المبحث الثالث
مقارنة بين الأموال المعنية عند القائلين
بغسل الأموال وبين الأموال عند الفقهاء
هذه المقارنة ضرورية سيما على المستوى الاقتصادي والدولي والبنوك الإسلامية التي تعنيها الأمر، فقد يفرض عليها بتشريعات وقوانين بضرورة اتخاذ موقف قبل الأموال المودعة لديـها في ظل الخطوات التي تمارسها الدول الآن على المستوى العالمي، وقد تفرض على متلف الدول الخضوع لـها والتقيد بأحكامها.
كما حدث لنيجيريا حيث اضطرت لإصدار قانون لمكافحة غسيل الأموال وذلك قبل يوم واحد لانتهاء المهلة التي حددتـها لـها الدول الصناعية الكبرى لتفادي العقوبات الدولية وقد هددتـها أمريكا بفرض عقوبات ما لم تُصدر نيجيريا قوانينها بحلول 15 من ديسمبر الجاري (الأنباء الكويتية عدد 9561 بتاريخ 17/12/2002م).
وهذا عرض موجز للأموال التي يطالـها مفهوم غسيل الأموال والإجراءات التي تتجه الدول إلى اتخاذها أو اتخذتـها بالفعل.
أما الأموال في عرف المهتمين بقضية غسيل الأموال فهي إضافة إلى ما ذكرنا في مقدمة البحث تعني كما بحثها الدكتور حمدي عبد العظيم أستاذ الاقتصاد وعميد أكاديمية السادات للعلوم الإدارية في كتابه غسيل الأموال في مصر والعالم (الجريمة البيضاء أبعادها وآثارها كيفية مكافحتها) وتضمن الكتاب خمسة فصول، بحث في الفصل الأول العلاقة بين غسيل الأموال والاقتصاد الخفي، وفي الفصل الثاني غسيل الأموال على مستوى العالم، وفي الفصل الثالث غسيل الأموال في مصر، وفي الفصل الرابع الآثار الاقتصادية لعملية غسيل الأموال، وفي الفصل الخامس تحدث عن الجهود الدولية لمواجهة غسيل الأموال، وهو كما يظهر دراسة شاملة لغسيل الأموال مصدرها وآثارها وكيفية مكافحتها، وبينَّ في مقدمة كتابه أن تعبير غسيل الأموال أو الجريمة البيضاء يعتبر من التعبيرات التي تداولت مؤخراً في كافة المحافل المحلية والدولية المهتمة بالجرائم الاقتصادية والأمن الاجتماعي والأمن الاقتصادي باعتبار أن عمليات غسيل الأموال ترتبط إلى حد كبير بأنشطة غير مشروعة عادة ما تكون هاربة خارج حدود سريان القوانين المناهضة للفساد المالي ثم تحاول العودة مرة أخرى بصفة شرعية معترف بـها من قبل نفس القوانين التي كانت تُجرمـها داخل الحدود الإقليمية التي تسري عليها هذه القوانين.
عادة الأموال أو الدخول الناتجة عن أحد أو كل الأنشطة التالية:
أنشطة الاتجار في السلع أو الخدمات غير المشروعة وفقاً لقوانين أو تشريعات الدولة، مثل المتاجرة في المخدرات بأنواعها المختلفة وأنشطة البغاء والدعارة أو شبكات الرقيق الأبيض.
أنشطة التهريب عبر الحدود للسلع والمنتجات المستوردة دون دفع الرسوم أو الضرائب الجمركية المقررة، مثل تـهريب السلع من المناطق الحرة وتـهريب السجائر والسلع المعمرة والسلاح وغيرها.
أنشطة السوق السوداء والتي يتحقق منها دخولاً طائلة للمتعاملين فيها بالمخالفة لقوانين الدولة، مثل الاتجار في العملات الأجنبية في الدول التي تفرض رقابة صارمة على التعامل في النقد الأجنبي.
وكذلك الاتجار في السلع التي تعاني البلاد من نقص المعروض منها، حيث يتجه التجار إلى رفع أسعار بيعها بشكل كبير وبالمخالفة لضوابط التسعير التي تحددها السلطات المحلية.
أنشطة الرشوة والفساد الإداري والتربح من الوظائف العامة، وذلك من خلال الحصول على دخول غير مشروعة مقابل التراخيص أو الموافقات الحكومية أو ترسي العطاءات في المعاملات المحلية والخارجية بالمخالفة لأهم نصوص اللوائح والقوانين.
الدخول الناتجة عن التـهرب الضريبي من خلال التلاعب في الحسابات أو إخفاء مصدر الدخل وعدم سداد الضرائب المستحقة على النشاط إلى خزانة الدولة أو تحويل الأموال إلى خارج البلاد بإيداعها هناك في البنوك الأجنبية.
العمولات التي يحصل عليها بعض الأفراد مقابل عقد صفقات الأسلحة والسلع الرأسمالية أو الاستثمارية أو الحصول على التكنولوجيا المتقدمة أو أية صفقات تجارية كبيرة القيمة.
الدخول الناتجة عن الأنشطة السياسية غير المشروعة مثل أنشطة الجاسوسية الدولي، الدخول الناتجة عن السرقات أو الاختلاسات من الأموال العامة.
الاقتراض من البنوك المحلية بدون ضمانات كافية وتحويلها إلى الخارج وعدم سداد المستحقات للبنوك المحلية، وهروب الأشخاص المقترضين مع أموالهم خارج البلاد لفترات إلى أن تسقط عنهم الجرائم والأحكام بالتقادم.
جمع أموال المودعين وتـهريبها إلى الخارج وإيداعها في البنوك الأجنبية دون وجود ضمانات كافية لأصحاب الأموال، مع قيام الأشخاص الذين يجمعون هذه الأموال إلى عقارات أو محلات تجارية أو غيرها ثم بيعها إلى ذويهم تمهيداً لعودتـها إلى البلاد مرة أخرى في صورة غير مشروعة.
الدخول الناتجة عن النصب والاحتيال المهربة إلى الخارج مثل الاحتيال على الراغبين في العمل في الخارج لقاء مبالغ مقابل الحصول على شهادات أو جوازات مزورة.
الدخول الناتجة عن الغش التجاري أو الاتجار في السلع الفاسدة أو تقليد الماركات العالمية أو المحلية ذات الجودة والشهرة الفائقة، أو تزوير الكتب والمصنفات الفنية الخ.... الدخول الناتجة عن تزييف النقد.
الدخول الناتجة عن تزوير الشيكات المصرفية وسحب المبالغ من البنوك المحلية بشيكات أو حوالات مزورة، أو من خلال تزوير الاعتمادات المستندية المعززة بموافقة البنوك.
الدخول الناتجة عن المضاربة غير المشروعة في الأوراق المالية والتي تعتمد على خداع المتعاملين في البورصات العالمية.
ثم قال: إن كافة الدخول التي تتحقق من الأنشطة السابق ذكرها تعتبر غير مسجلة في الحسابات القومية، ومن ثم يصعب الوصول إلى أرقام حقيقية عن حجمها أو مقاديرها باعتبارها أنشطة تدرج ضمن أنشطة الاقتصاد الخفي أو الاقتصاد السفلي وتمثل الجانب غير المشروع .
وبينَّ المستشار عبد الفتاح مراد المقصود بعبارة غسيل الأموال في القانون رقم
80/2002 بشأن مكافحة غسل الأموال في مصر طبقاً لما نصت عليها المادة الأولى فقرة (ب) بأنـها كل سلوك ينطوي على اكتساب أموال أو حيازتـها أو التصرف فيها
أو إدارتـها أوحفظها أو استبدالها أو إيداعها أو ضمانـها أو استثمارها أو نقلها أو تحويلها أو التلاعب في قيمتها إذا كانت متحصلة من جريمة من جرائم زراعة وتصنيع النباتات والجواهر والمواد المخدرة وجلبها وتصديرها والتجار فيها وجرائم اختطاف وسائل النقل واحتجاز الأشخاص والجرائم التي يكون الإرهاب بالتعريف الوارد في المادة (86) من قانون العقوبات، وجرائم استيراد الأسلحة والذخائر والمفرقعات والاتجار فيها وصنعها بغير ترخيص، والجرائم المنصوص عليها في الأبواب الأول والثاني والثالث والرابع والخمس عشر والسادس عشر من الكتاب الثاني من العقوبات، وجرائم سرقة الأموال أو اغتصابـها، وجرائم الفجور والدعارة، والجرائم الواقعة على الآثار، والجرائم البيئية المتعلقة بالمواد والنفايات الخطيرة، والجرائم المنظمة التي يُشار إليها في الاتفاقات الدولية التي تكون مصر طرفاً فيها- سواء وقعت جريمة غسل الأموال في الداخل أو الخارج بشرط أن يكون معاقباً عليها في كلا القانونين المصري والأجنبي- متى كان القصد من هذا السلوك إخفاء المال أو تمويه طبيعته أو مصدره أو مكانه أو صاحبه أ, صاحب الحق فيه أو تغيير حقيقته أ, الحيلولة دون اكتشاف ذلك أو عرقلة التوصل إلى شخص من ارتكب الجريمة المتحصل منها المال .
وقد عقدت كلية الحقوق- جامعة الكويت- حلقة نقاشية يوم الأحد الموافق
10/5/1998م حول ظاهرة غسيل الأموال وأثرها على الاقتصاد الوطني، شارك فيها عدد من الأساتذة من بينهم عدد حضروا عن البنوك، كما حضر مندوب عن البنك المركزي وتناولوا كل ما يتصل بعملية غسل الأموال وكيفية تحويل الكميات الضخمة من النقد إلى إيداعات أو تحويلها إلى أدوات مالية عاملة أو إلى رؤوس أموال أخرى تدور في الاقتصاد أو أنـها تمر بمراحل ثلاث هي الإحلال والتعتيم والتغطية والدمج.
أولاً- الإحلال: ويقصد بالإحلال تقديم المال في صورة تجارة مشروعة عن طريق خلق نسيج جديد للصفقات النقدية بإيداعات نقدية بنكية أو شراء أوراق مالية.
وهناك إحلال عن طريق استخدام مؤسسات غير تقليدية مثل بيوت الصيرفة سماسرة الائتمان وتجار المعادن النفيسة والكازينوهات وأماكن اللهو بصفة عامة، كذلك من وسائل الإحلال شراء السيارات والمركب والطائرات والعقارات وهي وسيلة تقليدية لغسيل الأموال، ومفضلة لأنـها تحول النقد إلى رأس مال ذي قيمة عالية يستخدم مستقبلاً من خلال عمليات إعادة البيع في عمليات أخرى.
كذلك عمليات تـهريب العملة من بلد الأصل من خلال شركات البرق والبريد الجوي السريع والشركات الجوية الخاصة وعمليات شحن البضائع.
ومن أبرز إجراءات هذه المرحلة اختيار موقع التنفيذ، وهناك أسواق معروفة تقدم تسهيلات وتأمينات لهذا العملية مثل هونج كونج وبنما وجزر الكاريبي.
ثانيا- التعتيم والتغطية: وهي مرحلة تالية للمرحلة السابقة فإذا نجح التاجر في أن يضع أمواله في إطار النظام المالي الدائر ينتقل بعد ذلك إلى الخطوة الثانية وهي المعروفة بالتعتيم وهي مرحلة يتم فيها فصل الدخل عن أصله بخلق طبقات معقدة من صفقات مالية تـهدف إلى إخفاء معالم مصدر المال أو إبعاده قدر الإمكان عن إمكانية تتبع الحركة الحسابية له.
ومن أمثلة التعتيم استخدام أوراق مالية من خلال مؤسسات مالية من السهل تحويلها مثل الشيكات السياحية وخطاب الضمان وأوامر الدفع وشيكات الصرف والأسهم والسندات، وهذه الوسائل تسمح للدخل أن يتحول مرة أخرى أو يودع في مؤسسة وطنية أخرى دون أن يُكشف، وإن رأس المال الذي تم الحصول عليه في المرحلة الأولى يمكن أن يُعاد بيعه أو يصدر والمقابل يأخذ صورة دفع نقدي وهو ما يجعل شخص المشتري أقل وضوحاً ورأس المال أكثر مرونة في الحركة.
ثالثاً- الدمج: وهذه المرحلة تكفل الغطاء النهائي للمظهر الشرعي للثروة ذات المصدر غير المشروع، وبـهذه العملية توضع الأموال المغسولة مرة أخرى في الاقتصاد بطريقة يبدو معها أنه تشغيل عادي لما من مصدر نظيف، ومن أمثلة إجراءات الدمج:
ا) بيع وشراء العقارات بواسطة شركة غطاء تشتري ثم تبيع.
ب) القروض الصورية أو الوهمية، وعادة يلجأ التجار إلى شراء بضائع بأسعار تضخمية والغاسل لا يهمه أن يدفع السعر التضخمي طالما أنه يحصل على بضائع أصلية مطهرة يمكن بصورة مباشرة أن يبيعها.
ج) مشاركات البنوك الأجنبية في عمليات الغسيل.
د) يعرقل مهمة الكشف نظام السرية عمل البنوك مما يحقق تسهيلات لحركة التداول.
ه) تشهد هذه المرحلة صدور أذونات أو تراخيص الاستيراد والتصدير المزيفة
أو الوهمية، وهي تتمم وثائق إيداع الدخول في النهاية في البنوك .
مقارنة وتنظير:
وإذا ما أجريت مقارنة سريعة بشأن الأموال غير النظيفة أو غير المشروعة سالفة البيان وبين الأموال التي بحثها وبينّها الإمام الغزالي في الإحياء يتبين أن كثيراً من هذه الأموال ينطبق عليها الأحكام الشرعية وأنـها تدخل في مفهوم المال الحرام، وبخاصة ما كان مصدره الاتجار في المواد المحرمة كالخمر والمخدرات أو البغاء أو الرشوة أو الاختلاس وتزييف النقد والتزوير والتدليس والغش بكافة أنواعه، وأنـها لا شبهة في حرمتها وأنـها مال خبيث تركها من ورع العدول وأنه لو أخذه كان فاسقاً باقتحامه وتسقط عدالته ويثبت له اسم العصيان والتعرض للنار.
ويُدخل ابن حجر الهيثمي أكل المال بالبيوعات الفاسدة وسائر وجوه الأكساب المحرمة في عداد الكبائر، ويستشهد بقول الله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل .
قال: اختلفوا في المراد به، فقيل الربا والقمار والغصب والسرقة والخيانة وشهادة الزور وأخذ المال بالثيمين الكاذبة.
ونقل عن ابن عباس: هو ما يُؤخذ عن الإنسان بغير عوض، وعليه قيل: لما نزلت الآية تحرجوا من أن يأكلوا عند أحد شيئاً حتى نزلت آية النور ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم إلى آخرها، وقيل: هو العقود الفاسدة.
قال: والجه قول ابن مسعود أنـها محكمة ما نسخت ولا تنسخ إلى يوم القيامة، وذلك لأن الأكل بالباطل يشمل كل مأخوذ بغير حق سواءً كان على جهة الظلم كالغصب والخيانة والسرقة أو الهزؤ واللعب كالمأخوذ بالقمار والملاهي أو على وجه المكر والخديعة كالمأخوذة بعقد فاسد.
قال: وقوله تعالى إلا أن تكون تجارة استثناء منقطع لأن التجارة ليس من جنس الباطل بأي معنى أُريد به. والتجارة وإن اختصت بعقود المعاوضات إلا أن نحو القرض والهبة ملحق بـها بأدلة أخرى، وقوله تعالى عن تراضٍ منكم أي طيب نفس على الوجه المشروع، وتخصيص الأكل فيها بالذكر ليس للتقييد به بل لكونه أغلب وجوه الانتفاعات.
قال: عدّ هذا كبيرة هو صريح ما في الأحاديث وهو ظاهر لأنه من أكل أموال الناس بالباطل.
ونقل عن علماء قولهم: ويدخل في هذا الباب المكاس والخائن والسارق وآكل الربا وموله وآكل مال اليتيم وشاهد الزور ومن استعار شيئاً فجحده وآكل الرشوة ومنتقص الكيل والوزن ومن باع شيئاً فيه عيب فغطَّاه والمقامر والساحر والمنجم والمصور والزانية والنائحة والدلال إذا أخذ أجرته بغير إذن البائع ومخبر المشتري بالزائد ومن باع حراً فأكل ثمنه.
قال: وهذه يؤيد ما قدمته في تفسير الآية من أن الباطل فيها يعم هذه الأشياء كلها وما في معناها من كل شيء أُخذ بغير وجهه الشرعي .
وأدخل في الكبائر الاحتكار وبيع العنب والزبيب ونحوهما ممن علم أنه يعصره خمرا، ولأمة ممن يحملها على البغاء، والخشب ونحوه ممن يتخذه آلة لهو، والسلاح للحربيين ليستعينوا به على قتالنا، والخمر ممن يعلم أنه يشربـها، ونحو الحشيشة ممن يعلم أنه يستعملها، قال: وعدّ هذه السبع من الكبائر، لم أره ولكنه غير بعيد لعظم ضررها مع قاعدة أن للوسائل حكم المقاصد، والمقاصد في هذه كلها كبائر فلتكن وسائلها كذلك.
قال: والظن في ذلك كالعلم ولكن بالنسبة للتحريم، وأما الكبيرة فيتردد النظر فيه، وكذلك يتردد النظر فيما لو باع السلاح لبغاة ليستعينوا به على قتالنا، وفي ذلك بيع الديك لمن يُهارش به والثور لمن يناطح به، فهذه كلها يتردد النظر في كونها كبائر وبعضها أقرب إلى الكبيرة من بعض.
وعدّ من الكبائر أيضاً النجش والبيع والشراء على شرائه والغش في البيع وغيره كالتصرية.
وأجاب وقد سُئل عن اعتياد بعض التجار يشتري الفلفل في ظرف خفيف جداً كالخصف ثم يجعله في ظرف ثقيل نحو خمسة أضعاف الخصف ثم يباع ذلك الظرف وما فيه ويوزن جملة الكل ويكون الثمن مقابلاً للظرف والمظروف، فهل هذا الفعل جائز أو غش محرم يعزز فاعله بما يراه الإمام من ضرب وصفع وطواف به في الأسواق وحبس وأخذ مال إن كان ذلك مذهب الحاكم ذلك؟ وهل البيع صحيح أو باطل، وإن كان باطلاً فهل هو من أكل أموال الناس بالباطل أو لا؟ وهل يجب على ولي الأمر أن يزجر التجار ويمنعهم من ذلك ويعزز من فعل ذلك منهم؟
وقد تضمن السؤال كثيراً من وجوه الغش والتدليس الذي اعتاده التجار إلى أن قال: ولو فتشت الصناعات والحرف والتجارات والبيوعات والعطارات والصياغات والمصارف وغيرها لوجدت عندهم من صور الغش والتدليس والخيانة والمكر والتحايل بالحيل الكاذبة ما تنفر عنه الطباع وتمجه الأسماع، لأننا نجدهم في معاملاتهم كرجلين معهما سيفان متقابلان فمتى قدر أحدهما على الآخر قتله لوقته، كذلك التجار والمتبايعون الآن.
قال: هذا حاصل السؤال وحاصل الجواب أن مسألة بيع الظرف مع ما فيه فاتفق الشافعية على أنه من جهل وزن الظرف على انفراده، فبيع مع مفروقه كل رطل من الجملة بكذا كان البيع باطلاً أنه حينئذ من حيز الغرر، وقد نـهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر، وكذا لو جهل وزن المظروف وحده أو لم يكن للظرف قيمة لاشتراط العقد على بذل مال في مقابلة ما ليس بمال، إلى أن قال: هذا حاصل ما يتعلق بالمسألة الأولى أعني بيع الظرف والمظروف بثمن واحد، وأما ما ذكره السائل في صور الغش الكثيرة من تلك الأمور العجيبة التي لا يُحكى نظيرها عن الكفار فضلاً عن المؤمنين فذلك أعني ما حكى من صور ذلك الغش التي يفعلها التجار والعطارون والبزازون والصواغون والصيارفة والحياكون وسائر أرباب البضائع والمتاجر والحرف والصنائع كلها حرام شديد التحريم موجب لصاحبه أنه فاسق غشاش خائن يأكل أموال الناس بالباطل ويُخادع الله ورسوله وما يخدع إلا نفسه لأن عقاب ذلك ليس إلا عليه.
والجواب طويل استغرق ثلاث صفحات وفيه من الوعيد وإحباط العمل واستحقاق العذاب ما فيه إلى أن قال في آخر الجواب: وإنما بسطنا الكلام عليه رجاء أن يسمعه من في قلبه إيمان ومن يخشى عقاب الله وسطوته ومن له دين ومروءة ومن يخشى على ذريته بعد موته فيتقي الله ويرجع عن سائر صور الغش المذكور في هذا السؤال وغيرها .
وقال القرطبي في قوله تعالى ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بـها إلى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون .
الخطاب بـهذه الآية يتضمن جميع أمة محمد صلى الله عليه وسلم والمعنى:
لا يأكل بعضكم مال بعض بغير حق فيدخل في هذا القمار والخداع والغصوب وجحد الحقوق وما لا تطيب به نفس مالكه أو حرّمته الشريعة وإن طابت به نفس مالكه كمهر البغي وحُلوان الكاهن وأثمان الخمور والخنازير وغير ذلك .
قال: من أخذ مال غيره لا على وجه أذن الشرع فقد أكله بالباطل، ومن الأكل بالباطل أن يقضي القاضي لك وأنت تعلم أنك مبطل فالحرام لا يصير حلالاً بقضاء القاضي أنه إنما يقضي بالظاهر وهذا إجماع في الأموال .
هذا عرض سريع لوجوه التشابه في الأموال غير المشروعة في الشريعة الإسلامية، وما تضمنته التشريعات الحديثة في ما يُطلق عليه غسيل الأموال أو الاقتصاد الخفي، وسيأتي في المبحث التالي ما ينبغي اتخاذه في شأن هذه الأموال في الشريعة والنظم المعاصرة.
المبحث الرابع
في طرق مواجهة الكسب غير المشروع (غسيل الموال)
في شريعة الإسلام والنظم المعاصرة
اتخذ أسلوب مواجهة طرق الكسب غير المشروع (أو غسيل الموال) في الفقه الإسلامي عدّة مظاهر أساسية كفيلة للقضاء عليها، وهي:
المظهر الأول: المظهر التربوي والأخلاقي، فالإسلام ربّى في نفوس معتنقيه أدب الالتزام بتعاليمه والرقابة التي يشعر المسلم من خلالها أن الله مُطّلع عليه لا تخفى عليه خافية ولا يغفل عنه طرفة عين مما يستلزم الخشية منه تعالى والخوف من عقابه، فيعصمه ذلك عن مخالفة شرعه والتزام أوامره، ولكن ليس كل المكلفين على حال واحدة من فعل الطاعة وترك لمعصية بل الناس في ذلك أصناف، فمنهم من يستجيب إلى فعل الطاعة ويكف عن ارتكاب المعاصي وهذا أكمل أحوال الدين وأفضل صفات المتدينين، ومنهم من يمتنع عن فعل الطاعات ويقدم على ارتكاب المعاصي والمخالفات، و منهم من يمتنع عن فعل الطاعات ويكف عن ارتكاب المعاصي.
فإلى مثل هؤلاء شرع الإسلام الرقابة الثانية وهي الرقابة الخارجية وهي المظهر الثاني من مظاهر المواجهة، وتشمل جميع المخالفات سواء ما كان منها متعلقاً بالكسب أو غيره ولكن مواجهة الكسب غير المشروع اتخذ في الإسلام مظهراً أكر وضوحاً وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد شاع استعمال السبة في هذا الجانب، والحسبة هي الأمر بالمعروف إذا طهر تركه والنهي عن المنكر إذا ظهر فعله، قال الإمام الماوردي "ثم أكدَّ الله زواجره بإنكار المنكرين بها فأوجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليكون الأمر بالمعروف تأكيداً لأوامره والنهي عن المنكر تأييداً لزواجره، لأن النفوس الأشرة قد ألهتها عن إتباع الأوامر وأذهلتها الشهوات عن تذكار الزواجر فكان إنكار المجالس أزجر لها وتوبيخ المخالطين أبلغ فيها .
واتخذت الحسبة مظهر الولاية والجهاز الإداري الفعَّال في الدولة نيطت بـها مراقبة الأسواق والأخذ على أيدي المتلاعبين فيه بعقوبات صارمة، وقد تكفلت الكتب التي وضعت في الحسبة قديماً وحديثاً ببيان هذه العقوبات، ويلخص ابن تيمية وظائف المحتسب بقوله: ويأمر المحتسب بالجمعة والجماعات ويصدق الحديث وأداء الأمانات وينهى عن المنكرات من الكذب والخيانة وما يدخل في ذلك من تطفيف المكيال والميزان والغش في الصناعات والبيعات ونحو ذلك.
ثم يأخذ في تعداد بعض الأمور مثل قوله: والغش يدخل في البيوع بكتمان العيوب وتدليس السلع، ويدخل في الصناعات مثل الذين يصنعون المطعومات أو يصنعون الملبوسات أو يصنعون غير ذلك من الصناعات فيجب نـهيهم عن الغش والخيانة والكتمان، ومن هؤلاء الكيماوية الذين يغشون النقود والجواهر والطر وغير ذلك .
وعل كلً فإن كتب الحسبة مثل معالم القربة لابن الأخوة، ونـهاية الرتبة
في طلب الحسبة للشيزري وابن بسام وغيرهم بينّت اختصاصات المحتسب، ولنا رسالة في ولاية الحسبة استوعبنا فيها جميع مسائلها.
ومتن العقوبات التي لولي الحسبة إيقاعها العقوبات المالية، وقد وردت آثار بذلك في بعض الجرائم التعزيرية، فمنها:
ما رواه ابن حكيم عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :"في كل أربعين من الإبل السائمة لبون من أعطاها مؤتجر أقله أجرها ومن منعها فانا آخذها وشطرها ماله عزمة من عزمات ربنا ليس لآل محمد فيها شيء" .
ورُوي أن عمر رضي الله عنه أراق لبناً مغشوشاً.
وأن علياً رضي الله عنه أحرق طعاماً محتكراً بالنار،.وبـهذا أخذ أبو يوسف والإمام مالك والإمام أحمد.
وقال الغزالي: إن للوالي أن يفعل ذلك إذا رأى المصلحة فيه ، وقال: إذا رأى الوالي باجتهاده مثل تلك الحاجة جاز له مثل ذلك، فإن كان هذا منوطاً بنوع اجتهاد دقيق لم يكن ذلك لآحاد الرعية.
وقد أخذ به الإمام الشافعي في القديم وأوجب على من وطئ زوجته الحائض إقبال الدم دينارًا وفي إدباره نصف دينار .
وذهب فريق آخر إلى القول بعدم الجواز وادّعى نسخ العقوبة المالية.
وقد ردَّ ابن القيم قول هؤلاء، وقال: من قال إن العقوبات المالية منسوخة وأطلق ذلك فقد غلط على مذاهب الأئمة نقلاً واستدلالاً، فأكثر هذه المسائل شائع في مذهب أحمد وغيره وكثير منها سائغ عند مالك، إلى أن قال: والمدعون للنسخ ليس معهم كتاب ولا سنة ولا إجماع يصحح دعواهم .
وذكر أبو عبد الله التلمساني في كتابه" تحفة الناظر وغنية الذاكر في حفظ الشعائر وتغيير المناكر" صوراً من العقوبات المالية بعد أن سرد أقوال العلماء، قال: قلت فتحصل من جميع ما تقدم من الخلاف في حكم من اطّلع على غشه فيما عرضه للبيع في أسواق المسلمين إن في إخراج الغاش من السوق غير المعتاد فيه قولان، وإذا أخرج فهل يُضاف إلى ذلك عقوبة في البدن قولان، وهل يتصدق بما غش به وإن كثر أو يباع ما لا يتصدق بعينه ويتصدق بثمنه أو يبقى ذلك كله له أو يتصدق بالقليل دون الكثير
أو يتحرى ما يكون أخذ عوض الغش فيه ممن جهلت عينه فيتصدق بذلك القدر أربعة أقوال .
المظهر الثالث: مقاطعة من يكون كسبه مالاً حراماً وعدم التعامل معه، ولهذا يتفق الفقهاء على أن مستغرق الذمة الذي كل ماله حرام فهذا تُمنع معاملته ومداينته بل يُمنع من التصرف المالي.
يقول الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير: إن من أكثر ماله حلال وأقله حرام المعتمد جواز معاملته والأكل من ماله كما قال ابن القاسم خلافاً لأصبغ القائل بحرمة ذلك، وأما من أكثر ماله حرام والقليل منه حلال فمذهب ابن القاسم كراهة معاملته ومداينته والأكل من ماله خلافاً فالأصبغ المحرم لذلك .
وقال العز بن عبد السلام معاملة من أقرّ بأن أكثر ما في يده حرام، قلنا: إن غلب عليه بحيث يقدر الخلاص منه لم تجز معاملته مثل أن يقرّ إنسان أن في يده ألف دينار كلها حرام إلا ديناراً واحداً فهذا لا يجوز معاملته لندرة الوقوع في الحلال، وإن غلب الحلال بأن اختلط درهم حرام بألف درهم حلال جازت المعاملة لندرة الوقوع في الحرام، وبين هاتين الرتبتين من قلة الحرام وكثرته مراتب محرمة ومكروهة ومباحة، وضابطها أن الكراهة تشتهر بكثرة الحرام وتخف بكثرة الحلال .
المظهر الرابع: التوبة، وهي مظهر من مظاهر التخلص من التبعات سيما عن المال الحرام، قال القرطبي في قوله تعال "إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة"(الآية) ، السوء في هذه الآية والأنعام أنه من عمل منكم سوءا بجهالة يعم الكفر والمعاصي، فكل من عصى ربه فهو جاهل حتى ينـزع عن معصيته.
قال قتادة: أجمع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على أن كل معصية فهي بجهالة عمداً كانت أو جهلاً. وقاله ابن عباس وقتادة والضحاك ومجاهد والسدى.
وقال عكرمة: أمور الدنيا كلها جهالة يريد بـها الخارجة عن طاعة الله.
وقال الزجاج: يعني قوله "بجهالة" اختيارهم اللذة الفانية على اللذة الباقية .
وقال: إن التوبة من مظالم العباد لا تصح إلا برده إلى صاحبه والخروج عنه عيناً أو غيره إن كان قادراً عليه، وإن لم يكن قادراً فالعزم أن يؤديه إذا قدر في أعجل وقت وأسرعه، وإن كان أضر بواحد من المسلمين وذلك الواحد لا يشعر به أو لا يدري من أين أتى فإنه يزيل ذلك الضرر عنه ثم يسأله أن يعفو عنه ويستغفر له فإذا عفا عنه فقد سقط الذنب عنه .
وذكر عن أهل العلم أن سبيل التوبة مما بيده من الأموال الحرام إن كانت من ربا فليردها على من أربى عليه، فإن أيس من وجوده فليتصدق بذلك، وإن أخذه بظلم فليفعل كذلك في أمر من ظلمه، فإن التبس عليه الأمر ولم يدرك كم من الحلال مما بيده فإنه يتحرى قدر ما بيده مما يجب عليه ردّه حتى لا يشك أن ما يبقى قد خلص فيرده من ذلك الذي أزال عن يده إلى من عرف من ظلمه أو أربى عليه، فإن أيس من وجوده تصدّق به عنه، فإن أحاطت المظالم بذمته وعلم أنه واجب عليه من ذلك ما لا يطيق أداءه لكثرته فتوبته أن يزيل ما بيده أجمع إلى المساكين، وإما إلى ما فيه صلاح المسلمين حتى لا يبقى في يده إلا أقل ما يجزئه في الصلاة من اللباس وهو ما يستر العورة وهو من سرته إلى ركبته وقوت يومه لأنه الذي يجب له أن يأخذه من مال غيره إذا اضطر إليه .
ويقول الإمام الغزالي في كيفية خروج التائب عن المظالم المالية أن من تاب وفي يده مختلط فعليه وظيفة في تمييز الحرام أو إخراجه ووظيفة أخرى في مصرف المخرج فلينظر فيهما.
وان كل من تاب وفي يده ما هو حرام معلوم العين من غصب أو وديعة أو غيره فأمر سهل فعليه تمييز الحرام، وإن كان ملتبساً مختلطاً فلا يخلو إما أن يكون في مال هو من ذوات المثال كالحبوب والنقود والأدهان، وإما أن يكون في أعيان متمايزة كالدور والثياب، فإن كان من المتماثلات أو كان شائعاً في كله كمن اكتسب المال بتجارة يعلم أنه قد كذب في بعضها في المرابحة وصدق في بعضها أو من غصب دهناً وخلطه بدهن نفسه أو فعل ذلك في الحبوب أو الدراهم أو الدنانير، فلا يخلو ذلك إما أن يكون معلوم القدر أو مجهولاً، فإن كان معلوم القدر مثل أن يعلم أن قدر النصف من جملة ماله حرام فعليه تمييز النصف، وإن أشكل فله طريقان أحدهما الأخذ باليقين والآخر الأخذ بغالب الظن، وكلاهما قد قال به العلماء .
أما عن المصرف فقال: إذا أخرج الحرام فله ثلاثة أحوال: إما أن يكون له مالك معين، فيجب الصدق إليه أو إلى وارثه، وإن كان غائباً فلينتظر حضوره أو الإيصال إليه، وإن كانت له زيادة ومنفعة فلتجمع فوائده إلى وقت حضوره.وغما أن يكون المالك غير معين وقع اليأس من الوقوف على عينه ولا يدري أنه مات عن وارث أم لا، فهذا لا يمكن الرد فيه للمالك ويوقف حتى يتضح الأمر فيه وربما لا يمكن الرد لكثرة الملاك، كغلول الغنيمة فإنـها بعد تفرق الغزاة لا يقدر على جمعهم، وإما من مال الفئ والأموال المرصدة لمصالح المسلمين كافة فيصرف ذلك إلى القناطر والمساجد والرباطات ومصانع طريق مكة وأمثال هذه الأمور التي يشترك في الانتفاع بـها كل من يمر بـها من المسلمين ليكون عاماً للمسلمين.
وحكم القسم الأول لا شبهة فيه، أما التصدق وبناء القناطير فينبغي أن يتولاه القاضي فيسلم إليه المال إن وجد قاضياً متديناً .
هذه أربعة طرق لمواجهة الكسب غير المشروع أو غسيل المال كما هو التعبير المصطلح عليه أو الاقتصاد الخفي في الشريعة الإسلامية.
ومعلوم أن الطريق الأول والثالث هما وازع ديني يرجع إلى الشخص ذاته، وأما الطريق الرابع فهو رقابة أساسه المجتمع كله، وأما الطريق الثاني فهو الذي يرجع إلى ولي الأمر والسلطات المعنية بوضع تشريعات ملائمة لمواجهة هذه الظاهرة والتغلب عليها، ولهذا نصّ الفقهاء على أن للإمام أن يأمر محتسباً يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر لأن كلمته أنفذ حتى أنه إذا أمر بسنة صار واجباً كما إذا أمر بصلاة العيد، وإن قلنا أنـها سنة فتكون واجبة إذا أمر بإقامتها ، وهكذا في كل أمر جائز إذا أمر به ولي الأمر صار واجباً.
وقد اهتمت الدول والمنظمات العالمية في قضية غسيل الأموال اهتماماً بالغاً، وجاء في الندوة التي نظمها مركز الخليج للدارسات الاستراتيجية في موسمه الثقافي والفكري في 30 أكتوبر 2000م "احتل قضية غسيل الأموال أهمية كبيرة على الساحة الاقتصادية العالمية خلال الفترة الأخيرة إدراكاً من المجتمع الدولي لآثارها السلبية على الاستقرار الاقتصادي وخاصة على مناخ الاستثمار المحلي والدولي، ولذلك تزايد الاهتمام بـها وبسبل مواجهتها من قبل العديد من الدول والمنظمات الدولية والمراكز العالمية الكبرى، حيث تـهدد هذه الظاهرة الاقتصاد العالمي وخاصة العالم النامي ومن بينها الاقتصاديات العربية، وقد تناول عدد من المدعوين قضية غسيل الأموال من حيث انعكاساتها المنية والاقتصادية وطرق التصدي لـها وأرجع بعضهم استفحال مشكلة غسيل الأموال في السنوات الأخيرة على عدد من العوامل هي:
1- بروز ظاهرة العولمة والتي تمثل مناخاً خصباً لعمليات غسيل الأموال.
2- غياب الشفافية في معظم التعاملات التجارية الدولية.
3- اتساع نطاق الدول التي يتم فيها غسيل الأموال أو المرشحة لتكون سوقاً رائجة لذلك في المستقبل.
4- زيادة حجم الاقتصاد الحقي والموازي في هذه البلدان عن نصف الناتج القومي.
5- السياسات التي تتخذها بعض الدول في سبيل تشجيع الاستثمار أو الحصول على الضرائب.
6- استخدام الوسائل التكنولوجية في عمليات غسيل الأموال.
أما المظاهر الناجمة عن عمليات غسيل الأموال فأرجعوها إلى:
ا) تغلغل الجريمة المنظمة بشكل واسع وسريع في الأعمال التجارية.
ب) صعوبة كشف وتتبع الأموال المغسولة نتيجة التطور التكنولوجي وانتشار المعلوماتية.
أما عن الآثار الاقتصادية والاجتماعية الضارة فقالوا أهمها:
1- الإضرار بسعر صرف العملة الوطنية وإضعاف قوتـها الشرائية.
2- السيطرة على السوق المحلي في يد فئة قليلة من أصحاب المشروعات الوهمية.
3- التأثير سلباً على ميزان المدفوعات والميزان التجاري في الدولة.
4- التأثير سلباً على الدخل القومي.
5- انتشار البطالة.
6- التفاوت الاجتماعي بين الطبقات ومن ثم الصراع الطبقي في المجتمع.
وخلص الباحثون على ضرورة اتخاذ الدول العربية الإجراءات الكفيلة بالوقوف في وجه هذا التخل من جانب المنظمات الغربية من خلال العمل على سدّ الثغرات الموجودة في التشريعات القائمة والمنظمة لحركة الاستثمار، بالإضافة إلى أخذ تقارير المنظمات الدولية مأخذ الجد واتخاذ الإجراءات الكفيلة بالرد عليها ومحاولة الوجود الفعلي في هذا المنظمات لعرض وجهات النظر العربية وإظهار خصوصية الاقتصاديات العربية وطبيعة الحوافز الاستثمارية الممنوحة وحدودها.
ويقول الباحث الدكتور حمدي عبد العظيم فيما انتهى إليه في دراسته بالتوصية باتخاذ مجموعة من الإجراءات الضرورية لمكافحة غسيل الأموال في الدول العربية بصفة عامة ودول الخليج بصفة خاصة وهي:
1- أن يحذو مجلس التعاون الخليجي حذو منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في دراسة بعض المعايير التي يمكن تطبيقها للتعرف على أنشطة غسيل الأموال من خلال المؤسسات المالية أو المصرفية الخليجية.
2- تطبيق التوصيات التي وضعتها المنظمة فيما يختص بالتعامل مع الدول التي تعتبر ضمن أماكن التـهرب الضريبي.
3- تطبيق التوصيات الواردة في اتفاقيات الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات خاصة فيما يتعلق بمكافحة غسيل الموال تمهيداً لإصدار قوانين وطنية تحرم هذه العملية.
4- تعاون الانتربول في الدول العربية مع الانتربول الدولي في مجال تسليم المجرمين ومصادرة الأموال غير المشروعة.
هذا ما تيسر لنا جمعه في هذا الموضوع الجديد القديم من ثمرة جهود علمائنا الأقدمين والمعاصرين جزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين.