حكم المصافحة عقب السلام من الصلاة

تاريخ التسجيل : 10/09/2009

هذه كلمات حول هذا الموضوع ؛ آثرت أن أشارك فيها في منتدانا المبارك ، عسى أن تنفع ، و هي تدور حول حكم المصافحة عقب السلام من الصلاة ، و هو المتعارف عليه لدى البعض في بلاد الشام بقولهم - بعد السلام مباشرة و قبل الأذكار الواردة - : تقبل الله . مع المصافحة باليد .
أولاً - المصافحة من الآداب الشرعية العامة ، و هي مستحبة عند كل لقاء .
ثانياً - أما المصافحة بعد الصلاة لها حالات :
أ - المصافحة بعد الصلاة و أذكارها : و هذه لا خلاف فيها ، بل مطلق الاستحباب يشملها .
ب - المصافحة بعد القيام من الصلاة أو الخروج من المسجد : و هذه لا نزاع في جوازها ، و إن كان صاحبها قد ترك سنة الذكر بعد الصلاة .
ج - المصافحة بعد الصلاة وقبل الأذكار ، و خاصة قطع الذكر عن الذاكر ، و هذه محل البحث :
و عليه ؛ فالمصافحة عقب الصلاة لها حالات :
- الأولى : المصافحة بعد الصلاة مباشرة ؛ و قبل أذكار الصلاة الواردة ، و هذه لها حالتان :
أ - مصافحة من يشتغل بالأذكار ؛ و هذه التي تعدُ بدعة ؛ لأنها تعارض المأمور به في تلك الحالة ، فقد أمرنا النبي – صلى الله عليه و سلم – بالتسبيح و حثّنا على الدعاء و كان يستغفر الله و يدعو و يقرأ المعوذتين و حضنا على قراءة الكرسي ( انظر عامة كتب الفقه و الأذكار : بحث الأذكار عقب الصلوات ) ، و ترك هذه السنن للسلام و المصافحة : هو البدعة حينها ؛ و خاصة إذا قطع على الذاكر ذكره ، و الأصل فيها : أننا مأمورون في العبادات بالاتباع ؛ و خاصة في أمر الصلاة : " صلوا كما رأيتموني أصلي " ، و البدعة عند الأصوليين : كل ما خالف أمراً أو نهيا أو عارضه ( انظر تعريف البدعة نهاية هذا البحث ) .
ب - : مصافحة من نهض دون أن يأتي بالأذكار : فهذا تارك للسنة حينها ، و حكم المصافحة في حقه حكم السنة المطلقة ، فله أن يفعل ما يراه.
- الثانية : المصافحة بعد الصلاة ؛ و بعد أداء الأذكار : و هذه لا دليل على منعها ؛ بل الدليل العام الحاث على المصافحة مطلقاً يدل على استحبابها ، و من ذلك : أن المصافحة عند اللقاء سُنّة، وسُنِّيّة المصافحة هذه تتحقّق بدون شك عند كلِّ لقاء ، حتى ولو كان ذلك بعد الفراغ من الصلاة ، طالما كان ذلك بسبب اللقاء ، وهذه المصافحة بعد أداء الصلاة ، وعلى هذا السبب - وهو: اللقاء - لا تخرج عن حُكمها الأصلي ، وهو القول بأنها سُنّة ، وكونها عقِب الصلاة لا يُخرجها عن هذا الحُكم ، و هذا لا نزاع فيه .
إنما الخلاف في حُكم ما اعتاده كثير من المسلمين من المصافحة عقِب الصلاة – أي : عقِب التسليم مباشرةً - ، مع حرصهم و مواظبتهم عليها ؛ مما دفَع بعض العلماء للتخوّف من أن يظُنّ البعضُ أنها من شعائر الصلاة ، وأنّ الصلاة لا تكتمل إلا بها .
و لم أر من أجاز السلام و المصافحة مباشرة بعد التسليم من الصلاة ، و إنما ناقشوا المسألة فيما لو صافح بعد الصلاة عموما ، و هذا محمول على المصافحة بعد أداء الأذكار ، لئلا يعارض السنة الثابتة عن رسول – صلى الله عليه و سلم - في أذكار الصلاة :
أ – المجيزون :
المصافحة عقِب الصلاة مُباحة و لا شيء فيها ، و بعضهم قال باستحبابها ، تحقيقاً للتعارف والتراحم بعد فراغهم من الصلاة .
و استدلّ هؤلاء بما يأتي :
أ - ما أخرجه البخاري عن شعبة عن الحَكم قال: سمعت جحيفة قال: "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهاجرة إلى البطحاء ، فتوضّأ ثم صلّى الظهر ركعتيْن والعصرَ ركعتيْن وبيْن يديْه عَنَزَةٌ" . قال شعبة: و زاد فيه عون عن أبيه عن أبي جحيفة قال : "كان يمُرّ من ورائها المرأةُ . وقام الناس فجعلوا يأخذون يديْه فيَمسحون بها وجوهَهم . قال : فأخذتُ يَدَه فوضعْتُها على وجْهي ؛ فإذا هي أبْرَد من الثلج وأطْيَب من رائحة المسك " .
و لا شك أن الحديث هذا : لا يتناول المصافحة ، بل يتكلم عن التبرك بالنبي – صلى الله عليه و سلم - ، بدليل أنهم مسحوا وجوههم بيدي النبي ، و المصافح لا يفعل ذلك ، بل : و لا يصافح باليدين معا "؟ ثم : هل يجوز أن نقول : إن النبي أمرنا بالذكر بعد الصلاة و التسبيح و الاستغفار و الدعاء – حتى عدت من سنن الصلاة – ثم يخالفها هو و أصحابه ؟
وعليه : فإن دل الحديث على المصافحة فيجب صرفه إلى ما بعد الأذكار إعمالا للنصوص كلها .
فهذا الحديث لا دلالة فيه على إباحة المصافحة بعد الصلاة و قبل الأذكار – و هو محل النزاع - ، بل كل ما فيه إثبات المصافحة بعدها – إن وسّعنا الفهم - ، و نحن لا ننكر إلا فعلها بعدها قبل الأذكار ، و الحديث مطلق عن هذه الحيثية ، و يؤوّل : بأن المصافحة تمت بعد الأذكار التي كان يفعلها رسول الله – صلى الله عليه و سلم - ، و هذا أولى من تجاوز كل الأحاديث الواردة عن النبي – صلى الله عليه و سلم – في أذكار ما بعد الصلاة .
مناقشة الاستدلال بفتوى ابن عبد السلام :
قال سلطان العلماء العز بن عبد السلام في "قواعد الأحكام في مصالح الأنام" (2 /338) بعد أن قسّم البدعة إلى خمسة أقسام : واجبة ، و محرّمة ، و مندوبة ، و مكروهة ، و مباحة ، و أتى بأمثلة على كل منها : "وللبِدَع المباحة أمثلة ؛ و منها : المصافحة عقيب صلاة الصبح والعصر" .
و هذا تدليس على العز ، لأن سلطان العلماء لم يذكر أن فعلها قبل الأذكار من البدع المباحة ، بل كل ما في فتواه : أن المصافحة عقب الصلوات بدعة مباحة ، و يجب حمل فتواه على : ما بعد أداء أذكار الصلاة ؛ و ذلك لئلا تعتبر فتواه مخالفة لسنة رسول الله – صلى الله عليه و سلم - .
مناقشة الاستدلال برأي النووي :
قال الإمام النووي : " و اعْلَمْ : أنّ هذه المصافحة مستحبّة عند كلِّ لقاء ، و أمّا ما اعتاده الناس في المصافحة بعد صلاتَيْ الصبح والعصر : فلا أصْل له في الشرع على هذا الوجْه ، و لكن لا بأس به ؛ فإنّ أصل المصافحة سُنّة ، وكونهم حافظوا عليها في بعض الأحوال ، و فرّطوا فيها في كثير من الأحوال أو أكثرها : لا يُخرج ذلك البعض عن كونه من المصافحة التي ورَدَ الشّرع بأصْلها " . انظر المجموع للنووي 4/476، والأذكار المنتخبة في كلام سيد الأبرار له أيضاً 240.
و الجواب : و الكلام ذاته الذي ذكرناه في مناقشة فتوى العز يقال هنا في توجيه فتوى النووي – رحمهما الله تعالى - .
و قد رد عليهما الحافظ ابن حجر بقوله : " و للنظر فيه مجال ؛ فإنّ أصل صلاة النافلة سُنّة مُرغَّب فيها ، و مع ذلك فقد كَرِه المحقِّقون تخصيصَ وقت بها دون وقت ، و منهم مَن أطلق تحريمَ مثْل ذلك ؛ كصلاة الرغائب التي لا أصل لها " . انظر فتح الباري 11 / 57.

تاريخ التسجيل : 14/04/2009

حكم المصافحة عقب السلام من الصلاة 09f5e286e3gb4

ونحن نقول بما قال به الإمام النووي رحمه الله تعالى

تاريخ التسجيل : 10/11/2009

جزاك الله خيرا وفيرا وامرا يسيرا

اخي الفاضل على الافادة الكبيرة التي
قمت بنقلها لعلها تكون قددونت لك في
صحيفة اعمالك

شكرا لك اخي ودمت في حفظ الله ورعايته

تاريخ التسجيل : 04/04/2009

جزاك الله كل خير وبارك بك وبما نقلته لنا من حكمٍ فقهي ضروري للجميع
وجعله الله في صحيفة حسناتك

تاريخ التسجيل : 24/07/2009

جزاك الله عنا كل خير على هذه المعلومات الرائعة والا حاديث الشريفة التي تنير المشاركة

تاريخ التسجيل : 07/04/2009

جزاك الله كل خير على هذا الموضوع الذي دفع كثير من الشبهات
تقبل تحياتي

حكم المصافحة عقب السلام من الصلاة

حكم المصافحة عقب السلام من الصلاة

مواضيع مماثلة

مواضيع مماثلة