأمر العظيم الذي نبهنا عليه رسول الله عليه الصلاة والسلام.
6)- الفائدة السادسة:
المعروف ما يعرفه الشرع ويدعو إليه، والمنكر ما ينكره الشرع ويستحقره ويحذر منه وينهى عنه؛ فتأمر بكل معروف بدءاً من التوحيد إلى آخر حسنة من الحسنات ،إلى الأمر بإماطة الأذى عن الطريق؛ فإن ( الإيمان بضع وسبعون شعبة أو بضع وستون شعبة أعلاها شهادة ألا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق) ([9])فأنت تأمر بهذا المعروف بدءًا من لا إله إلا الله مُرورًا بالصلاة، بالزكاة، بالصوم، بالحج، بِبِرّ الوالدين، بالأخلاق الطيبة إلى أخره إلى آخر شيء وأدنى مراتب الإيمان: إماطة الأذى من الطريق؛ هذه كلها من الإيمان ومن المعروف الذي يجب أن يقوم به المسلمون .
والمنكر: الشرك والبدع والكبائر والصغائر والمعاصي والأخلاق المنحرفة وإلى أخره؛ كل ما ينكره الشرع والعقل؛ العقل السليم الذي يوافق الشرع ،كل ذلك منكر والتقاليد السيئة واتباع الأعداء والانقياد لهم والتشبه بهم وإلى آخره.
أنظر ! عندنا كثير من الشباب يكشفون رؤوسهم ! من أين جاءتهم هذه العادة؟ من الغرب، فيجب أن نخالفهم ولا نتشبه بهم (مَن تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فهو مِنهم). ([10])
كان كشف الرؤوس من خرم المروءة عند المسلمين؛ يعني الذي يمشي في السوق كاشفا رأسه عندهم مخروم المروءة ولا يقبلون شهادته، فتخلّصوا من تقليد الغرب ومن تقاليده السيئة -بارك الله فيكم- لا تقلدوا أعداء الله، عندنا معروف وعندنا أخلاق وعندنا عادات عالية رفيعة، وهم عندهم عادات ساقطة؛ يأكلون لحم الخنزير ويستبيحون المحرمات وهبوط أخلاقي لا نظير له ودياثة و... و... إلى آخره، فكيف نتشبه بهم وهم أسقط خلق الله وأحطّهم ؟! لا نتشبه بهم أبدا -بارك الله فيكم- .
7)- الفائدة السابعة:
ثم قال : ﴿ وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ ﴾
الصعر هو الميل؛ لا تتكبر على الناس؛ عندما يكلمك أحد تدير خدّك هكذا؛ هذا من الكبر يكلمك أحد فتعرض عنه وتلتفت هكذا وأنت شامخ؛ لا هشاشة ولا انبساط؛ يعني مستكبر ومتعالٍ !
فهذا نهي عن الكبر، ومن آثاره أن يلوي عنقه هكذا؛ يصعر خده للناس يعني يلويه هكذا .من الصعر وهو مرض يصيب الإبل فتلتوي أعناقها.
8)- الفائدة الثامنة:
حارب نفسك من الكبر؛ خُلُق خبيث يدفع إلى الكفر وإلى احتقار الناس وإلى رد الحق. لهذا؛ هذا الحكيم وصى ابنه أن لا يصعِّر خده للناس؛ أن لا يتكبر على الناس؛
يكلمك أحد وأنت شامخ مُعرض عنه، تواضع؛ أنت إنسان مسكين، ضعيف، خُلِقت من تراب، خُلِقت من منِّيٍ قذر وتتغوط وتزور الحمام مرات كل يوم، كيف تتكبر ؟!
كيف تتكبر على الناس وأنت هذا حالك، من أنت ؟!
ثم لو تصيبك شوكة تبكي منها كيف تتكبر على الناس ؟!
9)- الفائدة التاسعة:
...وأن من أحقر الناس المستكبرون -والله أنا في نفسي- ما أحتقر إلا المستكبرين والكذابين، والله أرى أضعف الناسفأقول هذا أحسن مني، وأرى المتكبر مهما كان من أي طبقة والله مِن أتفه الناس وأحقر الناس عندي؛ لا أحقَرَ من المتكبر، ولا يتكبر إلا من دناءة وانحطاط خُلُقِي ونفسي.
)- الفائدة العاشرة:
جاء وفد عبد القيس إلى النبي صلى الله عليه وسلم ونزلوا قريبًا من البقيع ووضعوا رواحلهم هناك ومشوا فورا إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وبقي الأشج؛ تأخّر، ولبس أحسن ثيابه ،وجاء يمشي في سكينة، وسلم على النبي عليه الصلاة والسلام، قال له: ( إِنَّ فِيكَ خَلَّتَيْنِ يُحِبُّهُمَا الله: الْحِلْمُ وَالأَنَـاةُ ) يقابل الحلم والأناة: الطيش والسفاهة ، فحذار حذار مما يُنافي هذين الخُلقَين، فقال: يا رسول الله : أخُلقين تخلّقتُ بهما ؟ أم خلقين جُبلت عليهما ؟, فقال: ( بل خُلقان جُبِلْتَ عليهما) فقال: الحمد لله الذي جبلني على خلقين يحبهما الله تعالى.
الله يُحب الحلم والأناة، ويبغض العجلة والطيش وما ينافي هذين الخلقين ,فاحرصوا على التخلق بهذين الخلقيين الذين يحبهما الله.
)- الفائدة الحادية عشرة:
وقال له: ﴿ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ﴾ إذا رفعت صوتك بغير حاجة؛ تدعو إلى رفع الصوت وبمقدار ومقياس دقيق في رفع الصوت فأنت تشبه الحمار، وأخذ العلماء من هذا أنه لا يجوز رفع الصوت؛ لأن الله شبهك بأخس الحيوانات، و ( ليس لنا مثل السوء ) ([17]) فلا ترفع صوتك إلا بقدر الحاجة؛ إذا كان عندك واحد أو اثنين وأنت تصيح وترفع صوتك ماذا تريد ؟! هذا يشبه صوت الحمير؛ فالصوت يكون على قدر الحاجة .
12)- الفائدة الثانية عشرة:
فاحفظوا هذه الوصايا: التوحيد ومحاربة الشرك وإقامة الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والأخلاق الفاضلة العالية؛ محاربة الكبر والفخر والخيلاء وما شاكل ذلك، وتعلّموا الحلم والأناة وكل هذه الأخلاق، ادرسوها من كتاب الله ومن سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، فإن هذه الأخلاق جانب مهم من جوانب الإسلام ومن صميم الدعوة السلفية، بها تنتشر دعوتكم ويرفع الله مكانتكم عند الناس، وبخلافها توضع هذه الدعوة وتُشوّه أمام الناس.
12)- الفائدة الثانية عشرة:
فاحفظوا هذه الوصايا: التوحيد ومحاربة الشرك وإقامة الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والأخلاق الفاضلة العالية؛ محاربة الكبر والفخر والخيلاء وما شاكل ذلك، وتعلّموا الحلم والأناة وكل هذه الأخلاق، ادرسوها من كتاب الله ومن سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، فإن هذه الأخلاق جانب مهم من جوانب الإسلام ومن صميم الدعوة السلفية، بها تنتشر دعوتكم ويرفع الله مكانتكم عند الناس، وبخلافها توضع هذه الدعوة وتُشوّه أمام الناس.
13)- الفائدة الثالثة عشرة:
﴿ وَعِبَادُ الرحمن الذين يَمْشُونَ على الأرض هَوْنًا وإذا خَاطَبَهُم الجاهلونَ قَالوا سَلاَمًا ﴾ إذا خاطبهم الناس بالسفاهات يقولون كلاما محترما الذي فيه السلام وفيه المسالمة وفيه دفع السيئة بالتي هي أحسن