يوم لا ينسى : بقلم / أ . عبد الرزاق الدرباس

في حياة كل منا مواقف لا تنسى و تواريخ تبقى محفورة على جدار القلب لا يمحوها مرور الزمن و لا تبليها حادثات الأيام ، ومن ذلك تاريخ الثالث عشر من أكتوبر ( تشرين الأول ) حيث هو اليوم الذي اقترن عندي بالمرارة ، و لست في ذلك متطيراً من يوم أو تاريخ بعينه مقدار ما هو مصادفات بحتة جاءت في هذا اليوم :

أولها : 13/10/1989 م حيث كنت في السنة الثانية من دراستي الجامعية و تذوقت في ذلك اليوم طعم الرسوب الأول في حياتي حين لم أنجح في امتحان اللغة العبرية المقررة علينا حيث جاءت الأسئلة محرجة على شكل مقتطفات من صحف الكيان الصهيوني مطلوب ترجمتها و تصريفات الفعل و المبني للمجهول في اللغة العبرية ، أجل لم أكن أعرف الرسوب الدراسي حتى ذلك التاريخ فتعجبت من المدمنين للرسوب كيف يأكلون و يشربون و ينامون ويظنون أنهم كباقي البشر .

ثانيها 13/10/1999 م حيث رأيت في منامي أن والدتي قد توفيت و أني منقبض الصدر و لما بحت بحلمي المزعج للأسرة قالوا : أضغاث أحلام ، فيممت طريق إلى مدرستي في الشارقة و لما كنت في الحصة الثانية جاءني المدير بلطف و قال : لديك مكالمة من سوريا _ لم أكن احمل الهاتف المتحرك بعد - و أمسكت السماعة و جاءني الخبر من لسان شقيقي الأكبر: أخي عبد توفيت الوالدة ، حيث بدأت رواية الأحزان _ لا فقدتم غالياً _ لذا لن أدعكم تغرقون فيما بعد الخبر و تفاصيل حزني لكني استنتجت بشهادة من حولي خطورة أحلامي و صدق فراستي لدرجة خوف بعضهم إذا بدأت أروي له حلما يتعلق به .

ثالثها العام الماضي 13/10/2009 حين كتبت رسالة في هاتفي المتحرك لأرسلها إلى خمسة عشر شخصا ( إخواني و أخواتي ) لأذكرهم بمرور عشر سنوات على رحيل الوالدة رحمها الله كي لا ينسوا – وما أظنهم ينسون – و بعد إرسالها بساعتين جاءتني المكالمة من شقيقي الأكبر نفسه ليقول :
يجب أن تترحم على والدتك و شقيقتك آمنة التي توفيت قبل ساعة و كنا سنخبرك لكنك كنت الأسرع .
دارت الدنيا و اكفهر وجه النهار و تحركت كعصفور مكسور الجناحين من المدرسة للبنك لمكاتب الحجز للمطار و احترق الزمن و أنا اكتم دمعاً و حزناً يجعل الطائرة فوق الغيوم تتهاوى للقاع ، و حين وصلت هناك بعد تسع ساعات كانت قد سكنت بيتها الجديد تحت الثرى و لات حين مجيب للنداء ، احتسبتها عند الله و جلست في سرادق عزائها يومين و قفلت راجعا للإمارات .
هي أخاديد في صفحة الوجدان و تاريخ بريء لا يلام أبداً ، و تسليم لله الواحد القهار الذي لا ملجأ منه إلا إليه ، أجل هي شموس غابت لن تشرق ، لكنها حاضرة في حروفي و نبضي و وجداني أذكرها دوماً و تتجدد كلما جاء تاريخها .

الشارقة 13/10/2010م

بالرغم من أن الإنسان اشتق اسمه من النسيان إلا أنه هناك لحظات من حياته يصعب نسيانها لما فيها من جملة مشاعر يصعب تكرارها مرة ثانية لذلك ترسخ في البال رسوخ الجبال الشاهقات..
وهناك لحظات يحب ألا ننساها مهما حاول الزمن قطع خيوط ذكراها لما فيها من ذكريات غالية بفرحها و حزنها...

الشيء الملفت للنظر أن التواريخ التي ذكرت أحداثها تفصل بينها عشر سنوات
علينا أن ننتظر إلى علم 2019 لنسمع خبراً أسأل الله أن يكون خبراً مفرحاً لا يُنسى ليمحو مرارة الأعوام الماضية

رحم الله امواتك وجبر عثراتك

رحم الله امواتك وقلب تلك الايام الحزينة

الى ايام ملؤها السعادة والفرح

اخي عبد الرزاق لعلك خلدت ودونت تلك التواريخ بكلماتك وقلبك وقلمك النازف دما احمر عليها لكني خلدتها بطريقتي الخاصة التي لن انساها فقد كتبت على جادار القلب وفي خبايا الروح (يوم اسود) حبري هودمي وقلمي مسمار يعلوه الصدأ مزجته بشحار المدخنة . اسال الله لك الصحة والعافية واما امي واختي رحمهما الله فاستودعهما الله الذي لاتضيع عنده الودائع ولنن ننساهما من الدعوات دمت لنا مع كتابات تبللها الدموع