موضوع: الخطأ الثامن : الخطأ في التعامل مع مسائل الاجتهاد الإثنين يوليو 12, 2010 7:42 pm
الخطأ الثامن : الخطأ في التعامل مع مسائل الاجتهاد وذلك أن هناك مسائل هي مسائل اجتهاد، الأمر فيها سائغ وقد اختلفت الأمة فيها ولا يزال الخلاف فيها إلى أن تقوم الساعة، وحين نعمد إلى تخطئة الناس في هذه المسائل، وربما التشنيع و الإغلاظ عليهم فإن هذا منهج مرفوض وقد تحدث الأئمة عن ذلك في باب الإنكار.قال ابن قدامة : "لا ينبغي لأحد أن ينكر على غيره العملَ بغير مذهبه فإنه لا إنكار في المجتهدات ". وقال الإمام النووي :" ثم العلماء لا ينكرون إلا ما اجتمعت عليه الأمة، وأما المختلف فيه فلا إنكار فيه " . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : " بل المجتهد المخطئ لا يجوز ذمه بإجماع المسلمين " فما بالكم بما هو أعلى من الذم كالاتهام بالضلال والانحراف والخلل في المنهج إلى غير ذلك بحجة أنه خالف في مسألة من مسائل الاجتهاد ـ وقال أيضاً : " مسائل الاجتهاد من عمل فيها بقول بعض العلماء لم ينكر عليه ولم يهجر، ومن عمل بأحدالقولين لم ينكر عليه " . والأقوال عند الأئمة في ذلك محفوظة مشهورة مدونة . إن مسائل الاجتهاد -وهي التي ليس فيها دليل صريح من كتاب الله ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم -لا يسوغ أن ينكر على الناس فيها ونخطئهم ونؤثمهم، خاصةً إذا انطلقوا من خلال اجتهادهم أياً كان هذا الاجتهاد، بل إننا نرى مثلاً أن هناك من يحول بعض مسائل الاجتهاد إلى أصول وإلى منهج، فيقيم الناس من خلاله ويضللهم ويخطئهم ويؤثمهم عليه. ولنضرب على ذلك مثالاً حتى تكون الصورة واضحة : بعض الأخوة العاملين في المراكز الصيفية يقوم ببعض الأنشطة المستحدثة المعاصرة والتي اختلف أهل العلم في حلها وحرمتها، أو مشروعيتها أو عدم مشروعيتها وعل سبيل المثال ( قضية التمثيل وغيرها.. ). ولا نريد أن نخوض في هذه المسائل، لكن أياً كان الرأي الذي نصل إليه فهي مسائل اجتهاد ليس فيها نصٌ صريح، واضح، يقطع بحرمتها، وعدم مشروعيتها، أو يقطع بالعكس. ولئن كان الأمركذلك وتوصلت أنت إلى قناعة تامة أدت بك أن تتيقن في أن قولك حق، فيجب أن تضع في ذهنك وتتصور أن هناك من أهل العلم الذين لا يقلون عنك علماً وورعاً قد قالوا بخلاف ذلك، وهذا لا يعني بالضرورة أن قولهم أصوب منك، لكنه يعني أن القضية دائرة في مجال الاجتهاد، فلماذا تقام معارك حول هذه القضية ونجعلها قضية منهج؟ بل إنك ترى وتجد بعض الناس يجعل أن من منهج الدعوة تحريم التمثيل، أو يقول إن بعض الناس عندهم خلل في منهج الدعوة، ذلك أنهم يقعون في التمثيل إلى غير ذلك، وبناءً على ذلك فلا يمكن لهؤلاء أن يصلحوا الأمة أو يفعلوا خيراً وأنهم آثمون . والحق أنه لا يأثم ما دام قد استند إلى اجتهاد أو فتوى للمعتبرين من العلماء، وغاية ما يقال فيهم أنهم اجتهدوا فأخطأوا وهكذا يكون تحديد مقياس الخطأ . بل هناك من يشن حرباً مثلاً على بعض هذه الأنشطة، ولو ناقشته وجدت أن السبب هو هذه القضية، وقل مثل ذلك في قضايا أخرى، وكلها ناشئة عن ضيق العطن حول مسائل الاجتهاد، وحول التعامل معها. وقد يبحث البعض مسألة من مسائل الاجتهاد ويستقصي أدلتها ؛ فيتضح له أن الأدلة الشرعية تدل على هذا القول، فمن حقه أن يصل إلى هذه القناعة، أو يتبنى هذا الرأي أو يعلنه للناس، لكن ليس من حقه أن يصادر اجتهادات الآخرين ويسفه قناعتهم بحجة أن هذا هو مقتضى الكتاب والسنة، وهذا هو ما تؤيده الأدلة الشرعية فالمعرض عنه معرض عن الكتاب والسنة، والرافض له رافض لسنة النبي صلى الله عليه وسلم وهو إما مقلد أو صاحب هوى. وكم تقذف لنا المطابع ودور النشر من كتاب يبحث مسألة من مسائل الاجتهاد اختلف السلف فيها ولكلِ قولٍ مرجحٌ من الأئمة المعتبرين، فتقرأ في مقدمة الكتاب أو البحث الذي استقصى فيه صاحبه أن هذا البحث جاء ليضع النقاط على الحروف في هذه المسألة المعضلة التي كثر الجدل حولها وطال، ويبحث صاحبنا فيجيّر كل القواعد الحديثية، والفقهية، والأصولية لصالح ما توصل إليه. ونحن لا نعترض أبداً على بحث هذه المسائل والاستقصاء فيها ونقاشها، لكن أن يصور الباحث للناس أن هذا البحث جاء ليقطع في هذه المسألة ويضع النقاط على الحروف، فأظن أن هذا منهج مرفوض. من حقك أن تقضي ساعات طويلة لتقرير قولك؛ بل تؤلف وتناظر عليه، لكن ينبغي أن تحترم اجتهادات الآخرين، وينبغي أن ترى أنه مع ذلك لا تزال هذه المسألة مسألة اجتهاد. وقد نرى الصورة تتكرر في مجال آخر فقد يأتي ـ مثلاً ـ بعض الناس إلى تحقيق كتاب لأحد الأئمة ويرجح مثلاً هذا الإمام ـ كابن القيم ـ قولاً في مسألة اجتهادية تخالف ما يراه الأخ المحقق فيضع حاشية صفحات طويلة يسرد فيها الأدلة ويقرر فيها أن المؤلف وهم رحمه الله باختيار هذا القول، وأنه خالف الصواب، والقضية قضية اجتهاد. وليس من حق المحقق أبداً الاعتراض على هذا الإمام في ترجيحه، والقارئ إنما اشترى هذا الكتاب لأنه من تأليف ابن القيم لا أنه من تأليف فلان من الناس، واقرؤوا الكتب المحققة لتروا مثلاً الكثير ممن يحقق يملأ لك صفحات هائلة في الحواشي في مناقشة المؤلف والإمام في مسألة اجتهادية ربما كان الحق فيها مع المؤلف. وأظن أنه ليس من التوازن العلمي ولا الترشيد في التأليف والكتابة أن تجد في المكتبات الإسلامية عشرات الكتب حول مسألة اجتهادية وربما كانت سنة من السنن، في حين أن هناك قضايا أهم منها تستحق التأليف والجدل والمناظرة ولكنها تهمل وتطوى.
سامي (أبو صدام)
الجنس :
اسم الدولة :
عدد المساهمات : 4382
نقاط التميز : 6353
تاريخ التسجيل : 07/04/2009
العمر : 40
:
موضوع: رد: الخطأ الثامن : الخطأ في التعامل مع مسائل الاجتهاد الإثنين يوليو 12, 2010 9:06 pm
جزاك الله كل خير أخي أبو خالد على هذه السلسلة الطيبة واتلمفيدة
ولا شك أن من اجتهد فأخطأ له أجر على أن لا يخالف نص شرعي
فلا اجتهاد ولا قياس بوجود النص
عمر حاج أحمد
الجنس :
اسم الدولة :
عدد المساهمات : 4250
نقاط التميز : 4915
تاريخ التسجيل : 04/04/2009
العمر : 46
:
موضوع: رد: الخطأ الثامن : الخطأ في التعامل مع مسائل الاجتهاد الثلاثاء يوليو 13, 2010 12:10 am
الله يجزيك الخير أبو خالد ويجعلها بحسنات اعمالك ويجمعنا على اتفاق دائم دون اختلاف لا بمسائل الاجتهاد ولا بغيرها
أنس الحاج أحمد
الجنس :
اسم الدولة :
عدد المساهمات : 3205
نقاط التميز : 4640
تاريخ التسجيل : 07/04/2009
العمر : 50
:
موضوع: رد: الخطأ الثامن : الخطأ في التعامل مع مسائل الاجتهاد الثلاثاء يوليو 13, 2010 1:30 am
بوركت أبو خالد وسلمت يداك الصحابة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلفوا و وأقر النبي الاختلاف فيما بينهم ولم ينكر على أي طرف وكثيرة هي الاجتهادات من الصحابة فابن عباس يخالف ابن عمر أحياناً فاختلفوا في المواريث وفي كثير من المسائل الفقهية أما العقيدة فأصولها ثابتة لا اجتهاد فيها ولا تغيير أشكرك مرة أخرى على هذا الموضوع المتميز وهو شأن جميع مواضيعك
معتـــز
الجنس :
اسم الدولة :
عدد المساهمات : 3946
نقاط التميز : 4979
تاريخ التسجيل : 10/11/2009
العمر : 39
:
موضوع: رد: الخطأ الثامن : الخطأ في التعامل مع مسائل الاجتهاد الثلاثاء يوليو 13, 2010 5:21 am