بسم الله الرحمن الرحيم :
عمرو بن العاص رضي الله عنه وأرضاه
أما الرجل الثالث ، فهو عمرو بن العاص داهية العرب : الذي كان إذا رآه عمر بن الخطاب ، قال : رمينا ارطبون الروم بارطبون العرب .
كان عمرو بن العاص دقيقا قصيرا ، لكن كله عقل وذكاء يتوقد .
وجاء عن عمر انه كان إذا رآه يقول : ليس لأبي عبد الله أن يمشي إلا أميرا .
روي عنه أنه قال : (( بنو العاص مؤمنان عمرو وهشام )) والحديث هذا صحيح
تأخر في الإسلام ، رضي الله عنه و أرضاه ، فرافقه إلى المدينة عثمان بن أبي شيبة ؛ من بني عبد الدار وخالد بن الوليد ، فلما اقتربوا من المدينة ، قال عمرو لهم : دعوني حتى أقدم على الرسول صلى الله عليه وسلم ، فإن لي ذنوبا اعتذر منها .
فتركوه .
فاقبل عمرو ، فلما رآه صلى الله عليه وسلم هش وبش في وجهه ، وقام له فأجلسه بجانبه .
قال : يا رسول الله ، أريد أن اسلم ابسط يدك لأبايعك .
فبسط يده ، فقبض عمرو يده .
قال : (( ما لك يا عمرو )) ؟
قال : اشترط .
قال : (( ماذا تشترط )) ؟
قال : اشترط أن يغفر الله لي ذنبي .
قال : (( أما علمت يا عمرو أن الإسلام يهدم ما قبله وان التوبة تجب ما قبلها )) ؟
قال عمرو : فأسلمت ، فوالله الذي لا إله إلا هو ، ما كان أحد أحب إلي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والله ما ملأت عيني بعد الإسلام منه إجلالا له ، والله لو سألتموني الآن أن أصفه ما استطعت أن أصفه.
فاسلم ، وأصبح من دهاة الناس ، عظيما من العظماء ، ينفع الله به هذا الدين ، ويقود كتائب المسلمين .
وله مواقف مع الرسول صلى الله عليه وسلم .
في ترجمته أن الرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن يتألفه في أول أيام الإسلام ، فخطب فكان ينظر إلى عمرو ولا ينظر إلى الناس يتألفه بالنظر .
قال عمرو : أرسلني صلى الله عليه وسلم في غزوة فأتيت لأتهيأ ، وهو يتوضأ صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله ، أنا لا أريد المال أريد الجهاد في سبيل الله ، فتبسم صلى الله عليه وسلم وقال : (( يا عمرو نعم المال الصالح في يد الرجل الصالح ))
وصح انه خرج في غزوة ، وكان قائدا على ابي بكر وعمر ، وعلى أمثالهما من الصحابة ، فأصابته جنابة في ليلة شاتبة .
فترك الماء ، لأنه ما استطاع أن يغتسل به فتيمم وصلى بهم .
فشكوه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم .
فقال صلى الله عليه وسلم : (( يا عمرو أصليت بأصحابك جنبا )) ؟
قال : يا رسول الله إن الله يقول : ) وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً)(النساء: من الآية 29) يفتي بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم ! .
فتبسم صلى الله عليه وسلم وسكت.
والتبسم عند أهل الحديث : إقرار ، فإذا تبسم صلى الله عليه وسلم ، وسكت فسكوته : إقرار ، : اقره على ما فعل ، رضي الله عنه وأرضاه .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم