تابع 3
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل وسلم على حضرة سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
عالجت نفسي كي أنام ولكن عبثا حاولت فقد جفاني النوم وكيف ينام من ملأ مشاعر انتقال من دنيا إلى أخرى أو قريب من ذلك وكيف أنام وأنا بين السماء والأرض, فكانت تأخذني الأفكار وتذهب بي يمنة وشمالا وأنا لأول مرة في حياتي أغادر البلاد العربية إلى بلاد أجنبية ولا سيما بلاد كانت لفترة قصيرة روسية أو صينية بحكم موقعها الجغرافي ….يا إلهي من سيستقبلني هناك, وكيف سأتفاهم معهم وربما أنا مقبل على بلد حضاري كأوروبا عاداتهم وتقاليدهم جافة لا يمكنني أن أتعايش معهم, وكيف وجوههم هل هي أوروبية أم تركية أم صينية أم …….. كل هذه الأفكار وغيرها كثير كانت تنتابني حتى وصلت إلى شيء من الإرهاق فكنت كأنني بين النائم والمستيقظ وإذا بالمذيعة تقول باللغة الإنكليزية: نحن الآن في أجواء قرغيزستان وستبدأ الطائرة بالهبوط التدريجي فنفضت ما علق في أهدابي من أثر النوم وبدأت ألتفت يمنة وشمالا وتارة أنظر من نافذة الطائرة إلى الأسفل لعلي أحظى بالنظرة الأولى لشيء من تضاريس البلد فلم أر شيئا سوي خيوط للفجر الأولى.
وبعد بضعة دقائق أصبحت معالم التضاريس من تحتنا تتضح شيئا فشيئا ., وإذا بي أسمع مرة أخرى من المذيعة تطلب من الجميع وضع حزام الأمان , فوضعته وبدأت أنظر بفضول زائد إلى الأسفل وفجأة رأيت بيوتا صغيرة متجاورة كأننا نهبط عليها وأصبحت الأرض على مقربة منا فقلت : يا إلهي لم بيوتهم صغيرة لهذا الحد وكأنها علب كبريت , فعلمت فيما بعد أن هذه البيوت عبارة عن أماكن اصطياف خاصة للموظفين في الدولة فكل موظف له بيت صغير من هذا النوع للاستراحة الأسبوعية أسمه (الداتشا) عدا بيته أو شقته التي تسلمه له الدولة.
هبطت الطائرة مدرج المطار بسلام وأصبح الجميع يستعد للنزول فوقف الطيار ومرافقوه عند مدخل الطائرة وبدأ يحيي المسافرين بابتسامة عريضة.
وقفت في الطابور أنتظر دوري والحركة بطيئة في التقدم وأنا أتقدم شيئا فشيئا وإذا بشاب قرغيزي وسيم ينادي باسمي فخرجت من الصف وتوجهت نحوه فقال: أنت أحمد؟( باللغة الانكليزية) فقلت : نعم . فقال اعطني جواز سفرك و ورقة الدعوة, فسلمتهما له وجلسنا سويا فختم لي تصريح الدخول ( الفيزا) وقال : أهلا بك في قرغيزستان , وأنا بالمقابل بادلته الشعور نفسه وزيادة ربما من دهشتي التي لا يفارقها الخوف ( ههههههههه) , فذهبت وأخذت أمتعتي من الشحن وإذا بالعمال هناك يقولون لي أعطنا فلوس وكانوا يتكلمون بالروسية وما كنت أفهمها ولكن فهمت ذلك منهم (بالفهلوة) فأعطيتهم المقسوم ( بس بدي أخلص) فحملت أمتعتي وتوجهت إلى بوابة الخروج وإذا بشاب ظريف يرتدي الطقم والكرافيت شكله عربي عريض الابتسامة يتوجه نحوي ويقول : الحمد لله على السلامة يا أستاذ أحمد , نورت بشكيك ( باللهجة المصرية) فبادرته السلام بأحسن فقلت له الله ينور عليك فكأنه (الله بعتلي اياه من السماء)فقال لي أنا زميلك محمد من مصر واعمل في الجامعة القرغيزية الكويتية. والحقيقة أنا لحد هذه اللحظة أمتن له هذا الاستقبال والحفاوة فكان مبعوث الجامعة لاستقبالي , فما أفقت من الدهشة إلا وأنا أمام وجوه في صالة الانتظار لا عهد لي بها إلا في أفلام جاكيشان فقلت في نفسي: يا إلهي لا شك أنني في الصين الشعبية .
خرجنا من المطار بسيارة الأستاذ محمد وبدأ يطمئنني ويصف الجامعة بالأوصاف الحسنة وأنني سأكون سعيدا بينهم , وكنت بين الفينة والأخرى استرق النظر إلى اليمين والشمال مستمتعا بالمناظر الطبيعية الخلابة فكان هذا مما يزيد رصيدي وقناعتي في البلد الذي قطعت له آلاف الأميال .
تحيااااااااااااااتي لكم